الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«الكنيسة» تتنصل من التطرف.. و«تتبرأ» من الأعمال الإجرامية

«الكنيسة» تتنصل من التطرف.. و«تتبرأ» من الأعمال الإجرامية
«الكنيسة» تتنصل من التطرف.. و«تتبرأ» من الأعمال الإجرامية




تحقيق - داليا سمير

التطرف ليست ظاهرة حديثة على المجتمع المسيحى بل ظهر منذ أواخر الأربعينيات، وعلى الرغم من أن الأديان السماوية رسالة سامية تدعو إلى السلام والمحبة إلا أنه وجد بعض المتطرفين فى الفكر المسيحى الذين يدعون للشر، واستخدام العنف، واستعمال السلاح لفرض التقاليد والقيم المتشددة التى تعود للعصور القديمة التى تظهر فى عقيدتها ومواقفها وردود فعلها التى ستكون دائما متطرفة وأرضية خصبة للأفكار المتشددة.
يقول جمال أسعد، كاتب سياسى: إن التطرف بشكل عام هو نظرية استماتية عقلانية فكرية لا ترتبط بدين معين بل وجميع الأديان يرفضه، وإنما يرتبط ببعض السلوكيات الاجتماعية المنحرفة التى تؤدى إلى التطرف فى رفض حياة الآخرين من وجهة نظرهم، وبناء على هذا التعريف يمكن القول بأن هناك بعض الأشخاص والشباب الذين لا يعرفون صحة المسيحية الحقيقية، فضلا على أن المتطرفين ليسوا تابعين لدين معين وإنما أتباع لفكر أنفسهم فقط وأهوائهم الشخصية.


أوضح أسعد أن الدين المسيحى وجميع الأديان السماوية تدعو إلى روح المحبة وأنه عندما يكون هناك مسيحى متطرف إذن هو لا يعتمد على أى قيمة دينية مسيحية وأفكاره خاطئة تماماً ولا تنطبق مع الشرائع السماوية، ناهيك عن أن رجال الأديان الذين يحللون التطرف هم الوباء الذى يطفح على المجتمع، مشيرا إلى أن التطرف يوجد منه نوعان.. إيجابى: الذى يؤمن برفض الآخر ويريد أن يزيله من الحياة، فعلى سبيل المثال المسيحى الذى يرفض أى عقيدة أخرى ويبيح قتله فإن هذا هو التطرف الإيجابي، والنوع الثانى التطرف السلبى: ذلك التطرف الذى لا يتجاوز الأفكار فى حد ذاتها ويرفض جميع الأشياء من جميع الديانات السماوية.
القيم  الإنسانية
وتابع: التطرف بجميع أشكاله الإيجابية والسلبية التى سادت فى مجتمعنا هذا قد انتشرت بالفعل فى كل الأوساط والديانات ولم يقتصر على الدين المسيحى فقط، بل شمل الدين الإسلامى واليهودى معاً وأنه يستوجب علينا فى هذه الحالة أن نقوم بالدور الذى يتوافق مع القيم الانسانية والدينية التى تخرج مجتمعنا منها، وأن نؤمن جيداً بأن الانسان هو الذى خلقه الله وأن الذى أتى بالأديان السماوية أيضا هو الله، فعلينا أن نؤمن بأن الله هو الخالق لكل شىء فى الأرض.
وأشار الكاتب السياسى إلى أن التطرف لم يقتصر على ديانة معينة فى مصر، بل شمل جميع الديانات، منوهًا إلى أن المسلمين والمسيحيين نسيج واحد فى المجتمع المصرى ويكملون بعضهم البعض فى الوطن، قائلا: لا يوجد إنسان مسيحى مؤمن بالديانة المسيحية ومتطرف، وأن هناك أقلية ننتقدها نحن المصريين والأقباط والمسلمين فى تطرفها أو لا تتقن معنى الدين، مشيرًا إلى أن المسيحية تتبرأ من كل متطرف يرفض وجود الإنسان المسلم معه فى الحياة أو الوطن، وكذلك الإسلام أيضا لأن جميع الأديان رسالتها واحدة وقائمة على المحبة والسلام.
