الأزهر ينتهى من مشروع قانون للأحوال الشخصية

صبحى مجاهد
كتب - صبحى مجاهد
كشف الأزهر الشريف عن قرب انتهاء اللجنة التى شكلها د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر، من صياغة مشروع قانون متكامل لقضايا الأحوال الشخصية، الذى يجمع لأول مرة، أحكام الأحوال الشخصية والأسرة الموزعة على عدة قوانين، فى إطار نسق قانونى واحد، يتسم بالشمولية والتجانس.
وعقدت اللجنة منذ بدء عملها فى أكتوبر 2017، أكثر من 30 اجتماعًا، انتهت خلالها من صياغة العديد من مواد القانون، على أن تتم إحالة نصوص القانون عقب الانتهاء من صياغتها إلى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف لمراجعتها وإقرارها، ليأخذ مشروع القانون بعد ذلك مساره القانوني، وفقا للإجراءات المنظمة لذلك.
وترأس الإمام الأكبر الاجتماع الأول للجنة، والذى عقد فى نهاية أكتوبر 2017، حيث وضع الخطوط العريضة لعمل اللجنة، مشددًا على ضرورة أن يتضمن مشروع القانون: آلية محكمة لتنفيذ الأحكام القضائية الخاصة بقضايا الأسرة، ومراعاة تقديم نفقة عادلة للمرأة فى حالة الانفصال؛ بما يضمن رعاية جيدة للأطفال، ووضع نصوص محكمة للالتزام بضوابط الحضانة ، ومعالجة المشاكل الناتجة عن تعدد الزوجات، وضبط الحقوق والواجبات المترتبة على الطلاق.
وكان الإمام الأكبر قد أصدر قرارا فى 18 أكتوبر 2017 بتشكيل اللجنة؛ على أن تضم: د. شوقى علام، مفتى الجمهورية، ود. عباس شومان، وكيل الأزهر السابق، و المستشار محمد الدكروري، الخبير القانونى نائب رئيس مجلس الدولة سابقا، ود. نصر فريد واصل، مفتى الجمهورية الأسبق، عضو هيئة كبار العلماء، و د. محمد كمال إمام، أستاذ الشريعة بكلية الحقوق- جامعة الإسكندرية، و د. عبد الله مبروك النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية، د. محمد نبيل غنايم، أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم – جامعة القاهرة، والمستشار محمد عبد السلام، المستشار التشريعى والقانونى لشيخ الأزهر.
وقد تم توسيع عضوية اللجنة لتشمل المستشار وليد صديق، ممثلًا عن وزارة العدل، والمستشار أمل عمار، ممثلة عن المجلس القومى للمرأة. كما يعاون اللجنة فى عملها «أمانة فنية»، تضم نخبة من أساتذة القانون والخبراء المتخصصين.
وأشار القرار إلى أن مهمة اللجنة تتمثل فى «إعداد مقترح مشروع بقانون لتعديل بعض أحكام القوانين المصرية المتعلقة بالأحوال الشخصية؛ لضمان توسيع نطاق الحفاظ على حقوق الأسرة»، على أن تستعين اللجنة «بمن تراه لإنجاز مهامها».
ومن المقرر أن تتضمن مواد مشروع القانون، الأحكام المتعلقة بقضايا عدة، مثل مقدمات الزواج والخطبة، وأركان الزواج وشروط العقد، والأهلية والولاية، وأحكام النفقة والمسكن والطاعة، والطلاق والفسخ والخلع والنسب والرضاع والحضانة والرؤية والوصاية.
وحول مسألة الحضانة قال د. أحمد الطيب شيخ الأزهر إن أحكام الإسلام فى الحضانة أحكام دقيقة، وإذا طبقت هذه الأحكام فسوف تلتقى مع مصلحة الطفل والأم والأب، وأنصح أن تطبق هذه الأحكام بعيدًا عن المعارك الجانبية التى لا تصح فى الإسلام، والتى قد تضيع مصالح الأطفال وعند ذلك تكون المصيبة أكبر والإثم أعظم، ونحن لسنا فى جانب الأم أو الأب، ولكن مع مصلحة الطفل الصغير، ويجب على الأب كذلك أن يطوع مصلحته لمصلحة هذا الصغير، أما ما يحدث الآن للأسف من كيد فهو هدم منظم وغير مرئى لشخصية الطفل، ولا يجب أن يسمح الأم والأب أن ينشأ ابنهما مشوها نفسيًّا.
أضاف : لقد وضع الإسلام أحكامًا لحالات الانفصال، منها الحضانة، وهى حق من حقوق الأم؛ لأنه من المعلوم أن الأم لديها تجاه ابنها أو ابنتها قدر من الحنان والرحمة تجعلها تصبر على التربية وتتلذذ بالصبر، أما الأب ليس لديه هذه الطاقة على الإطلاق؛ لأن له دورًا آخر نحو الصغير، وهو التثقيف والتربية والتهذيب؛ لذلك فدور الحضانة لا يمكن أن يقوم به الرجل حتى لو ماتت الأم، سيضطر أن يأتى بمن يرعاه؛ لذلك فالشرع أقر بأن الصغير لأمه، بسبب هذه الطبيعة.
واستطرد : أنه فى السابق كان من الممكن أن يستغنى الولد عن أمه فى سن سبع سنوات، أما الآن لا يمكن أن يستغنى عن أمه فى هذه السن، والنبى -صلى الله عليه وسلم- بقى محضونًا من أمه فى هذه السن، ولو وجد نص للتزمنا به، وقبل سنة 1922 كان مذهب الفقهاء الأحناف هو المعمول به، وقد كان حسب زمانهم يمكن أن يستغنى الولد عن أمه فى سن السابعة والبنت فى التاسعة، لكن لا يمكن أن أسحب حكما متغيرا من ألف سنة وأطبقه الآن لأنزع الحضانة، فمن يريد ذلك يريد أن يكيد زوجته ويريد أن يبرر له الشرع هذا البعث وهذه المكيدة، وبعد سنة 1922 ظلت تتغير هذه السن إلى حين كنت فى دار الإفتاء وأرسل لنا مجلس الشعب، وكان وقتها سن الحضانة للولد 12، والبنت 15، فقلت يتساوى الولد والبنت وتنتهى حضانة الكل فى سن 15، ورد مجمع البحوث فى الأزهر أيضًا أن هذا لا يتعارض مع الشرع، وهناك أقوال قديمة ترى أن حضانة البنت تنتهى بالزواج وليس بسن معين، وهذا يراعى مصلحة البنت حتى بعد أن تكبر، والولد حتى يصل لسن البلوغ0
يذكر ان مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف أقر من قبل تعديلات متعلقة بالرؤية والحضانة فى عهد شيخ الأزهر الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوى وقد تضمنت التعديلات وقتها أربعة بنود فى قانون الرؤية والحضانة أولها ترتيب الأب بعد الأم وأم الأم وذلك بدلا من جعل ترتيبه فى حضانة الطفل بعد خالة الأم، والسماح للجد أو الجدة من الطرفين برؤية الطفل، وتوقيع جزاء على غير الحاضن فى تخلفه عن رؤية الطفل ، بالإضافة إلى أن يكون من حق غير الحاضن استضافة الطفل فى مكان إقامته أيام العطلات، إلا أن مجمع البحوث الإسلامية أضاف فى هذه الاستضافة شرط أن تكون بإذن الحاضن.