الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
نادر أبو الفتوح.. فى ذكراه..!

نادر أبو الفتوح.. فى ذكراه..!






حينما كنت طفلا صغيراً بقريتى النائية بشمال دلتا مصر بكفر الشيخ، تلك القرية التى كانت لا تعرف من وسائل الترفيه فى ذلك الوقت سوى الراديو، وكنت مداوما على سماع برنامج «غنوة وحدوتة» الذى كان يبهرنا نحن الصغار بأغنيته الخفيفة الجميلة التى كانت تقول على ما أذكر: «ياولاد. ياولاد.. قولوا معانا.. هتغنى لنا وهتحكى لنا.. أبله فضيلة.. أبلة أبلة.. أبلة فضيلة» والتى كانت هى الأخرى أعنى «أبله فضيلة» تبهرنا بصوتها الساحر، وقدرتها الفائقة على الحكى بأسلوب مشوق وجذاب.. ظللت استمع إلى هذا البرنامج وبرامج أخرى مثل برنامجى «للصغار فقط»، «عالم أطفال» سنوات وسنوات من العمر، وأنا لا أعرف من يكتب هذه البرامج الرائعة والمسلية والمثقفة على الرغم من ذكر اسمه وكنت أتصور أن الذى يكتب ويحكى هى أبله فضيلة، فمن المعروف أنه لا يدخل فى اهتمامات الطفل فى تلك المراحل الأولى من العمر من يكتب تلك الحكايات أو حتى القصص المنشورة فى كتب، إلا بعد أن غادرت مرحلة الطفولة، إلى مرحلة المراهقة، وبدأت تتسع مداركى وتتنوع قراءاتي، وقتها عرفت أن كاتب هذه الحلقات الذى أمتعنا بها سنوات وسنوات هو الكاتب: نادر أبو الفتوح، ولم أكن أتوقع أو يدر بخلدى فى يوم من الأيام أن أكون صديقاً لهذا الكاتب الكبير الذى نذر كل عمره لكتابة الأطفال.
كانت أول علاقتى به فى صيف عام 2003 حينما تولى الفنان عبد الرحمن نور الدين، رئاسة تحرير مجلة قطر الندى، وكلفه وقتها بكتابة باب ثابت للمجلة، واستجاب على الفور، وبعدها بيوم أو اثنين أتى إلى مقر المجلة حاملاً بعض الحلقات التى كتبها للباب الذى أسماه «كلام عيال» ورشح الفنانة الجميلة: ريم هيبة لرسمه، وكان بابا جديداً فى مضمونه على صحافة الطفل، تعرفت إليه فى تلك الأثناء، وظلت تربطنا علاقة حب واحترام وتقدير، جرت فى النهر مياه كثيرة.. ولم يبق الحال على ما هو عليه فقد حدث أن اختلفت مع الراحل ذات يوم فى إحدى الندوات التى أقامتها شعبة أدب الأطفال باتحاد الكتاب، وتوترت العلاقة بينى وبينه لأكثر من عامين، إلى أن جاء فى زيارة إلى مجلة قطر الندى التى كنت أدير تحريرها، لاستئناف بابه «كلام عيال» الذى كان قد توقف لأكثر من عامين، وعندما رأنى أقبل علىَّ يبتسم وراح يتأسف عما بدر منه تجاهي، وقتها خجلت من نفسي، وتمنيت لو كنت أنا الذى قد بدأت الصلح.. وظلت علاقتنا طيبة إلى أن علمت بخبر وفاته.. وقلت بينى وبين نفسى لعله كان يشعر بدنو أجله فأراد أن يتصالح مع الدنيا، ليقابل وجه كريم، وهو خالى الوفاض إلا من تاريخه المشرف وإبداعاته الثرية التى علمت أجيالا وأجيالاً وما زالت حتى الآن.
رحم الله العم نادر أبو الفتوح وأسكنه فسيح جناته.. الذى رحل عن عمر يناهز الرابعة والسبعين، فهو من مواليد المنصورة عام 1935، وتدرج فى التعليم حتى حصل على ليسانس الآداب قسم صحافة من جامعة القاهرة عام 1964، وتدرج فى المناصب حتى رأس قسم الصحافة بالمجلس الأعلى لرعاية الشباب، وأشرف على البرامج الاجتماعية بتليفزيون دبي، وشارك فى العديد من المؤتمرات والندوات التى أقيمت عن الطفل منذ عام 1968 وحتى رحيله، وقد كرس حياته الإبداعية فى الكتابة الإذاعية والتليفزيونية للأطفال بدأها عام 1964 ببرنامج «للصغار فقط» بإذاعة الشرق الأوسط، وتبعه ببرنامج «غنوة وحدوتة» وبرنامج «فانتستيكا» والعديد من الأعمال التليفزيونية للأطفال مثل: عروسة المولد، مشمش وعرفان، بيب بوم، صاحب السعادة الطفل، على ورق الفل، ألوان، سبع سبعات، قشة فى عشة.. وغيرها الكثير، وقد حاز العديد من الجوائز فى مسابقة الإذاعة والتليفزيون، وحاز جائزة الدولة التشجيعية فى الآداب.