وطالب أسعد بأن يقوم جميع رجال الدين المسيحى والإسلامى بضرورة نشر الوعى الثقافى الذى يشدد على ثقافة قبول الآخر، وضرورة نشر تعاليم الأديان الصحيحة وفهم التعايش القائم على المحبة والتعاون لأنها لا تستوى على شخص بعينه وإنما تشمل الجميع بكل أطيافهم.
يقول عاطف بشاى، الكاتب الصحفي، إنه يوجد فصيل معين داخل الدين المسيحى لديه تشدد فى تطبيق ما يتم تصوره عن بعض الأمور الدينية وأن ممارسة أقباط المهجر و38 العمل السياسى وخلطه بالدين ما هو إلا شىء حقير يستنكره الدين المسيحى عامة، مشيرا إلى أن تطرف الفكر المسيحى هو لجوء الأقباط إلى التشدد  فى صياغة العقيدة الذين يجهلونها، علاوة على أن أقباط المهجر تبنوا أفكار حزب طائفى متشدد رغم أنهم فى ذلك الوقت يطالبون بالمرونة فى لائحة قانون 38 الخاص بقضايا الأحوال الشخصية.
لائحة 38
وألمح بشاى إلى أن تشدد البعض فى تطبيق العقيدة حسب ما يتصورونه عن بعض الأمور مناف تماما للعقيدة المسيحية وروح القوانين العامة، مشيراً إلى أن كل من يدافع عن لائحة 38 يوجد لديه تشدد لم يتيح نوع من الإنسانية وعدم المرونة فى الأحوال الشخصية وهذا رد فعل للتطرف لعدم وجود تمييز.
ووصف الكاتب الصحفى التشدد بانه قد يكون التمسك الشديد بالعقيدة ويفرض نوع من أنواع العزلة وعدم التجاوب مع المجتمع وسيادة المخاوف لدى البعض والتحملق والتحوصل داخل دوائر طائفية، ناهيك أن التشدد الدينى ليس تطرف وإنما هو التمسك بالطقوس أكثر من روح الدين نفسه.
وعلى جانب آخر أكد سليمان شفيق، كاتب سياسى، أنه لا يوجد تفسير علمى لمصطلح التطرف لأنه مطاط، وأن التطرف نوعان بدنى وفكرى، إما برفع السلاح رأما بالتشدد فى الفكر الدينى، مشيرًا إلى أن فكرة التطرف عامة غير موجودة لدى الأقباط المسيحيين المصريين وإنه إذا وجد فقد وجد فى أواخر الأربعينيات ومطلع الخمسينيات وأنه منذ هذه اللحظة لم نسمع عنه فى مصر، بينما موجود ومتأصل عند مسيحيى الغرب والدول الأوروبية.
جماعات مسيحية متشددة
وتابع شفيق: إنه توجد جماعات مسيحية متشددة فى العقيدة مثل جماعة الأمة القبطية التى لا تختلف كثيرا عن جماعة الإخوان المسلمين، حيث إنهم يدعون ويقولون: إن الإنجيل دستورنا مثل قول الإخوان إن القرأن دستورهم، وهذا ما يخالف الشرائع الدينية لأن الإنجيل ليس بدستور ولا يصلح التعديل فى نصوص الإنجيل وهذه بقيادة إبراهيم بلال وهذا يعد أول وآخر حادث متطرف ظهر فى المسيحية بالعصر الحديث.
وقال إنه يوجد جماعات متشددة كثيرة داخل الدين المسيحى ومنها جماعة السلفيين المسيحيين المتشددين، وجماعة شريعة الزوجة الواحدة، ولائحة 38 وبعض آخر يوجد لديه نوع من اللامبالاة ويقوم هذا النوع بانتقاد الكنيسة ودورها وانتقاد قداسة البابا والأنبا تواضروس، مطالبا بتوضيح الأفكار والنصوص الدينية جمعيها على الأديان السماوية حتى نتجنب فكرة التشدد الدينى والتطرف والإرهاب الذى يحدثه مدعو الدين.
وعلى صعيد آخر استشهد الدكتور وسيم السيسى، محلل سياسى، بالنص المذكور فى إنجيل متى، الإصحاح 5:39، وهو بهذه الصيغة «سمعتم أنه قيل: عين بعين وسن بسن وأما أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشر بل من لطمك على خدك الأيمن فحول له الآخر أيضا، ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضا، ومن سخرك ميلا واحدا فاذهب معه اثنين»، مشيرا إلى أن بطرس قال للمسيح: كم مرة أسامح ياسيد؟ فأجاب: 70 مرة يابطرس.
