الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

إعلام «الكلب مكس».. وعز!

إعلام «الكلب مكس».. وعز!
إعلام «الكلب مكس».. وعز!




كتب: أشرف بدر
ما يحدث على ساحتنا العربية الآن، يذكرنا بقصة «قتل البرغوث».. فبينما كان يجلس الإمام مالك بن أنس رضى الله عنه بالحرم المكى الشربف، جاءه رجل وسأله: هل قتل البرغوث يبطل الإحرام؟ .. فسأله الإمام مالك: من أين الرجل؟
فأجاب: من كربلاء.
فقال له مالك: «يدك ملوثة بدم الحسين وتسألنى فى دم برغوث قاتلك الله»!!
هكذا هو حالنا الآن نتهافت ونهتم بتوافه الامور، ونترك أعظمها.. ففى الأسبوع المنصرم شهد العديد من الأحداث الجلل التى يحتاج كل منها إلى سلسلة مقالات، بدءا من حديث الرئيس السيسى للشعب «بدون وسيط إعلامى» ومرورا باكتمال خروج دولة مبارك من غياهب «طرة» بعد براءة سامح فهمى ونظيف والعادلى، ولقاء السيسى مع رموز إخوانية منفصلة عن الجماعة، ومباحثاته مع ملك الأردن والإعداد للمؤتمر الاقتصادى، وبدء تقسيم اليمن، واستمرار همجية وجاهلية داعش فى العراق وسوريا، وتنصيب حفتر قائدا للجيش الليبى، والزيارة المرتقبة لكل من السيسى وأرودغان للسعودية، ومن قبلهما «تميم» إلى واشنطن.
ولكن إعلامنا المبجل اتخذ من حادثة ذبح كلب «شارع الأهرام «مندبة وفتنة ليمارس هواية سقوطه وإخفاقاته باستضافة مهندسى «الدعارة السياسية» أحمد عز وسما المصرى!!
إن الإعلام المصرى مازال يعانى من انفلات وغياب أى ضوابط تحكمه بعد ثورتى 25يناير و30يونيو، وتحول إلى سلاح قاتل تحركه ميليشيات وإمبراطوريات رجال الأعمال صوب من يمس مصالحها، أو من يدفع أكثر، وإلا بماذا نفسر ظهور أحمد عز فى لقاء «مستفز مقابل بـ«5و5ملايين جنيه» - وفقا لما يتردد - على قناة خاصة !!
بينما الإعلام الرسمى وبعض الخاص والمستقل لا يخلو من تعليمات أمنية واستخباراتية تتحكم فى أخباره وتحليلاته!!
لقد كان اهتمام وسائل الإعلام بفيديو «ذبح كلب الأهرام «مستفزا بدرجة فاقت  لقاء عز وسما المصرى ومسابقات فضائية الـ»mbc مصر»، حتى لو برر البعض أنها تغطيات تلقى الضوء على «ممارسات داعشية» تعلمها المصريون بعد الحادث الهمجى والبربرى بذبح الأقباط المصريين، ولكن جاء ذلك على حساب المهنية والمزاج العام للمواطن المصري، الذى عملت وسائل الإعلام على إفساده وإصابته بأكبر قدر ممكن من الإحباط والنظرة البائسة للمجتمع، حسب وصفه.
إننا بحاجة إلى إعلام لا يقلد نظيره الغربى فى تعمد التضليل والإفساد، وخدمة الأهداف التخريبية والصهيونية والاستعمارية الخبيثة.
وحتى لا يقال اننا نتحدث فى المطلق .. فماذا فعل الإعلام الغربى عندما قام أمريكى بولاية نوث كارولينا بقتل ثلاثة شباب مسلمين؟
 لقد تناول الحادثة «بحياء» شديد، وتم التركيز على الفرضية التى قالتها الشرطة والتى رجحت أن يكون دافع الجريمة هو خلافٌ حول موقف للسيارات!!
وبالطبع تجاهلت أجهزة الإعلام أقوال عائلات الضحايا الذين أكدوا أن الدافع هو «الكراهية» حيث قال والد الضحيتين، أنَّ الجانى قد هددهما من قبل، مبينًا أنه لو كان السبب موقف السيارات لقتل المجرم شخصاً واحداً وليس ثلاثة!.
 ومن قبله عشرات الحوادث المشابهة، نذكر منها تجاهل خبر اعتزام جُندى سابق بالجيش الأمريكى تفجير أكبر مسجد فى مدينة ديربورن - ميتشجن أثناء تجمع أكثر من 500 مسلم فى مراسم دفن، ولكن شاء القدر أن يتم اعتقاله قبل تنفيذ العملية بسيارته الملغمة.. وبعد ضبطه قال القاضى – كالعادة - أنَّ الرجل – روجر ستوكهام 65 عاماً مريضٌ عقليًا، ولهُ سوابق مرتبطة بهذا المرض، وأمر بإطلاق سراحه ليوضع فى «مصحة عامة» طالما ظل يدوام على تناول العلاجات اللازمة!
 ماذا لو كان هذا الرجل مُسلمًا؟ بالطبع كان الموضوع سيملأ دنيا «الإعلام» لأسابيع طويلة وكان سيخرُج علينا مئات المُعلقين والمُحللين يتحدثون عن الخطر الإسلامى الداهم، وعن «الهوية» الأمريكية المستهدفة، وعن .. وعن .. إلخ  
ولقد عبَّرت الكاتبة الأمريكية بموقع «دايلى بيست»، سالى كوهين عن التغطية المتحيزة لحادثة شابيل هيل خير تعبير عندما قالت فى تغريدات لها على تويتر» لقد غطت وسائل الإعلام الأمريكية خبر قيام مسلمين بقتل آخرين فى فرنسا بشكل متواصل لعدة أيام، لكن لا تغطية مماثلة لمقتل مسلمين هنا فى أمريكا».
وأضافت ساخرة (مهاجم إسلامى = إرهابى، مهاجم أسود = بلطجى، مهاجم أبيض = مُجرَّد خلاف على مكان ركن السيارة !!
وقبل أن يتهمنا البعض بأننا من عينة منطق أصحاب عبارة «إيه اللى وداها هناك؟ وهو السؤال الذى أشهره إعلام السلفيين، فى وجه فتاة التحريرالمغتصبة، والذى صار منطق قطاع من المصريين، فاننا ندين ذبح الكلب بهذه البشاعة، ولكن نرفض هذه المزايدة التى امتلأت الصحف والمواقع الإلكترونية بنحو 4 آلاف خبر وتحقيق وتحليل عن مقتل الكلب «مكس» الذى سلمه صاحبه «أوشا» لذابحيه لينجو هو «أوشا» من السجن بسبب ضبطهم له بسرقة محل مجوهرات بصحبة كلبه».
كما نرفض تحويل الإعلام هذا الحادث إلى فتنة ووقفات منددة بدعم وأوامر من منظمات حقوقية، هى فى حقيقة الأمر «دكاكين تبيع كل شىء من أجل أى شىء» وتتجاهل ألوف الضحايا من الشعوب العربية فى سوريا والعراق وليبيا واليمن والصومال، وجعلتنا بلا مشاعر تجاه هؤلاء الذين تحولوا إلى مجرد «أرقام» تمر عبر أخبار عاجلة على شاشات الفضائيات..
لقد بدا جليا أننا نعيش فى غيبوبة إعلام «الكلب مكس»!!