
ابراهيم خليل
مصر الجديدة
اليوم.. بإمكان كل مصرى أن يرفع رأسه، بعد أن استرد كرامته وكبرياءه رغم المآسى والهموم التى حلت به طوال عام ونصف العام، رفض فيها كل الجور والظلم ولم يستسلم للواقع.
اليوم.. استرد المصريون كرامتهم وكبرياءهم من خلال أولى ثمرات ثورة 25 يناير وهى عرس الديمقراطية الذى نعيشه اليوم.
سيقوم الكثيرون بالقفز على هذه الانتخابات من أعضاء الثورة المضادة وذلك بالتشويش عليها، وقد باشروا هذا الأمر منذ بدء عملية التصويت بالعديد من المحاولات والتى تمثلت فى إطلاق الرصاص على بعض الجنود فى شبرا واطلاق الشائعات وتجنيد بعض الجرائد الصفراء التى تصدر من تحت بير السلم، لإصدار أعداد خاصة تطبع فقط وقت الانتخابات لتشويه المنافسين أو الاتصال ببعض المرشحين والادعاء أنهم يتصلون من المكتب الخاص بالمشير، واملاء مطالب خاصة سواء تتعلق بالأمور العامة أو الظهور على الشاشات والفضائيات، وسرعان ما يكتشف المرشحون أن مكاتب المسئولين لم تقم بالاتصال أو المطالبة بأية مطالب، وهو ما حدث مع المستشار البسطويسى حيث تلقى اتصالا تليفونيا ادعى فيه المتحدث أنه من مكتب المشير طنطاوى، وطلب منه على لسان المشير بعدم الظهور فى إحدى الفضائيات.
وفى هذه الأجواء وبحكم عمل المستشار البسطويسى كقاضٍ تحقق من واقعة الاتصال واكتشف أن هذه المكالمة هى من أعمال التشويه والتعطيل لأى عمل إيجابى بغرض محدد هو تشويه صورة المجلس العسكرى أو رئيس المجلس العسكرى.
وباءت بالفشل كل هذه المحاولات عندما اصطدمت بالواقع الحقيقى الذى دائما وأبدا يتسم خلال هذه الفترة بالشفافية والموضوعية ولم تنطل على الشعب الحالم بعد أن رأى بملء عينيه، ما وعد به. إن كل عوامل التقدم والنجاح قد بدأت تقترب من التحقق، تكفى المقارنة بين ظروفنا منذ عام وما حدث خلال الساعات الماضية.
بدأ المصريون يستنشقون الربيع المصرى، وبمقدار ما كانت الظروف اليوم ملائمة ومبهجة لكل المصريين، بمقدار ما هى سيئة بالنسبة إلى قوى الثورة المضادة سواء كانوا من فلول الحزب الوطنى الذين ارتكبوا الكثير من أعمال الفساد والإفساد أو الذين كانوا يبشرون بالفوضى أو الحرب الأهلية، متناسين أن المصريين يربطهم رباط واحد من قدم الدهر، وهو نهر النيل الذين قاموا بتهذيبه وتطويقه لخدمتهم وترابطهم.
البلد اليوم أمام صورة جديدة يظهر فيها كل المصريين باختلاف انتماءاتهم السياسية والدينية ملتفين حول هدف واحد هو صندوق الانتخابات، الذى بدوره سيفرز المستقبل.
وتأتى الانتخابات الرئاسية فى وقت بدأ الناس يتنفسون الأمل، بأن السنوات العجاف قد ولت، وأن فجر الربيع المصرى أخذ فى الاتساع، وأن كل محاولات وأد الكبرياء والطموحات للناس قد انتهت إلى غير رجعة، لقد استعملت كل أساليب التهديد والتهويل والفوضى ولم تخرج بأية نتيجة، وها هى الانتخابات تتم اليوم فى أجواء من الموضوعية والشفافية أمام كل مراسلى العالم وتحت الرقابة الدولية، ولم يتم تسجيل أية مخالفة ارتكبها الجيش المصرى، سواء داخل أو خارج اللجان بالانحياز لمرشح ضد آخر، بل كل ما كان يقوم به هو مساعدة وتهيئة كل الأجواء لخدمة أبنائه وأخواته وأمهاته وآبائه لتأدية واجبهم الوطنى على أكمل وجه.
لا أحد يستعجل الديمقراطية إلا الناس، الكثير من المسئولين والسياسيين يأخذون كل وقتهم فى التباعد والتمهل والتباطؤ، وكأن الدنيا بألف خير، ولا شىء يستدعى الاستعجال فى استرجاع هيبة الدولة ووأد الانفلات على كل أوجهه، ولا شىء يستدعى الاستعجال فبينما الناس يكتوون بنار وعجز السلطة التنفيذية والانفلات الأمنى والاخلاقى.
اليوم اهتزت الدنيا كلها بزلزال الديمقراطية المصرى الذى ضحى من أجله أكثر من 1500 شهيد هم وقود ما يجرى من انتخابات رئاسية تحدث لأول مرة فى مصر والمنطقة العربية منذ 8 آلاف عام ليكون هناك شىء واحد تلتف حوله جموع المصريين وهو مصر حرية الاختيار.. مصر الإرادة.. مصر الكبرياء.. مصر الجديدة..