الإنجيل نادى بالمحبة
وأشار السيسى إلى أن هذه النصوص من الإنجيل توضح أن روح المحبة والسلام تسود الدين المسيحى وجميع الديانات السماوية، مؤكداً أنه بالرغم من أن الإنجيل نادى بالمحبة إلا أنه يوجد تطرف لدى مسيحيى أمريكا الذين قضوا على 17 مليون هندى أحمر، ولدى انجلترا وتطرفها والمذابح التى أقامتها فى الهند وكان على رأس ذلك الهنود الذين كانوا يعملون على جمع الملح من البحر، مفيداً بأن تطرف المسيحيين لم يمت إلى نصوص الإنجيل عامة.
وشدد المحلل السياسى على أنه لا يوجد تطرف مسيحى لدى أقباط مصر، وذلك لأنهم لم يتبعوا أعمال العنف والقتل ضد المسلمين، علاوة على أن مسيحيى مصر يرون أنهم هم والمسلمون إخوة وأن كل من يدعى الدين ويمارس القتل باسم الدين الإسلامى هم خوارج ودخلاء على الإسلام والوطن ويرونهم وصمة عار على الشريعة الإسلامية والمسلمين الحقيقيين.
وأشار السيسى إلى أن أوروبا لم تكن من الدول المتحضرة وإنما هى الدولة الشريرة التى تريد تصدير الشر والتطرف داخل المجتمعات الدينية، وإنما هى دول تقدمت علمياً وتكنولوجياً فقط، لكن حضاريا فى الحضيض، متسائلا: من الذى قسم الهند إلى الهند وباكستان، وكوريا إلى شمالية وجنوبية، فضلاً على سايكس بيكو 1816، ودمار العراق، وسوريا، وليبيا، من الذى وضع بيضة الشيطان 1928 حسن البنا، التى أفرخت فى العالم كله دماءً وخراباً؟.
وتابع: أيها الأشرار أنتم لا تعرفون عن الحضارة شيئاً، أنتم كذابون منافقون، تزنون الأمور بميزانين، الحضارة هى الضمير، العدالة.. رقة التعامل مع الإنسان والحيوان والنبات، دمرتم شعوباً بأكملها تحت اسم الديمقراطية، أين العراق، سوريا، ليبيا الآن؟
الاعتزاز بروح الشهادة
وقال الدكتور زكى رضا: إن التطرف لم يحدث إلا فى ليبيا وداعش، وأن الشباب المسيحى المصرى من الصعب جدا أن يتجه فكره لأفكار دامية تكاد تودى بحياة الآخرين للموت أو التهلكة، وأن الدين المسيحى دين المحبة والتسامح، حتى التسامح مع الاعداء وأن المسيحيين تعم عليهم الفرحة بشهادة أبنائهم وأنهم دائما فخورون ولديهم الاعتزاز بروح الشهادة حتى ولو قتلوا على أيدى المتطرفين والخوارج، منوها إلى أن المتطرفين يتبرأ منهم دائما الدين المسيحى وأنهم لم يفقهوا أى شىء فى العقيدة المسيحية.
وأشار زكى إلى أن الدين ليس بجماعات وإنما هو رسالة تسامح وعفو وحب بين الناس، إلى جانب أن من يرفض وجود الآخرين هم دخلاء على الأديان وأن الحروب الصليبية المتطرفة كانت هدفها الأساسى الاستيلاء على الأموال واغتصاب الأراضى والسعى للسلطة والسيطرة على البلاد وإنها اتخذت الدفاع عن الصليب ستارًا لها، ولا تعرف أى شىء عن الدين وأن من يخلط الدين بالسياسة فهو متشدد ومن يعارض الكنيسة والبابا تواضروس فهو متطرف متشدد.
وطالب بضرورة الارتقاء بالخطاب الدينى سواء على الدين المسيحى أو الإسلامي، وضرورة تفعيله والاهتمام به خاصة بعد دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسى بتوجيه ونشر الخطاب الدينى الصحيح وحث الشباب على روح الدين الحقيقى المتسامح لدى الجميع حتى ولو كان عدوًا.