الخميس 18 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
بدائل اعتصامات الرصيف
كتب

بدائل اعتصامات الرصيف




 


كرم جبر روزاليوسف اليومية : 27 - 05 - 2010



لماذا لا ينشئ الحزب الوطني أمانة لمشاكل الجماهير؟


1


-المناظر كانت سيئة وشائنة، حين خلع بعض المعتصمين ملابسهم العلوية، وظهروا بكروشهم العارية يصرخون ويهتفون أمام الكاميرات والمارة.. إنها فضيحة بمعني الكلمة.


- المناظر كانت أكثر سوءًا وبعض المعتصمين ينامون علي الأرصفة، وبعضهم الآخر يقضي حاجته في الشارع علي مرأي ومسمع من الجميع، والبعض الآخر يفتعل أشياء مخجلة لاستدرار العطف.
- المنظر الأسوأ كان للأب الذي علق المشانق في رقاب أولاده، مع أن أولادنا وأولاد معظم الناس تأخر دخولهم المدارس بسبب السن، ولم يبادر أحد بمثل هذا الفعل الشائن.
2
- لأن مصر فيها الأشرار أكثر من الطيبين، فقد بدأ البعض يصدر فتاوي بجواز دفع الزكاة للمعتصمين علي الأرصفة، وبعضهم كان يشتري الخبز والأطعمة الجاهزة ويقدمها لهم.
- ولأن الرصيف ليس له قانون يحكمه، تطورت وسائل التعبير من النوم علي الرصيف، إلي النوم وسط الشارع وقطع الطريق العام وإحداث الضوضاء بالصفارات والخبط علي الصفيح والجدران والطبول.
- تطورت وسائل الاحتجاج مرة أخري برمي «المتاريس» الأمنية علي السيارات ومحاولة اقتحام مجلسي الشعب والشوري، واستفزاز رجال الشرطة والدخول معهم في مواجهات سخيفة.
3
- وسائل الإعلام، خصوصًا الفضائيات، قامت بتكبير الصور البشعة وإظهار المعتصمين علي أنهم ضحايا ومقهورون ومعذبون وأن الدنيا ضاقت بهم، فجاءوا إلي الرصيف.
- مثل الشحاذ الذي يشحّذ بعاهته أو ذراعه المبتورة،جعلت الفضائيات هؤلاء المعتصمين مثل العاهات الذين تشحذ بهم لكسب أكبر نسبة من المشاهدين والإعلانات.
- ليس مهمًا استجلاء الحقيقة، أو مقابلة المسئولين، أو الطرح البريء للمشاكل ، لكنهم يتعمدون استغلال المشهد إلي أقصي درجة، والبكاء التمثيلي علي هموم ومشاكل المعتصمين.
4
- بعض هؤلاء المعتصمين لهم مشاكل حقيقية، ويجب أن تتوافر في المجتمع أدوات وآليات لوصول شكاواهم إلي المسئولين وحلها، دون إهمال أو تعنت أو تعذيب.
-المشكلة الأساسية أن بعض المسئولين لا يجيدون إدارة المشاكل والأزمات، ولا يصلحون للبقاء في أماكنهم، وهم الذين يصنعون الأزمات ويصدرونها للدولة.
-المشكلة الأخري هي انسداد القنوات التي تنقل شكاوي الناس، وأخص بالذكر الحزب الوطني الذي يجب أن يبادر فورًا بإنشاء أمانة للمشاكل الجماهيرية، تكون مهمتها تلقي شكاوي الناس.
5
- أحزاب المعارضة التي صدعت رءوسنا بالهجوم والبحث عن شماعة تعلق عليها فشلها، لم تشغل بالها بمحاولة الاقتراب من هؤلاء ودراسة مشاكلهم واقتراح الحلول لها.
- المجتمع المدني وجمعيات حقوق الإنسان، لا يشغل بالها إلا الجري وراء الحوادث التي تقع في أقسام الشرطة، مع أن مشاكل هؤلاء المعتصمين هي من أهم قضايا حقوق الإنسان.
- وسائل الإعلام، نصفها يحرض ونصفها ينام في العسل والبصل، هذا مثل ذاك، ولا فرق بين من يحرض جهرًا، وبين من يصمت علنًا.
6
- إذن - وهذا رأيي -لم تكن ظاهرة المعتصمين علي الأرصفة صحية، ولا ديمقراطية، ولا علامة من علامات تطور المجتمع، ولا شاهدًا علي رقي الشرطة في تعاملها مع المعتصمين والمتظاهرين.
- هي ظاهرة مرضية وفضائحية وتكشف سوءات وعورات الجميع، سواء من يحاول أن يداري العورة بورقة توت أم من يحاول تكبيرها وتضخيمها أمام الكاميرات.
- تكون ظاهرة صحية وديمقراطية إذا التزمت بوسائل متحضرة وراقية، ولم تتعمد الإساءة والتشويه، وانتهت إلي حلول ترضي الجميع، وليس إلي تصعيد يضر الجميع.
7
-الرصيف ليس الحل، وأتصور أن العودة إليه أصبحت مستحيلة، ولذلك يجب البحث عن وسائل أخري للتعبير السلمي عن المطالب المشروعة وتأمين وصولها إلي المسئولين.
- ويجب تفعيل إدارات الشكاوي وتزويدها بمسئولين لهم عقول متفتحة، لأننا مازلنا حتي اليوم نعتبر «الشكوي عداوة»، ومن يشكو فهو عدو يجب تأديبه وتهذيبه.
- ويجب فصل الطيب عن الخبيث، وتوضيح الحقائق للناس، واستنهاض روح الإعلام الشفاف، الذي يحصل علي الحقيقة من جميع أطرافها وليس من طرف واحد.


E-Mail : [email protected]