الجمعة 26 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الأسس القانونية والوطنية لنصر أكتوبر 1973

الأسس القانونية والوطنية لنصر أكتوبر 1973






ونحن نحتفل بالذكرى 46 من حرب أكتوبر المجيدة 1973 الذى حققت فيه قواتنا المسلحة المصرية الباسلة نصرًا خالدًا على إسرائيل ، وقبل أن يُرخى شهر أكتوبر سدوله .. فإنه يعنينى إماطة اللثام عن الأسس القانونية والوطنية لهذا النصر المؤزر ، بعد حرب خاضتها مصر مع إسرائيل التى انتهكت حدودنا الشرقية فى عام 1967 باحتلالها شبه جزيرة سيناء ، وإقامتها سدًا منيعًا أسمته خط بارليف على طول قناة السويس.
 فمن القواعد المستقرة فى القانون الدولى العام أن الاحتلال لا ينهى حالة الحرب الهجومية، وإنما يعد هذا الاحتلال مرحلة من مراحل النزاع المسلح فلا ينتهى النزاع به ويظل الاحتلال جريمة عدوان ، وتطبيقًا لذلك فإن  حرب أكتوبر التى فُرضت على  مصر ، تجد سندها القانونى  فى القرار رقم 242 الصادر من مجلس الأمن الدولى فى أعقاب  الحرب العدوانية من إسرائيل عام 1967، القاضى بانسحاب إسرائيل من كافة الأراضى المحتلة  إلى حدود 4 يونيه1967.
ويمكننا رصد عدد من الأسس القانونية والوطنية المضيئة لهذا النصر المجيد الذى تحقق بسواعد مصرية؛ قيادةً وجنودًا، وتخطيطًا وأداءً ، ومنهجًا وفكرًا .. أثبت للعالم كله براعة المصريين فى كافة مراحل تلك الحرب الفاصلة الخالدة، من أهمها:
أولا : تُلزمُ المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة الدولَ الأعضاء بأن يمتنعوا فى علاقاتهم الدولية عن استخدام القوة أوالتهديد بها ضد سلامة الأراضى أوالاستقلال السياسى لأية دولة ، ويؤكد الميثاق كذلك ضمان سلامة  تلك الأراضى ، كما عرفت الجمعية العامة للأمم المتحدة  العدوان بأنه استخدام القوة المسلحة من جانب دولة ضد سيادة ووحدة الأراضى الإقليمية والاستقلال السياسى لدولة أخرى أوبأية  طريقة لا تتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة بما مفاده عدم شرعية الاحتلال الحربى طوال فترة بقاء المحتل فى الأراضى المحتلة .
ثانيا :  نظرية البطلان – وهى قاعدة قانونيـة معروفة فى كل التشـريعات الوطنية والدولية – تقرر أن ما بنى على باطل فهوباطل ، وإذا كانت الحرب الهجومية التى قامت بها إسرائيل فى يونيه 1967 عملا باطلا ، فإن كل ما يترتب عليها مهما طال الزمن يكون باطلا كذلك، كما أن القاعدة المعروفة فى القانون المدنى المقارن أنه لا يجوز للملوث أن يستفيد بتلوثه ، فإن المعتدى - وهوفى حكم الملوث - لا يجوز قانونًا أن يستفيد من هذا التلوث باحتلال أرض الغير بالقوة المسلحة، كذلك فإن ثمة قاعدة أخذت مكانًا فى القانون الدولى تقضى بأن الحرب لا تخلق حقوقًا  وأنه لا ثمار للعدوان No fruits for aggression وهذا يقتضى القول إن العدوان لا يولد الحق القانونى فى الاحتلال ، كما يعد الاحتلال حالة واقعية مادية  وليس حالة قانونية، وهذا يعنى عدم إضفاء المشـروعية على هذه الحالة.
ثالثا : أثبتت معركة أكتوبر أنها احدى أشرس المعارك بين المخابرات المصرية والمخابرات الإسرائيلية‏،‏ انتصرت فيها المخابرات المصرية‏،‏ وأفقدت العدو توازنه‏،‏ ذلك ان نجاح القوات المصرية فى تحقيق المفاجأة الاستراتيجية كان نتاج اجراءات الخداع الاستراتيجى‏،‏ بما فى ذلك تسريب معلومات مضللة وإرباك القوات الاسرائيلية، أدى إلى رفع حالة الطوارئ واستغلال فترة عيد الفصح اليهودى‏،‏ كما استفادت خطة الخداع الاستراتيجى المصرية من حالة الاستخفاف الشديد التى كانت الاستخبارات الإسرائيلية تنظر بها الى قدرات قواتنا المسلحة وقد حققت كافة هذه الإجراءات دورها بنجاح مذهل فى خداع إسرائيل ‏،‏ مما أكد التطور فى وسائل الاستطلاع والمخابرات لايقلل من إمكانية تحقيق المفاجأة الاستراتيجية فى الصحراء والأماكن المكشوفة‏.‏
 خامسا: هيأ نصر أكتوبر البيئة المناسبة للإصلاح الاقتصادى والاجتماعى فانطلقت حزمة التشريعات الاقتصادية والاجتماعية وتبعتها اجراءات تنفيذية دءوبة من أجل اعادة البناء الداخلى وتهيئة أنسب الظروف للعمل والانتاج‏،‏ كما فتح النصر الطريق الى السلام والاستقرار وبالتالى بات الاصلاح المستمر هوالطريق الوحيد لتأمين حقوق الوطن والمواطن‏.‏
لقد علمتنا حرب أكتوبر أن تحقيق الأهداف الكبيرة يقوم على احترام النهج العلمى والأداء الوطنى والقبول الشجاع بالتضحيات الجسام.. أفرزت روحًا سرت فى وجدان الأمة تمنحها الثقة وتعطيها القدرة على مواجهة أعتى التحديات.
                                           
وبالقانون تحيا مصر ،،