الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«ماريو روسى» أشهر معمارى لمساجد «القرن 19»

«ماريو روسى» أشهر معمارى لمساجد «القرن 19»
«ماريو روسى» أشهر معمارى لمساجد «القرن 19»




عرض - إلهام رفعت


من كان يتصور أن أهم مساجد القاهرة والإسكندرية وغيرها من مساجد الاقاليم والتى أقامتها وزارة الاوقاف الراعى الاساسى للعمارة الدينية لبناء المساجد وترميمها من تصميم مهندس كاثوليكى إيطالى يدعى «ماريو روسى» والذى قام ببناء العديد من مساجد القرن التاسع عشر وأشهرها أبى العباس المرسى والقائد إبراهيم وعمر مكرم ومسجد بور فؤاد القديم، والكثير من المساجد الاثرية فى عهد محمد على، أما السؤال الآن من هو ماريو روسى المعمارى الذى أعلن إسلامه وأطلق على نفسه اسم أحمد المهدى؟ إنها قصة إنسانية قبل أن تكون بحثا فى تاريخ العمارة الإسلامية المعاصرة حيث إن البعد الإنسانى هو الراسخ والاكثر تأثيرا إذا أردنا أن نتناول المبنى بعين المحلل والمدقق.
فيما يؤكد الباحث أحمد صدقى فى دراسة نشرت بالعدد الاخير من ذاكرة مصر الذى تصدره مكتبة الإسكندرية خرجت مصر بالفعل من عباءة العصور الوسطى إلى دولة قوية معاصرة تبنى مؤسسات حديثة من أول الجيش الى التعليم، والقطاع الصحى والحرف والقائمين عليها وبالطبع العمران لتخلع عنها عباءة سنوات من الركود الثقافى والعلمى بالمقارنة لعالم تصارع مع المعرفة من نهضة الى استنارة ليسبقنا حضاريا ليعى هذا محمد على فى محاولته لبناء الامبراطورية المصرية الاولى فى العصر الحديث، وما واجهه من صراع ومحاولة الخديوى إسماعيل ايضا بالقرن التاسع عشر كمحاولة ثانية، ورغم أن تلك الفترة كسرت فإن المجتمع المصرى دأب على التحضر والتطور مستخدما خبراء من منابع تطور الفكر الإنسانى حينها «أوروبا» وقد لعب الايطاليون دورا كبيرا فى هذا ومنذ البدء أنهم منذ عهد محمد على كانوا متواجدين فى مؤسسات عدة، وأسسوا أرباب الحرف والصناعات والآلات الحديثة حينها، فكانوا أصحاب الحرف والنجارين لموبيليات ومستلزمات وحرف البناء والزخرفة والتى ترسم شخصية العديد من المبانى التى مازالت صامدة من القرن التاسع عشر إلى يومنا هذا.
ومن هنا كان من المتوقع وجود شخصيات مهمة معنية بصناعات البناء والتصميم مثل مهندس الخاصة الملكية فى عهد الخديوى عباس حلمى الثانى «فيروتشى بك» والذى أخذ على عاتقه إنشاء العديد من البلاط المصرى والذى صار اليوم قصورا للرئاسة، مثل قصور منطقة المنتزه بالإسكندرية كما استعان بالشاب الموهوب ماريو روسى لتصميم فيللات راقية مثل فيللا دوس بجاردن سيتى والكلاسيكية الطابع، وبعض الفيللات التى غلب عليها الطراز الإسلامى أو استخدم فى زخرفتها مفردات من العمارة الإسلامية أما التحدى الاكبر فكان فى مسابقة أقامتها وزارة الأوقاف لتعلن عن خلو منصب كبير مصممى الاوقاف المعماريين، وكانت المسابقة عبارة عن تصميم لبوابة الوزارة الجانبية بالقرب من ميدان الفلكى لمبناها الكائن بباب اللوق، وكان على هذا الشاب شرط وهو أن يتخلى عن منصبه واستقراره بوظيفته بالقصور الملكية ليستطيع التقدم للمسابقة مغامرا برزق أسرته الصغيرة والتى كونها حديثا بمصر، ولكنه اصر على هذا ليفوز تصميمه ويكون كبير مهندسى الاوقاف 1929 وهنا تبدأ مرحلة جديدة فى تصميم المسجد المعاصر بمصر والذى تشكلت شخصيته بالفعل ويمكن تقسيم تلك المرحلة من تصميم المساجد فى مصر من خلال أعمال ماريو روسى إلى مرحلتين أساسيتين كما يقول الباحث المرحلة الأولى: كانت بالطبع كلاسيكية تعكس معالجة ناقلة للمفردات المعمارية والزخرفية وبالقطع امتداد لتقاليد أرساها أغلب الدارسين لفنون العمارة الإسلامية وخاصة بمصر تأثرا بالعمارة المملوكية وقمة النسب والتنوع والفن المعمارى المميز لشخصية عمارة القاهرة يتجلى هذا فى تولى روسى لاكمال عمارة وزخرفة وتكملة وتصميم المسجد الاهم على الاطلاق بالاسكندرية، أبى العباس المرسى وعلى حد علمى لم يكن روسى من اختار التصميم المثمن، ولكنه أخذ على عاتقه ذلك التحدى ولكن يصادف المؤرخون مشكلة الشروع فى التصميم ومهمة روسى بالاضطلاع بتكملة هذا المشروع فور التحاقه بالاوقاف أما المرحلة الثانية: من أعماله فقد خرجت من عباءة النقل المباشر، وتزامنت مع ولاية الملك الشاب فاروق، والذى شكل بصغر سنه ووسامته رمزا لبداية فترة وطنية معاصرة حديثة، وقد وجدت طريقها لتظهر بشكل أكثر معاصرة فى تصميمات أكثر الجهات كلاسيكية أى مساجد الاوقاف، ومن هنا بدأ «روسى» فى تغيير أسلوبه الناقل لمفردات العناصر الاسلامية واستخدام العناصر التقليدية بنسبها تجلى هذا فى تبسيط أسلوب الزخرفة وهذا ليتماشى مع طبيعة الخرسانة المسلحة والمواد المستخدمة زخرفيا من حجر صناعى وتدريب العمالة الموجودة على أنماط زخرفية معاصرة لكن بشكل أبسط زخرفى.
لكن لم يقصد «روسى» كما يؤكد الباحث تنميط عمله والدليل انتقاله من مرحلة لأخرى، حيث أجاد وتحكم فى أدواته من كلاسيكية استخدام المفردات المعمارية وتوظيفها فى تشكيل ومساقط مختلفة ثم تحوير وتطوير نسب نفس عناصر المسجد من مئذنة وصحن ومداخل وتشكيل وزخرفة بشكل غلب عليه التجريد والتحوير فى النسب لاتزان الكتلة المعمارية عامة والمئذنة خاصة لتستقر المئذنة علامة عمرانية مميزة للعديد من مساجدنا الاكثر شهرة وبالاخص بالقاهرة والاسكندرية.