الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«لغة الجينات»

«لغة الجينات»

«الجينات» بتتحكم فى كل حاجة فينا حتى حب أوخيانة الوطن «جينات».. .. فيه ناس كتير فى الظاهر بتدافع عن الوطن وبتنهش أى حد يقرب منه.. بتحبه وبتقدم له النصايح.. وفى الباطن  جيناتها كلها خسة وخيانة.. جواسيس ورافعين شعار سعر متر الوطن بكام النهاردة.



فى الظاهر أصحاب موقف ورؤية وفى الباطن الخريطة الجينية بتاعتهم بتحركهم من الخانة دى للخانة دى بسهولة جدا بيتنقلوا  من أقصى اليمين لأقصى اليسار فى لمح البصر.. المهم ينفذوا التعليمات ويقبضوا وهتلاقى عندهم ألف مبرر ومبرر لموقفهم فى الدفاع أوالهجوم .

فى الظاهر محترمين وشيك وبيتعاملوا على أنهم نجوم مجتمع.. وفى الباطن «جينات العبيد» بتخليهم  منتظرين تعليمات أسيادهم علشان ينهشوا لحم أى حد.

فى الظاهر مؤمنين بالرأى والرأى الآخر وبيصدعونا  بشعارات كدابة.. وفى الباطن جيناتهم  بتخليهم يصادروا حقك فى مجرد الاختلاف أوالتفكير ... وساعتها بيلاقوا ألف مبرر لقطع رقبتك متخلين بسهولة عن كل شعاراتهم.

فيه ناس بتتولد وفى جيناتهم حب الوطن مستعدين يدافعوا عنه لحد آخر يوم فى عمرهم وفيه ناس بتتولد وفى جيناتهم بيع نفسهم لأى حد يشاور.

 فى الظاهر بيقدموا فروض الولاء والطاعة وحب البلد.. وفى الباطن عايزين المقابل فلوس أومناصب وبالمرة يقنعوك أنهم واصلون ومؤثرون وفى أيديهم مفاتيح كل الأبواب.

من الناس اللى اتولدت وفى جيناتها الأصلية الأصيلة حب الوطن الفنان محمود مرسى.. «مرسى» فى الظاهر عتريس السينما الشرير المرعب اللى بيحرق البلد.. وفى الباطن وطنى حتى النخاع بيضحى بمستقبله وأكل عيشه علشان بلده.. وقت العدوان الثلاثى على مصر، كان محمود مرسى عايش فى لندن وبيشتغل فى الـ» بى بى سى»، ولم يتردد فى إعلان استقالته على الهواء حيث فاجأ «مرسى» متابعيه من جميع أنحاء العالم قائلاً: «هذه آخر حلقة أقدمها فى هذه الإذاعة، لا يمكننى أن أعمل أوأقيم فى دولة تشن عدوانًا على بلادى، وتلقى بقنابلها على أهلى فى مصر، أقدم استقالتى، وسوف أعود إلى بلادى أقاتل بجانب أهلى، أعيش معهم أوأموت معهم». ورجع محمود مرسى وانضم للمقاومة فى بورسعيد والسويس بهدوء وبدون بروباجندا دافع عن البلد اللى حبها بيجرى فى دمه.

«عتريس «  نفسه أشهر أدوار محمود مرسى كان نموذجا للظاهر والباطن.. عتريس فى الظاهر كان مجرد شخص شرير قاس زعيم عصابة فى قرية خانعة ضعيفة.. وفى الباطن كان إسقاطا سياسيا مهما من الأديب ثروت أباظة بيعلن فيه انتقاده لعبدالناصر والضباط الأحرار وأنهم خطفوا البلد زى ما خطفوا «فؤادة» شادية فى الفيلم.

فى الظاهر جمال عبدالناصر .. شاف الفيلم وقال لواحنا كده يبقى نستحق الحرق وتم السماح بعرض الفيلم فعلا .. لكن فى الباطن جهات معنية بالدولة اشترت كل التذاكر من دور العرض لمنع الجمهور من مشاهدة عتريس الطاغية، وتم رفعه من السينمات بعد ثلاثة أسابيع فقط، ونزّلوا مكانه فيلم تسجيلى عن الفول المدمس اسمه «المكامير»، كان بيجيب إيراد ٣ جنيهات فى اليوم.

فى الظاهر تم تكريم محمود مرسى من جمال عبدالناصر وفى الباطن هونفسه بيقول عن العلاقة دى: «كنت متحيزا من البداية لعبدالناصر، لكن طول الوقت كانت حاجات كتير بتحصل بتخلى الواحد مش فاهم، وكل يوم أكتشف حاجة جديدة تخلينى أشعر بفقدان الثقة فى اللى حواليا، لدرجة إن أنا اقتنعت إن فى سيناريو محبوك ضد مصر بينفذه ناس كتيرة بمن فيهم عبدالناصر.

محمود مرسى فى الظاهر والباطن كان شخصا واحدا  جيناته الأصلية الأصيلة  بتحركه ..مؤمن بمبادئه حتى لوهيدفع التمن غالى .. بعد هزيمة يونيو طلب يقابل عبدالناصر وعلى طريقة أحمد حلمى فى فيلم آسف على الإزعاج راح الرئاسة ودقنه طويلة وشعره منكوش ولابس بدلة صيفى وقابل فعلا مسئولا كبيرا هناك وقال له كل اللى فى نفسه.. واستغرب  جدا  من رد فعل المسئول.. اللى ماعلقش عليه ولا كلمة من اللى قالها وسلم عليه ووصله للباب .

محمود مرسى فى الظاهر شرير وفى الباطن يحمل جينات أصلية  لمثقف.. خجول.. قارئ وفيلسوف بيميل أنه يعيش فى هدوء يتأمل وحيدا بعيد عن الناس .

محمود مرسى فى الظاهر شخص جامد القلب قاس.. وفى الباطن خلية جيناته الأصلية  كلها رقة وبساطة.. بيكتب نعيه بنفسه وبيذكر فيه أقرب الناس إليه وأصدقاء العمر وبيستعد براحة قلب واطمئنان للعالم الآخر.

مش قلت لكم من البداية إن «الجينات» هى اللى بتتحكم فينا ..وفيه ناس مستعدة تدفع حياتها كلها تمن لمواقفها وقناعتها ..وفيه ناس فى الظاهر بتدعى الشرف ..وفى الباطن مستعدة تبيع حتى قيمتها كإنسان من أجل مقابل ما، مستعدة حتى تبيع شرفها ..وذمتها أوحتى  وطنها!