السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«تتار الشوارع» يحتلون مزلقانات « بنى سويف»

«تتار الشوارع» يحتلون مزلقانات « بنى سويف»
«تتار الشوارع» يحتلون مزلقانات « بنى سويف»




بنى سويف ـ مصطفى عرفة


تعانى بنى سويف خلال الفترة الأخيرة من ظاهرة أطفال الشوارع بثيابهم الرثة الممزقة التى لا تحمى من برودة الجو أو الأمطار بأجسامهم النحيلة من الجوع والبؤس يبحثون عن الأمان المفقود والرعب من المستقبل المظلم حيث تتراوح أعمارهم ما بين 6 سنوات إلى 15 سنة يجتمعون تحت الكبارى وعند مزلقانات السكة الحديد ويستعطفون المارة بمناديل الورق وقراطيس اللب يتوسلون بكل كلمات الاستعطاف بمطاردة مملة لتشترى منهم سواء المارة وراكبى السيارات.
وأثناء مرورى على جامعة بنى سويف وجدت 50 طفلا وطفلة أمام البوابة، تجمع منهم نحو 10 يستعطفوننى بكل كلمات العطف والاسترحام فلم ألتفت لهم ومشيت بضع خطوات وهو يسيرون حولى وعندما رق قلبى لهم أخرجت النقود لهم، فما بهم إلا ردوا على بلا مبالاة «هل تريد مناديل» فأنخرط فى نوبة ضحك شاركنى فيها كل المطاردين مثلى رجالاً ونساء وكان بجوارى سيارة بداخلها سيدة فى منتصف العمر وثلاثة صبية كل واحد منهم يحمل فوطة ويتشاجرون على من يطوق زجاج السيارة رغم صياحها لهم بالانصراف إلا أنهم واصلوا مسح زجاج السيارة  ومدوا أيديهم جميعا وما فتحت الإشارة حتى اعترضوا السيارة وسط ضجيج السيارات واضطرت السيدة راضخة إلى دفع نقود لهم خطفها أحدهم وطارده الآخرون بينما انطلقت السيدة بسيارتها.
أما سليم 15 سنة فمعروف بسليم أبوفوطة بيلمع زجاج السيارات ويعتبر الكومندا بين الأطفال لأنه الأكبر سنا ـ بحسرة قال أبويا مات وطلعت من 4 ابتدائى لأن أخوالى وأعمامى رفضوا دفع مصاريف المدرسة والتحقت بالعمل فى ورشة الخراطة الخاصة بخالى ولكن بعد موت أمى طردنى خالى وأصبحت بلا مأوى واضطرت إلى الخروج للشارع واتعلمت أطوق السيارات من صديق لى وبصراحة بكسب كويس وتركنى لأن الإشارة قفلت وقال لى هتشوف الخناقات على السيارات خاصة سيارات السيدات علشان دول بيدفعوا إنما الرجالة بيطلعوا روحنا.
وكشف معروف أحمد ياسين 15 سنة مأساة أطفال الشوارع فى بنى سويف: ببيع فوط ومستلزمات السيارات فى إشارة مجمع مواقف بنى سويف بعد هروبه من قسوة زوج أمه فى المنيا واتجه إلى بنى سويف يلمع السيارات فى الموقف وينادى على الركاب وأضاف إحنا نحو 12 ولدًا وبنتًا «مجموعة الموقف» بيسرحنا المعلم الكبير وعبثا فشلت فى معرفة شكله واكتفى معلم بيشغل الصبيان ننادى على السيارات ونبيع فوط والبنات بيبيعوا مناديل وفينا شحاتين وحرامية الصبح كل واحد مع نفسه وفى الليل نتجمع ليلا تحت الكوبرى الوسطانى فينا اللى بيشم الكلة ويدخن بانجو وفينا اللى بيمارس أعمال منافية للآداب والشذوذ وبصراحة فينا التوربينى.
الدكتور أحمد حسن أستاذ الطب النفسى بجامعة بنى سويف: مشكلة أطفال الشوارع هى واحدة من أهم المشكلات الاجتماعية الآخذة فى النمو على مستوى العالم وتعد قضية أطفال الشوارع انعكاسا للتغيرات الاقتصادية والسياسية التى طرأت على بنية المجتمع وأثرت فيها اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا مما يستدعى تضامن جهد جميع قطاعات المجتمع لحماية فئة من الأطفال كان مصيرها الشارع وتعد ظاهرة أطفال الشوارع من الظواهر التى تؤرقنا جميعا وتعمل الدولة جاهدة على إنهاء هذه الظاهرة والقضاء على كل المشاكل التى تواجه هؤلاء الأطفال حتى يشعروا بالأمن والرعاية وينخرطوا فى المجتمع كعناصر منتجة وفاعلة ويساهموا فى التنمية والنهضة لهذا الوطن.
وأشار الدكتور محمد على أستاذ علم الاجتماع إلى أن ظاهرة أطفال الشوارع فى مصر تعد بمثابة القنبلة الموقوتة التى ينتظر انفجارها بين حين وآخر وقد جرى استغلالهم من قبل الإرهابيين أثناء تظاهرات فندق سميراميس موضحا أن البحوث التى تجرى على أطفال الشوارع فى مصر تعدد العوامل التى تؤدى إلى  ظهور وتنامى المشكلة ويتفق أغلبها على أن الأسباب الرئيسية للمشكلة هى الفقر، البطالة، التفكك الأسرى، إيذاء الطفل، الإهمال، التسرب من المدارس، عمل الأطفال، تأثير النظراء، وعوامل أخرى اجتماعية نفسية لها صلة بالمحيط الاجتماعى أو شخصية الطفل مثل البحث عن الإثارة.
وتقول دراسة قام بها مكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة فى شمال إفريقيا والشرق الأوسط أن أطفال الشوارع فى مصر يواجهون مشاكل وأخطارًا كثيرة من بينها العنف الذى يمثل الجانب الأكبر من حياتهم اليومية سواء العنف بين مجموعات الأطفال صغيرى السن أو العنف من المجتمع المحيط بهم أو العنف أثناء العمل،  أما سيد رجب وكيل وزارة الشئون الاجتماعية ببنى سويف فرفض الإدلاء بأى تصريحات صحفية طبقا لتعليمات المحافظ مجدى البتيتى واكتفى بقوله ليس لدينا حصر بعدد أطفال الشوارع وأغلبهم من محافظات أخرى ومن يضبط منهم بواسطة الأجهزة الأمنية يتم وضعه فى دور الرعاية الاجتماعية لإعادة تأهيلهم صحيًا ونفسيًا ودينيا لجعلهم مواطنين صالحين.