الأحد 8 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الحياة فى 30 ثانية

الحياة فى 30 ثانية

الإعلان التليفزيونى يمتاز بعدد من الخصائص أولها ألا يكون مملًا...أى ألا يستغرق أكثر من 30 ثانية...قاعدة يكسرها قليل من الإعلانات التى ربما تعتمد على وجود عدد كبير من النجوم أو وجود أغان أو استعراضات تحتاج لوقت أطول... يجب أن يمتاز الإعلان أيضًا بالإبداع وبكسر الأنماط التقليدية المنتشرة- مثال على ذلك نمط إعلانات مسحوق الغسيل واستخدام المنتج أمام منتجات أخرى من خلال المقارنة- بالطبع لايجب أن يكون الإعلان طويلًا أو مملًا ويجب أيضًا التركيز على الثوانى الأولى من الإعلان لضمان جذب انتباه المشاهد...استخدام أشخاص مؤثرين ومشاهير ونجوم كبيرة ضرورى لإنشاء ارتباط شرطى- قد يكون وهمى- بين المنتج والنجم مثلما حدث مع إعلانات السجائر والنجم عمر الشريف مثلًا. ولكى يكون الإعلان ناجحًا فلابد من تحديد الفئة المستهدفة ومخاطبتها مباشرة وبوضوح تام....استخدام أسلوب الحكاية أو القصة ناجح جدًا...استخدام صوت مميز وأيضًا تكرار لأزمة معينة أو جملة أو تعبير غريب يمكن أن يعلق بالذهن ويمنع المشاهد من النسيان...أسلوب الصدق والأسلوب الحماسى وسرعة تقطيع المشاهد لها تأثير كبير أيضًا. ولكن هذه الآليات تستخدم من أجل الإعلان...أى أن الواقع مختلف وليس بهذه البساطة أو السطحية أو البهجة. فلايمكن أن يكون استخدام «صابونة» معينة فى الاستحمام قادرًا على إخراج المشاهد من حالته النفسية السيئة ويجعله يغنى ويرقص فرحا....لايمكن أن يوجد مسحوق غسيل قادر على إحداث كل هذا البياض الناصع...لايمكن لقطعة شيكولاتة صغيرة أن تجعل الفتاة تقع فى حب الفتى وتوافق على الزواج منه...لايمكن لكريم أو زيت للشعر أن يجعل الشعر بهذه الروعة والكثافة والحيوية ...لايمكن لهذا المطعم أو هذه الوجبة الغذائية أن تضفى كل هذا السرور على الأسرة والأصدقاء ...كل هذا مفهوم فالإعلان ليس الواقع والإعلان محدود بوقت ويستخدم كل صيغ المبالغة من أجل فوز المنتج بنصيب فى هذا السباق المحموم وهذه السوق الكبيرة. المشكلة التى انتقلت من عالم الإعلانات إلى عالم شبكات التواصل الاجتماعى هى اللقطة السعيدة والثوانى الرائعة...الجميع يقوم بنشر صور وفيديوهات يتم التقاطها فى ثوان قليلة ويتم تكرارها وتقليدها من قبل باقى الأصدقاء...وفى هذا الأمر بالذات فإن العقل لايكون عقلانيًا بالقدر الكافى...فمهما أيقن أن تلك مجرد لحظات صغيرة- سواء بسعادة حقيقية أو مصطنعة - إلا أنه يميل إلى الشعور بالاكتئاب والحزن لأن صاحبه لا يعيش الحياة ولايشعر بنفس درجات السعادة والحماسة والانطلاق الموجودين فى تلك الصور أو تلك الفيديوهات ...فالعقل يميل إلى التعميم وهذه اللحظات الصغيرة سواء الموجودة فى إعلان تليفزيونى أو فى صورة أو مقطع مصور على شبكات التواصل الاجتماعى بالرغم من قصر مدتها إلا أن لها تاثير المخدرات على المتلقى ...فهو ينجذب إليها ثم يرغب فى رؤية المزيد والمزيد منها ثم مع الأسف يبدأ فى مقارنة هذه «الحالة» المصطنعة بالواقع المعاش, ومن هنا يبدأ الإحباط والاكتئاب والحزن والتمرد...فالصابونة ومسحوق الغسيل وقطعة الشيكولاتة والوجبة الغذائية لا ينتج عنها نفس درجة التأثير المصطنع الموجود فى الإعلان. تغريدة: الحياة ليست الإعلان التليفزيونى ولا البوستات المنتقاة بعناية على شبكات التواصل الاجتماعى.