هل أكلنا الذئب؟

خاف سيدنا يعقوب على ولده سيدنا يوسف عندما طلب إخوته أن يرسله معهم يرتع و يلعب وأوضح لهم خوفه من أن يأكله الذئب وهم عنه غافلون...استخدم إخوة يوسف حيلة الذئب عندما عادوا إلى أبيهم عشاء يبكون ومعهم قميص يوسف وعليه دم كذب مدعين أن الذئب قد أكله. ثم نأتى إلى الكاتب الإغريقى ايسوب فى الفترة بين 620 إلى 564 قبل الميلاد من خلال حكاياته الشهيرة المسماة «خرافات ايسوب» والتى يستخدم فيها الحيوانات بكثرة... نجد مشاركة كبيرة للذئب فى العديد من تلك القصص ومنها القصة الأشهر لراعى الغنم الصغير الذى كان يصيح «ذئب... ذئب» فيهرع إليه أهل القرية فيجدونه يضحك ويمزح...ثم ما يلبث أن يعيد نفس النداء مرة ومرات إلي أن أتى يوم جاء فيه ذئب حقيقى وبدأ فى افتراس الخراف.... صاح الولد «ذئب ... ذئب» ولكن للأسف لم يأت أى من أهل القرية وقام الذئب فافتراس الغنم. فى عصر المعلومات وبالتحديد بعد توغل شبكات التواصل الاجتماعى و انتشار استخدامها بين الجميع اصبحت الأخبار المزيفة Fake News  أمرًا لايمكن السكوت عليه إطلاقا...الأخبار تتدفق من مصادر غير موثوقة وأحيانا من أفراد ومستخدمين عاديين لتلك الشبكات....سواء أفصحوا عن شخصياتهم أو انتحلوا أسماء أشخاص آخرين للمزيد من المصداقية. أخبار كثيرة منها ما يتحدث عن الماضى ويعيد قراءة الأحداث بصورة مكذوبة ومنها ما يشير إلى أحداث وهمية يزعم أنها تحدث حاليا وأن التعتيم الإعلامى مقصود ومنها الأخبار المستقبلية مثل الإشارة إلى اعتزام الحكومة اتخاذ قرارات أو سن قوانين معينة. أساليب الوقاية متعددة منها بالطبع الشفافية وأيضا تقارير نفى الشائعات وتوضيح الحقائق ومنها أيضا الوعى الجمعى والفردى ...ذلك الوعى الذى يتشكل بالخبرة وبكثرة الاحتكاك.... شاهدنا مؤخرا العديد من الأخبار التى ثبت أنها مختلقة تماما...فأى شخصية شهيرة فوق سن السبعين مرشحة لشائعة وفاة... أى شخصية شهيرة تدخل إلى المستشفى لفحوصات بسيطة يتم الإعلان عن أنها بين الحياة والموت وعلى أجهزة التنفس الصناعى... الشهر الماضى أحال رئيس مجلس النواب مشروع قانون مقدم من وكيل المجلس وعدد من الأعضاء بشأن «مكافحة الشائعات» وإنشاء جهاز لرصد الشائعات. على المستوى الدولى تم فى سنغافورة إقرار قانون لمكافحة الأخبار الكاذبة ودخل حيز التنفيز مع بداية شهر أكتوبر الماضى...بالطبع هذا القانون سيجد هجوما كبيرا وادعاءات بأنه ضد حرية الرأى والتعبير وتلك جدلية كبيرة لم ولن تنتهى بين الأطراف المختلفة ولكن ولكونه جدلا لن ينتهى يجب الاستمرار فى محاربة الأخبار الزائفة قبل أن يأكلنا الذئب. تغريدة: الوعى... الوعى... الوعى... والتنظيم أيضًا.