الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مصر والسعودية إيد واحدة

مصر والسعودية إيد واحدة
مصر والسعودية إيد واحدة




كتب: رشاد كامل
«مصر ليست للمصريين، بل لكل العرب العقلاء وليس المغامرين».
هذه الكلمات الرائعة والنبيلة قرأتها للكاتب والإعلامى الكبير الأستاذ «طارق الحميد» رئيس تحرير جريدة الشرق الأوسط السابق، وهذه الكلمات الغالية التى تصدر عن كاتب سعودى كبير القامة والقيمة جاءت فى مقال له عنوانه «استهداف مصر» كتبه فى أعقاب رحيل خادم الحرمين الشريفين الملك «عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود» رحمه الله، عندما راح هلافيت الإعلام والصحافة يروجون بأن السعودية سوف تتخلى عن مصر الحالية وتغير نهجها وستباشر التعامل مع الإخوان المسلمين.
وأضاف قائلا: إن هناك حملة منظمة عسكرية وأمنية وسياسية وإعلامية لاستهداف مصر والتشويش على العلاقات السعودية المصرية، وهى حملة حالمة واهمة، فما تغير على الأرض لا يمكن أن يعود إلى الوراء وقوة التغيير الحقيقية فى مصر هى المصريون وليس الخارج، ويكفى أن نتذكر أن أمريكا نفسها لم تبارك التغيير المصرى الأخير ولم تستطع الوقوف أمامه بسبب وقفة المصريين أنفسهم والدعم السعودى الإماراتى».
هذه السطور المنشورة منذ أكثر من شهر لم تخرس هلافيت المحللين بتوع القرنبيط السياسى وراحوا يلتون ويعجنون فى بلاهة غريبة مريبة عن ابتعاد السعودية عن مصر واقترابها من تركيا.
ومن هنا أهمية ودلالة ما كتبه الأستاذ «طارق الحميد» منذ أيام فى الشرق الأوسط وهو بمثابة صفعة جديدة لمن يحاول اللعب مع الكبار أو حتى التدخل بينهما، عنوان المقال «تركيا والسعودية: حديث جاد».
فى هذا المقال البديع كتب بحروف من نور وحب لمصر يقول: من الصعب فهم الحملات الإعلامية المستمرة والتى تطالب بتشكيل تحالف سعودى تركى الآن، فما هو الأساس لذلك؟! ومتى كان هذا التحالف السعودى التركى حتى يعود؟!
الحقيقة أن التحالف السابق بالمنطقة ودوما كان سعوديا ومصريا، وحاول بشار الأسد من ضمن ألاعيبه الملتوية أن يقحم تركيا بمنطقتنا يوم استغل أردوغان لضرب موقع مصر، وهو ما تفطنت له السعودية أيام الملك «عبدالله بن عبدالعزيز» رحمه الله.
إذا كان الحديث عن مصالح وعلاقات فهذا صحيح حيث يجب ألا تتحول السعودية إلى دولة مقاطعة فهذا لا يشبه السعودية ولا هو قدرها، لكن السعودية لا يمكن أن تحشر بزاوية أيديولوجية وطائفية ضيقة كما حشر البعض نفسه ذات يوم مع حزب الله والإخوان المسلمين!
ويتساءل الأستاذ «طارق الحميد» بمرارة أو سخرية قائلا: فهل يفترض بالسعودية أن تنزل بقدرها لمستوى الإخوان لتضحى بمصر مثلا؟! هذا عبث!! والعبث أيضا أن يقال إنه يجب أن يتم التعامل مع الإخوان كشأن داخلى مصرى، فهل يمكن أن نعتبر الحوثيين شأنا داخليا يمنيا؟! والأمر نفسه بالبحرين وليبيا وسوريا!
وأما فى حال أن يقال أن يكون للسعودية وتركيا دور لتغطية الفراغ الذى تتركه أمريكا بالمنطقة وأمام التغول الإيرانى وفشل العراق بحيث تلعب الدول الإقليمية الكبرى: السعودية ومصر وتركيا دورا فهذا صحيح! لكن هل لدى الأتراك استعداد للعب هذا الدور وإدراك أهمية مصر؟!
هذا هو السؤال حيث لا يمكن ولا يعقل التخلى عن عمقنا الأمنى العربى - أى مصر  - للتقارب مع تركيا هكذا وحسب ما يطالب به البعض فمتى كان هناك تحالف سعودى تركى حتى يُفعل؟!
والسؤال الأهم هنا - مازال الكلام العميق للأستاذ «طارق الحميد»: من هى الدولة الحليفة لتركيا الآن أو بالأمس؟!
لا أحد سوى سوريا الأسد سابقا ويوم كانت أنقرة ترعى المفاوضات السورية الإسرائيلية، وكذلك التحالف التركى القطرى بينما لم نعرف يوما عن تحالف سعودى تركى، أو سعودى مصرى تركى بل إن لـ«أردوغان» تصريحا شهيرا حول التحذير من كربلاء جديدة فى البحرين وقت تدخل قوات درع الجزيرة، ثم نفى التصريح فى عشاء خاص فى مكة المكرمة وقيل إن المقصود بتصريحه هو ليبيا وما علاقة ليبيا بكربلاء أصلا؟!
وعليه فلماذا الدعوة لتحالف سعودى تركى الآن؟! وما هى المصالح؟!
هل تغيرت تركيا؟! الإجابة: لا!! إذن لماذا نهدد مصالحنا ونتغير ومصر هى عمقنا.
ويختتم الأستاذ «طارق الحميد» مقاله البديع بالقول: والمقلق أن من يطالبون الآن بتحالف سعودى تركى هم نفس من كانوا يبررون لحزب الله وحماس والأسد بالأمس، وهم من يطالبون الآن بفتح صفحة جديدة مع الإخوان المسلمين، رغم أن الإخوان مزقوا الدفتر ككل!! فما هو المقصود إذن؟! ولماذا إعلامنا العربى بلا ذاكرة لهذا الحد؟!
وأظن أننى لم أقرأ منذ فترة مقالا عميقا يقطر محبة واحتراما وتقديرا لمصر مثلما قرأت هذا المقال للأستاذ «طارق الحميد».
ولو قرأ هلافيت الصحافة والإعلام هذا المقال لكفوا عن هلاوسهم التى لا تنتهى حول مصر والسعودية أو السعودية ومصر.