
ابراهيم خليل
عقد جديد أو الطوفان
دخل الوضع الرئاسى الجديد الذى حصر المنافسة بين الفريق أحمد شفيق والدكتور محمد مرسى ما يسمي «باللغز» او كما يقال فى العلوم العسكرية «فك الشفرة» فلم يعد مفهوما ماذا يجري، كما لم يعد معروفا ما إذا كانت نتيجة الانتخابات من شأنها اشعال موجة تصعيد جديدة.
وإذا أردنا تحليل ما جرى نجد أن الإخوان هم الذين كان لهم الدور البارز والقوى فى نجاح الفريق أحمد شفيق للوصول إلى جولة الإعادة فى انتخابات الرئاسة، وذلك بتكويشهم على كل شيء «مجلس الشعب واللجنة التأسيسية للدستور ودخول انتخابات الرئاسة وإصدار الكثير من الوعود بدون أن يتحقق منها أى شيء».
فى نشوة انتصار الإخوان بعد حصولهم على الأغلبية البرلمانية أصابهم التعالى والزهو، الأمر الذى أوجد غمامة سوداء على عيونهم فلم يروا إلا أنفسهم ورتبوا المصالح بأن تكون مصلحة الجماعة فوق مصلحة الوطن وأهانوا الثوار بالتباعد والتعالى عليهم عن طريق التكويش على كل السلطات وعدم إتاحة الفرصة لهم بتمثيلهم فى انتخابات مجلس الشعب أو اللجنة التأسيسية للدستور أو حتى التحالف وتجميع كل القوى السياسية لتصعيد أحد الثوار ليكون رئيسا للجمهورية.
النتيجة أن الكل تباعد عن الإخوان، لذلك كان النتيجة دخول شفيق الإعادة، هذا ما حدث على أرض الواقع.
إن محاولة وضع خارطة طريق لمعالجة ما جرى فى الفترة السابقة لم يعد يحتاج تفسيرا فلقد سلم الإخوان الثورة إلى أعدائها، وأدى نفور الناس إلى الاختيار الصعب وهذا منطقى حتى لا تقع جميع سلطات الدولة فى أيدى الإخوان.
البلد يحتاج إلى خارطة طريق للخروج من هذا المأزق سواء من جانب شفيق أو الإخوان، المطلوب الآن عقد سياسى جديد تلتف حوله كل القوى السياسية ليكون ملزما بتنفيذه سواء كان أحمد شفيق أو د.محمد مرسى، وفى حالة عدم تنفيذه من أى من الطرفين لا يكون وجوده شرعيا ومن خلال هذا العقد يختار الناس من يستطيع أن ينفذه بالسرعة الفائقة ويتجاهلوا من يرون أنه سيتباطأ أو لا يستطيع تنفيذ العقد، وعلى هذا الأساس يتم الاختيار، وتكون خلفية الاختيار هى السمعة فى تنفيذ الوعود وعدم التلاعب عن طريق التأجيل أو التبرير حتى يطمئن الناس، السؤال الذى يطرح نفسه.. من هو المخول بوضع هذا العقد الجديد وفى خلال أسبوع أو عشرة أيام.. شفيق أم الإخوان؟ الجواب بسيط جدا وجسامة الأحداث تسقط مقولة إن شخصا وحده أو إرادة وحدها قادرة على وضع العقد الجديد، فالوضع الآن فى مصر بلغ درجة كبيرة من التعقيد وبات الأمر يستدعى تكاتف الجميع دون استثناء.
ودون مغالاة.. البلد الآن يشبه السفينة التى تغرق وفى حالة غرقها لن ينجو أحد سواء من الإخوان أو الفلول أو الثوار.
إن المسئولين والسياسيين يجب أن يضعوا نصب أعينهم ضرورة الاتفاق على هذا العقد باعتباره الفرصة الأخيرة بعد أن أصبح الاختيار الأخير أن يقضى على البلد، فيما المرشحون متلاهون بتسجيل النقاط والأصوات ضد بعضهم البعض بدلا من توحيد جميع القوى السياسية حول بناء وتأسيس العقد الملزم سواء لأحمد شفيق أو د.محمد مرسى ويكون هذا العقد نواة للدولة المدنية الحقيقية التى تتيح بدورها جميع الحقوق والواجبات لجميع الناس بدون وصاية سياسية أو دينية من جماعة او حزب.. ولكن إذا بقى الوضع على هذه الوتيرة من التدهور فإنه لن يعود فى البلد ما يستدعى أن يختلف السياسيون والإخوان والأحزاب والثوار عليه.