الأحد 8 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
ولا يوم برة مصر

ولا يوم برة مصر

الغارق فى صفحات شبكات التواصل الاجتماعى يمر من بين الحين والآخر بمجموعة من المنشورات التى تحض على الهجرة وترك البلد...بعضها على شكل إعلانات مدفوعة من وكالات أومحامين يقومون بتخليص الإجراءات وإعداد الملفات تمهيدًا لقبولها والبعض الآخر عبارة عن منشورات كوميدية تعطى الإيحاء بأن الداخل هو الجحيم والخارج هى الجنة الموعودة....تلك المنشورات ربما نتداولها بسلامة نية والتى اعترف بأن بعضها فى غاية الظرف والطرافة- وهى أحد أساليب تمرير الأفكار وتغيير المفاهيم- ولكن بالطبع الواقع شىء مختلف تمامًا عما تحاول شبكات  التواصل الاجتماعى أن ترسخه فى الأذهان. تلك المنشورات لاتعتمد على المنطق أو تضع الحسابات الواقعية فى الحسبان...إنها ببساطة تشبه الإعلان عن السلع من حيث استخدام أساليب المبالغة والتخلى عن العقلانية والمنطق...ربما كثرة تلك المنشورات وانتشارها يؤثر سلبًا فى متصفحى تلك الشبكات فيشعرون بأن الهجرة هى الحل الوحيد وأن الأمور فى الخارج فى غاية السهولة والروعة وأن لا أمل فى الداخل على الإطلاق. قامت مؤسسة جالوب للاستشارات والبحوث الإحصائية فى الفترة بين 2015 و2017 بعمل مجموعة من استطلاعات الرأى والمسوح حول رغبة البالغين فى الهجرة الدائمة خارج بلادهم متى سنحت لهم تلك الفرصة...جاء المتوسط العام انه فى حدود 15% فقط من إجمالى البالغين هم من يرحب بهذه الفكرة ...تلك النسبة تشكل حوالى 750 مليون شخص حول العالم...بالطبع النسبة تتفاوت من دولة لأخرى وذلك لاعتبارات عدة حيث جاءت سيراليون على رأس القائمة بنسبة71% يليها ليبيريا بنسبة  66%...تأتى سوريا كأول دولة عربية فى المرتبة الثانية عشرة بنسبة تصل إلى 46%... النسبة فى مصر تقترب من المتوسط العالمى مع وجود ملحوظة أن أغلب رغبات الهجرة للمصريين هى إلى دول الخليج والمملكة العربية السعودية يليها  أمريكا الشمالية ثم أوروبا....التحرك داخل الدول العربية قد لا نعتبره هجرة نظرًا لتشابه الطبيعة ووحدة الدم والعادات والتقاليد...إلخ. باقى منطقة شمال إفريقيا تفضل الهجرة إلى أوروبا خاصة إلى فرنسا وهذا مفهوم أيضًا نظرًا لارتباط ذلك بالروابط الثقافية والاقتصادية والسياسية أيضًا ... الملحوظات كثيرة منها أن منهجيات تلك المسوح غير واضحة كما أن النسب تتغير طبقًا للظروف السياسية والأمنية والاقتصادية داخل تلك الدول وأيضًا فى الدول التى يرغب المواطنون فى الهجرة إليها. ولكن النقطة الأخطر هى التأثيرات الوهمية التى تحدث نتيجة شبكات التواصل الاجتماعى و استخدامها فى الحشد أو لتبنى أفكار بعينها وهى أمور تحتاج إلى مكافحة طوال الوقت. بقى أن نذكر ملحوظة مرتبطة بعدد من عظماء مصر ومنهم العملاق عباس محمود العقاد وأديب نوبل العالمى الرائع نجيب محفوظ...وهى عشقهما لمصر و عدم ميلهما إلى السفر إطلاقًا حيث كان يقول العقاد:  ما حاجتنى بالسفر إلى أوروبا وغيرها ما دمت أعرف أخبارها من مطالعاتي:...وهو الأمرالذى جعله يسافرمرتين فقط الأولى إلى السودان هربًا من قوات المحور بعد وصولها إلى العلمين نظرًا لتوعدهم فى راديو برلين بشنقه جزاء كتابه «هتلر فى الميزان» والمرة الثانية إلى الأراضى الحجازية لأداء فريضة الحج....نفس الأمر كان مع الأستاذ نجيب محفوظ الذى كان لايستطيع ترك مصر ولو ليوم واحد والذى سافر ثلاث مرات فقط منها مرتان إلى كل من اليمن و يوغوسلافيا بأوامر رئاسية للمشاركة فى وفود رسمية وكانت المرة الثالثة إلى لندن لإجراء جراحة دقيقة فى القلب...الطريف أنه لم يسافر حتى لاستلام جائزة نوبل وأوفد ابنتيه إلى السويد للقيام بتلك  المهمة....والأمثلة الأخرى كثيرة. تغريدة: فيها حاجة حلوة