الأحد 29 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
لا لمحاكم التفتيش

لا لمحاكم التفتيش






كتبت أكثر من مقال فى مقاومة هوجة تعقب وإرهاب من يختلف مع المتطرفين، فيما عرف بقضايا ازدراء الأديان، والذى هو فى يقينى وليس ظنى إعادة إنتاج للمكارثية التى اجتاحت الولايات المتحدة عقب الحرب العالمية الثانية، والتى كانت تطارد وتتعقب وتحاصر المخالفين بزعم أنهم (شيوعيون) ويتزعم تلك الحملة النائب جوزيف ريموند مكارثى (14 نوفمبر 1908 - 2 مايو 1957) النائب الجمهورى فى الكونجرس الأمريكي، وتترصد منهم الذين يعملون فى الدولة ثم تمتد لجميع الرموز الأدبية والفنية والسياسية، لتقديمهم للمحاكمة بتهمة تهديد سلامة البلاد تأسيسا على أن الشيوعية «دين يريد القضاء على المسيحية» وتنتشر فى أجواء ما بعد الحرب وتحت تأثير سيطرة اليمين الراديكالى المتطرف، وتصل الملاحقة إلى الفصل من الوظائف الحكومية التى تطال عشرة آلاف موظف، وتلقى بأكثر من مائتى موظف فى السجون.
وضمت قائمة الملاحقة الزعيم مارتن لوثر كينج والعالم ألبرت أينشتاين والمخرج آرثر ميللر والفنان شارلى شابلن، حتى يكتشف المجتمع الأمريكى زيف ادعاءات مكارثى، التى روج لها بوجود جيش من الشيوعيين والجواسيس، وأن الخطر مزعوم ومتوهم، بفضل تصدى العديد من الكتاب والمثقفين لدعوته رغم سطوته وشعبيته، لينتهى به الأمر منتحرا.
لكن دعوته لم تمت بل تنتقل إلى كل تجمع يعانى من التطرف والوقوع فى قبضة اليمين الراديكالى الرجعى، وتطالنا عبر دعوات تعقب مثيلة وإن اختلفت المسميات، إذ توالت قضايا ازدراء الأديان من فلول الجماعات الإرهابية التى أدركت أن أقصر الطرق لتفكيك تحالف 30 يونيو هو ترويع الأقباط، باعتبارهم أحد أضلاع هذا التحالف، ويتطور الأمر إلى قصر الملاحقة على الأقباط ولى عنق الوقائع لتقع فى دائرة الازدراء على غير الحقيقة، وغض الطرف عمن يمارس ازدراءً موثقا من غيرهم، ونموذجنا الصارخ ما يصدر عن مجلة الأزهر من كتيبات يحررها رئيس تحريرها ويوزعها مجانا مع مجلته، فضلا عن التصريحات التى لا تتوقف من كوادر التيار السلفى وتحتشد بالإزدراء والتحريض والتحقير.
وقبل أسابيع تتكون جماعات شبابية مستنيرة تؤمن بمصر وقيمها وحضارتها، وتؤمن بالحريات المؤسسة لإنسان سوى وفى مقدمتها حرية الاعتقاد، وقيم المواطنة وفى مقدمتها قيمة المساواة، ولا تقبل المساس بالمعتقدات الدينية وترفض المساس بها، باعتبارها مكونا أصيلا فى الشخصية المصرية، وهالها موجات الإرهاب الفكرى والمادى الذى تبنى ملاحقة المختلفين وتقديمهم للمحاكم بتهمة مختلقة أخذت عنوان (ازدراء الأديان) وكانت على الأرض انتقائية وأحادية الاتجاه حتى صارت (تهمة ازدراء الإسلام). ويختار الشباب الواعى المقاوم عنوانا لدعوتهم وحراكهم (لا لمحاكم التفتيش) فى إشارة عبقرية لتلك الظاهرة التى اجتاحت أوروبا فى عصورها الوسطى والتى تتعقب حركة الإصلاح الدينى وكانت أحد عوامل خروج أوروبا من نفقها المظلم.
وفى تفاعل يكشف عن طبيعة المجتمع والشارع والشباب المصرى تتقاطر طلبات الانضمام لدعوة (لا لمحاكم التفتيش) إلى درجة أزعجت اليمين الدينى المتطرف، ويجد نفسه أمام مقاومة شعبية واعية تهدد عرشه وتعلن بناء مجتمع خال من التطرف يرفع راية المواطنة ويرسخ لقيم التعدد والتنوع والانطلاق إلى دولة المواطنة.
فكان أن حركوا كتائبهم الإلكترونية باعتبار أن الفضاء الإلكترونى وعوالمه الافتراضية هى من أهم قنوات التأثير على الشباب ليبثوه دعايتهم المفارقة لحركة التاريخ، ويشككوا فى حركة الخروج بالوطن من نفق التطرف، ويشارك واحد من مواقعهم الإعلامية فى حملة التشكيك فيعلن أن كمال زاخر ينفى توقيعه على وثيقة (لا لمحاكم التفتيش) والغريب أن الخبر المزعوم يورد صورا لى وأنا أوقع الوثيقة مع الإعلامية الشابة بسنت حسن، لكن الموقع يؤكد أنه أجرى معى اتصالا هاتفيا أكدت فيه أننى ضد عقوبة ازدراء الأديان، لنكتشف معا أننا أمام حالة من غياب المهنية وغياب الوعى والتخبط الفادح.
وقد بادرت بالتعليق فى هذا الموقع بكلمات قليلة قلت فيها :
كيف انفى واقعة مثبتة صوت وصورة وكيف أتنكر لقضية حياتى وكيف أتراجع عن هدف استغرق عمرى بجملته، حتى الكذب يحتاج لبعض الجهد ليظهر مرتبا، وقد كتبت أكثر من مقال عن أن تهمة ازدراء الأديان مكارثية جديدة عزيزى صاحب الخبر لن أكلمك عن الضمير المهنى فقد خرج ولم يعد وقد ذكرنى الخبر وصياغته بتعبير السادات الأشهر : متآمر وأهبل!!!
مجددا لا أحد يقبل الإساءة إلى الأديان كل الأديان لكننا نؤكد رفضنا لإلباس الباطل ثوب الحق، والذى يتجلى فى محاكم التفتيش والمكارثية الجديدة.