الأحد 29 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«التبشير» جريمة يفتعلها الظلاميون!

«التبشير» جريمة يفتعلها الظلاميون!






كلما اقتربنا من إعلان اندحار فلول النظامين السابقين زادت وتيرة العنف وسعى تفكيك تحالف 30 يونيو فى محاولة يائسة وبائسة، من كليهما، وإن اختلفت ادواتهما، لكنها تقترب من نهايتها وينعكس هذا على حالة الهوس التى تتلبسهم، وقد وجدوا ان العصب الملتهب الذى يوجع الحس الوطنى هو «الأقباط» وقد كان انضمامهم ودعمهم للثورة دفاعاً عن حقهم فى الوجود الذى كان قاب قوسين أو أدنى من الضياع، على غرار ما حدث لمسيحيى العراق وسوريا.
ومازلنا نذكر هوجة الاعتداء على كنائس الصعيد والمنشآت المسيحية عقب فض اعتصامى «رابعة» و«النهضة» الإرهابيين، ثم جرائم الخطف والقتل التى توالت فى نجوع وقرى المنيا وأسيوط وغيرهما، ثم موجات التهجير القسرى التى قننتها الجلسات العرفية التى هى فى حقيقتها جلسات إذعان تقوض اساسات دولة القانون، ولما لم تجد هذه أو تلك فى فك عرى الاندماج الوطنى، الذى تجدد بشكل مبهر فى شهر رمضان الكريم، على يد الشباب المصرى الصغير، الذى مازال يحتفظ ببراءته وتلقائيته، فى تنويعه على مشهد التلاحم الوطنى الذى جسده ميدان التحرير، حين أقام شباب الأقباط سياجاً بشرياً حول اخوتهم وهم يؤدون صلاة الجمعة، فإذا بهم يقفون فى الشوارع يوزعون التمر والعصائر لحظة انطلاق مدفع الإفطار، وفى تأكيد على أن حراكهم هذا ليس وليد انفعال لحظى أو ادعاء المحبة ارفقوا بها وريقات تحمل آيات من الإنجيل تؤكد أن المحبة والسعى لقبول الآخر من اساسات التعاليم المسيحية.
فإذا بالمتربصين يحتجزون نفرًا منهم ويقتادونهم إلى الشرطة التى تقدمهم للنيابة بتهمة «التبشير بالمسيحية»، وفاتهم أن ما ورد بأوراقهم سبق وردده فضيلة الإمام الأكبر الشيخ الجليل أحمد الطيب فى حديث تليفزيونى مستفيض عن عظة المسيح على الجبل، فى يناير 2012، وتستغرقه المعانى السامية حتى البكاء تأثراً فى صوفية نقية، بل يفرد الدكتور ناجح ابراهيم مقاله فى المصرى اليوم فى 5 فبراير 2014 يحمل نفس المعنى تحت عنوان «مع المسيح عليه السلام نبدأ سوياً»،  فهل يمكن ان نقول فيهما إنهما يسعيان للتبشير بالمسيحية؟
وقد كشف من يقول بالتبشير عن جهل فادح وفاضح بالمصطلحات، فالتبشير هو المقابل للدعوة، ولا يعنى مناهضة الإسلام، بل ويسمى الإنجيل «البشارة»، بل وتكشف هذه الواقعة عن ان اصحابها مازالوا يعيشون خارج الزمن، فالتقنيات الحديثة فى عالم التواصل والمعرفة والعالم الافتراضى، النت وفيس بوك وتويتر وما يستجد توفر للملايين كافة صنوف المعرفة، والنصوص القرآنية والإنجيلية والتوراتية بكل لغات العالم، ومن ضمنها اللغة العربية، فماذا هم فاعلون؟
ولما كانت القاعدة القانونية فى الدستور وفى القانون الجنائى تقول بأنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، فمن الذى اعتبر توزيع آيات من الإنجيل تحض على المحبة والسلام وقبول الآخر جريمة تستوجب العقاب، والإحالة الى النيابة توطئة لتقديمهم للمحاكمة؟
وواقع الأمر أن من اقدموا على احتجاز هؤلاء الشباب واتهامهم ومن قبل هذا مطالبون بتقديم اعتذار للإسلام وللمسلمين لأنهم ظنوا أن بضع وريقات بهذا التوصيف يمكن ان تنال من الإسلام، وأن ايمان المصريين من الهشاشة والضعف إلى درجة أن نخشى عليه منها.
أى سفه هذا وأى سذاجة هذه، ليس لدى تفسير لهذا إلا انه جزء من حراك الذين اضيروا من الثورة التى استردت مصر من سعى الاختطاف، الذى حاولوه، وتحطم على اسوار الثورة حلمهم الأثير بالارتداد من الدولة الى القبيلة ومن التحضر الى التصحر، لعلهم يتذكرون مقولة الشيخ الشعراوى ان مصر صدرت الإسلام حتى للبلاد التى جاء منها، لكن يبقى ان مواجهة هؤلاء وردهم عن غيهم واجب وطنى يستوجب فضح سعيهم لتبقى مصر مهد الأديان وحامية القيم ورمز الوحدة الوطنية.   
انتبهوا أيها السادة.