الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

إذاعة القرآن الكريم أصبحت خلية لـ«الإخوان» الظالمين

إذاعة القرآن الكريم أصبحت خلية لـ«الإخوان» الظالمين
إذاعة القرآن الكريم أصبحت خلية لـ«الإخوان» الظالمين




كتب: د.عبدالله النجار

كشفت إذاعة القرآن الكريم المصرية عن لون قبيح من الأداء الإعلامى الإسلامى المعهود فيها منذ أن أنشئت فى خمسينيات القرن الماضى حيث خرجت تلك الإذاعة عما عهده المستمعون فيها من حسن الأداء وموضوعيته وتجرده واعتداله إلى لون سيئ من الأداء برهنت فيه على أن الذين يحركون دفة الأداء فى تلك الإذاعة قد خرجوا عن طريقهم المعهود إلى طريق آخر يشوبه العوج، ويلفه الارتياب من جميع الوجوه، حتى كادت أن تعلن عن نفسها بنفسها لما آلت إليه رسالتها الإعلامية، وهى أنها أصبحت بوقا من أبواق تلك الجماعة الظالمة، أو كما يسمى المراقبون أمثالها من الأشخاص الطبيعية والمعنوية حين يطلقون عليها اسم «خلية نائمة»، والخلايا النائمة اسم يطلق ويراد به لون قبيح من النفاق يبدى فيه الشخص الطبيعى أو المعنوى أنه مع مصر فى الظاهر، لكنه يبطن حقدا دفينا عليها، ويتعاطف مع أعدائها والخارجين عليها فلسانه مع مصر، وقلبه وسيفه مع أعدائها.
لقد أسست إذاعة القرآن الكريم فى بدايات النصف الثانى من القرن الماضى، أى منذ قرابة ستين عاما، وقد استطاعت خلال تلك المسيرة المباركة الطويلة أن تقدم خطابا إسلاميا وسطيا وصحيحا ومعتدلا حاز ثقة المسلمين جميعا من أقصى العالم الإسلامى إلى أقصاه ليس على مستوى المستمعين فقط، بل على مستوى جميع علماء الدين الذين تنافسوا فيما بينهم لتقديم أجمل ما عندهم من العلوم الشرعية واللغوية والعقدية التى تخصصوا فيها وكان كل عالم منهم يشعر بالفخر والاعتزاز بنفسه وبما يقدمه فى تلك القناة الإعلامية الإذاعية الراقية، وكانت تلك الإذاعة بفضل الله وبفضل كوكبة الإعلاميين الأفذاذ الذين كانوا يعدون برامجها وموادها وفقراتها على مستوى ثقة العلماء والمستمعين فلم تنحرف ذات اليمين أو ذات الشمال، بل التزمت بالمنهج الوسطى فى تقديم موادها الإعلامية الإسلامية، ولم تشتغل بالسياسة، أو تنحرف عن رسالتها لتأييد فصيل معين أو جهة سياسية معينة وكان دينها الدائم وهدفها المستمر، هو تحقيق رضا الله سبحانه والانتصار لدينه مؤمنة بأن الانتصار للدين هو أساس عزة المجتمع، وارتقاء أحوال المسلمين فى كل مكان من عالمنا الإسلامى المترامى الحدود.
وقد بلغ مستوى جلال رسالة تلك الإذاعة وارتقاء الأداء الإعلامى الإسلامى بها حدا جعل بعض الدول تحذو حذو مصر فى تأسيسها مثل المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ودولة الكويت وغيرها حيث قامت تلك الدول بإنشاء قنوات إعلامية إذاعية إسلامية على غرار إذاعة القرآن الكريم، وكان الرواد الأوائل لإذاعة القرآن الكريم هم المؤسسون إعلاميا وإسلاميا وفنيا لتلك الإذاعات الرائدة فى عالمنا الإسلامى.
ومن نافلة القول: ما يتعين تكراره والتذكير به فى هذا المجال وهو أن إذاعة القرآن الكريم من أكبر القنوات الإعلامية التى تستحوذ على آذان وقلوب وعقول ملايين المستمعين فى مشارق الأرض ومغاربها، فهى من أكثر القنوات الإعلامية إقبالا من الباحثين عن المعلومة الإسلامية الصحيحة، والفكر الدينى المعتدل والفتاوى الفقهية الصحيحة، والأصوات القرآنية الملائكية التى تشق طريقها إلى آذان وقلوب المستمعين فتحدث فيهم من رضا النفس وصفاء القلب وجمال الخاطر، ما هو كفيل بأن يخلق من هؤلاء المستمعين أناسا مسلمين يعرفون دينهم حق المعرفة، ويعبدون ربهم أصح العبادة ويتعاملون مع بعضهم فى إطار مبادئ الإسلام التى تقيم العدل وترسى الأمانة وتدفع الغش والخداع عن ساحات التعامل، وتنشر أسباب السعادة فى الدنيا والفلاح فى الآخرة ولهذا يحرص الكثيرون على الاستماع إليها طوال الليل والنهار ولا يحركون مؤشر المذياع عنها إلى غيرها.
