السبت 28 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
ويبقى الوطن

ويبقى الوطن






مازال سجل الشهداء وسيظل مفتوحاً، فما حدث فى 30 يونيو كان زلزالاً قوض اساسات حصون الجماعات الإرهابية، بعد أن استوت على العرش ودانت لها السلطة، فراحت تفكك الوطن وتجرف منظومة قيمة الوطنية، فكان ان جرفتها ارادة الشعب بغير هوادة.
كان اختيار النائب العام رسالة تؤكد عداوتهم الدفينة للعدالة والدولة، سعياً للارتداد للعرف والقبيلة، وكان اغتياله حلقة فى سلسلة ممتدة، كانت ابرز حلقاتها اغتيالهم للقاضى أحمد بك الخازندار (22 مارس 1948) وقد قضى بإدانة احد عناصر هذه الجماعة الغادرة، التى اقرت الاغتيال فريضة والتصفية الجسدية فى بشاعة أداة رئيسية فى منظومة ارهابهم، كذلك كان اغتيالهم لرئيس الوزراء احمد ماهر باشا (24 فبراير 1945) ثم رئيس الوزراء محمود فهمى النقراشى (28 ديسمبر 1948)، ويحتشد سجلهم الدموى بما يستعصى على الحصر حتى يصل إلى اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات (29 يونيو 2015) عشية الذكرى الثانية للثورة المجيدة.
ظنى أنهم من حيث لا يدرون استنفروا الحس الوطنى لدى كل المصريين الذين تأكد لديهم صدق اختيارهم بازاحة هذه الفئة الضالة، كان اختياراً لحق مصر فى الوجود، فى اكتشاف مبكر لطبيعة هذه الجماعة، وتأكيد على صلابة مصر، التى يمكن ان تحزن لكنها لا تقبل أن تنهار، تصدم لكنها لا تتفكك، تئن لكنها لا تستسلم.
الأمر يحتاج لثورة تشريعية تطلق يد القضاء فى إعمال العدالة الناجزة، ننطلق بها من تداعيات الثورة الصناعية ورتابة القرنين التاسع عشر والعشرين، إلى تسارعات ثورة المعلومات وانطلاقات ثورة الاتصالات، وقد صار الزمن فيهما أحد أبرز أرقام المعادلة الحياتية، والذى لا يتسق مع بطء الإجراءات، ومماطلات القوانين العتيقة.
وفى نفس السياق اطلاق سراح مسيرة العدالة الانتقالية التى اختزلت فى وزارة تاهت خريطتها، ولدينا من الدراسات والرؤى الموثقة ما يرسم خارطة طريق لتفعيلها، وأبرزها الدراسة الضافية التى قام بها المستشار الدكتور عادل ماجد نائب رئيس محكمة النقض، بل قام بكتابة مشروع قانون للعدالة الانتقالية ينتظر الإصدار.
ويحتاج لاعتماد التخطيط مدخلاً لبناء مستقبل وطن، بإصرار ودأب، وهو أمر يتطلب إعادة هيكلة الدولاب المؤسسى الحكومى والحزبى والدينى، وفقاً للمعايير العالمية التى اخذت بها كل الدول التى اجتازت لحظات انتقالية شبيهة بلحظتنا، وانطلقت إلى آفاق التنمية والتقدم.
ويحتاج إلى ثورة فى ثلاثية التعليم والإعلام والثقافة، بما يتفق وسقف أحلامنا بدولة مدنية عصرية حديثة، ندقق فى عناصرها وكوادرها البشرية وتنقيتها من اختراقات الإرهابيين الممتدة لاكثر من نصف قرن، وهو أمر لا يقبل المواءمات أو المساومات أو تسمية الأشياء بغير أسمائها.
ويحتاج إلى قطع الأذرع السياسية المغذية للإرهاب والمتمثلة فى الأحزاب الدينية المتخفية وراء أوراق ثبوتية تحمل ملامح مدنية بينما تنضح تصريحات وكلمات ودروس وندوات كوادرها بكل ما يؤكد توجهها الدينى بالمخالفة للدستور الذى يمنع ويجرم قيام أحزاب على أساس دينى فى نص صريح وقاطع.
ويحتاج إلى دعم الشباب  بالتصالح معهم بشكل واضح ودفعهم لاقتحام الفضاء الحزبى فهم مستقبل مصر الحقيقى وسر قوتها، وهم أصحاب الثورة الحقيقيون فى موجتيها 25 يناير 2011، و30 يونيو 2013.
ويحتاج أخيراً إلى استكمال خارطة الطريق فى استحقاقها الثالث بانتخاب البرلمان، واللحظة مواتية بعد أن اكتشف الشعب حقيقة هذه التيارات الإرهابية ولن يسمح لها بالقفز على مقاعده، فيستكمل الوطن مساره نحو حياة افضل.
ذهب الشهيد المستشار هشام بركات ليلحق بقافلة الشهداء الأبرار، ويبقى الوطن ليواصل مسيرته منتصرًا للحياة ومحققًا لحلمه فى حياة أفضل، ومتحدياً لكل المعوقات وهازماً لكل قوى الشر المتربصة به.