ورغم ذلك المجد التليد، والماضى المجيد، يبدو أن بعض العاملين فى تلك الإذاعة الشامخة قد عز عليهم أن يستمر نجاحها، أو أن تظل متمسكة بمنهجها وأسلوبها الذى لا يعرف الانحراف لتأييد فصيل على حساب أمن الوطن وتمزيقه لخدمة المشروع الأمريكى الصهيونى الذى يستهدف تفتيت دول العالم الإسلامى وإشاعة الفتن بين أبنائها حتى يقضوا على أنفسهم بأنفسهم ويأكلوا وجودهم وتاريخهم وحياتهم، كما تأكل النيران نفسها، وبعد أن يفنوا يحل هؤلاء المستعمرون الحاقدون محلهم فى الاستيلاء على خيرات بلادهم ثم الاستدارة على أبنائهم والأجيال المنسولة منهم ليجعلوا منهم قطيعا بشريا يعيش ليأكل ما ينتجون، ويشترى ما يصنعون، ويستهلك ما يبيعون.
فى الأيام الماضية لم تكد الجريمة الارهابية الأخيرة تقع حتى أقامت تلك الإذاعة مناحة بكل ما تعنيه تلك الكلمة من معنى حتى أن الذين كانوا يتابعون تلك الإذاعة ترسخ لديهم اعتقاد بأنهم أمام خطر داهم لا قبل لأحد بدفعه وأنه لا مخرج منه إلا بالدعاء وراح بعض مذيعى تلك الإذاعة يرددون أدعية بأسلوب يفيد أن كل شيء قد انتهى، وأنه لا ملجأ من الله إلا إليه، وأن مصر باتت قاب قوسين أو أدنى من الضياع، ولم يبق إلا أن يقولوا بلغة الحال التى كادت أن تنطق بها لغة المقال: علينا أن نسلم حتى ينتهى هذا الإرهاب.
لقد كان المذيع يرفع عقيدته بالدعاء: اللهم أنقذ مصر مما هى فيه، اللهم اكشف الغمة، اللهم نجنا من المهالك، وغير ذلك من قبيل هذا الدعاء الذى يعطى مفهوما موجها يعطى عكس المقصود منه، ومن المعلوم أن الدعاء عبادة لكن هذه العبادة يمكن أن تتخذ وسيلة للقتل المعنوى والاحباط النفسى، والإرجاف الوطنى، ولهذا قال الله تعالى: «ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين»، فأشار فى هذا القول الكريم إلى أن الدعاء يمكن أن يكون وسيلة للتعدى، والتشفى والاحباط والارجاف، كمن يرى شخصا منكوبا فيقول له: ربنا يلطف بك، وهو لا يقصد حقيقة الدعاء، بل يقصد الهدم النفسى، ومثل من يرى شخصا موهوما من مرض فيقول له: ربنا يشفيك وهو لا يقصد الشفاء من المرض، وإنما يقصد المرض لا الشفاء، ومثله كمن يقول لشخص: لا شفاك الله، موهما أنه يفصل بين «لا» وما بعدها وهو يقصد الوصل بنفى الشفاء.
وما حدث من إذاعة القرآن الكريم على لسان بعض المذيعين لم يكن دعاء لمصر، بل كان إرجافا وسفها، وأداة لبث الرعب فى قلوب الناس حتى يكرهوا مصر، ويثوروا على الدولة ويخضعوا للذل الذى يريد بعض المجرمين أن يفرضوه عليها، إننى أكاد أجزم بأن إذاعة القرآن الكريم تشهد فى هذه الأيام انحرافا واضحا عن منهجها القديم الذى التزمت به منذ أكثر من نصف قرن، وهو انحراف غير مبرأ من تهمة الانحياز للإرهابيين أنفسهم ومعاونتهم فى نفس الهدف الذى من أجله مارسوا تلك العمليات الإرهابية القبيحة بالمخالفة لمبادئ الإسلام ولجميع أحكامه، ولجميع القيم الإنسانية النبيلة، وهذا الهدف يتمثل فى تحطيم معنويات هذا الشعب العظيم، وإعاقته عن انجاز مهمته التى يعمل من أجلها، وهو أسلوب خائن وقح يعمل لخدمة أهداف تعمل لتحطيم المسلمين ونهب خيرات بلادهم، إذاعة القرآن الكريم أصبحت تعمل بأسلوب خفى لم تقو على إخفاء ما تبدى من مظاهره لخدمة المشروع الإرهابى ويبدو أنها قد أصبحت مع الإرهاب فى خندق واحد، أو فى طريقها لتلك الهاوية السحيقة، أن من يشجع الإرهاب لا دين له، ولا عقل له ولا خلاق له، ومثل هذا الذى فقد كل مقومات الإنسانية والدين والكرامة والخلق لا يصلح لأن يعلم الناس مبادئ الإسلام عبر الإذاعة لأن فاقد الشيء لا يعطيه، نعم قد يصلح مذيعا لكن ليس فى الإذاعة المصرية ولا إذاعة القرآن الكريم، بل مع داعش أو إذاعة داعش فليذهب معهم إلى الجحيم.