الخميس 25 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اليوم العالمى للقانون ..(13 سبتمبر)

اليوم العالمى للقانون ..(13 سبتمبر)

تحتفل المؤسسات التشريعية والقانونية والقضائية فى مختلف دول العالم  يوم 13 سبتمبر من كل عام، باليوم العالمى للقانون، وذلك للتعبير ( المجتمعى ) عن أهمية القانون فى الحياة الإنسانية، فلا وجود للدولة الحديثة دون قانون ينظم علاقات السلطات بعضها ببعض، ومن ثم علاقات تلك السلطات بالفرد وهو غاية أى تنظيم قانوني، ولا استمرار لأى نظام سياسى أو اجتماعى أو اقتصادى دون عباءة قانونية تحمى الحقوق وتحدد الواجبات. 



وتطلق كلمة «قانون» على القاعدة العامة المجردة التطبيق على الكل دون تمييز، مع رصد جزاء لمن يخالف تلك القاعدة .. وتتنوع تلك القواعد القانونية فى هرمية تدرجية تكاد لا تختلف من دولة لأخرى ؛ فيأتى الدستور على قمة الهرم، ويُطلق عليه « أبو القوانين » أو « النظام الأساسى » .. وهو ملك الشعب وحده صاحب السيادة .. ثم تتدرج هرمية القواعد القانونية فتختص السلطة التشريعية ( البرلمان ) بوضع القوانين التى توضح وتفسر وتبين أهداف الدستور ومراميه وغاياته .. وتتولى السلطة التنفيذية ( الحكومة ) إصدار كل اللوائح التنفيذية والتنظيمية ولوائح الضبط للقوانين .. وجميع تلك الأدوات القانونية واللائحية تخضع لرقابة قضائية دستورية تتأكد من مطابقة تلك القوانين واللوائح مع الدستور.

وأعتقد أن الاحتفال بالقانون غير قاصر على من له بالقانون دراسة أو تطبيقًا .. بل إن جميع أعمار وفئات الشعب مخاطبون بهذا الاحتفال ؛ كلٌ فى مجاله .. فالقانون لغة عالمية عامة للجميع .. يُخاطب به القاضى والمتقاضي، والوكيل والموكل، والمظلوم والظالم، بل هو مناسبة سانحة لوقفة جادة وحادة للجميع، وبلغة المؤتمرات (نقطة نظام) فى سلوكنا وحياتنا اليومية .. فمنذ أن يستيقظ المرء يجد نفسه فى مواجهة القانون، فيقتصد فى استخدام المياه ( خشية جفافها )، وفى تناوله لإفطاره يكون – دون أن يدرى – قد تعاقد مع البائع فى مشترواته ملتزمًا بالقانون .. وعند خروجه من منزله وإلقاءه الصباح على بواب العمارة يكون فى معاملة قانونية أخلاقية فيرد له التحية .. ثم ركوبه المواصلات فيأخذ تذكرة القطار أو المترو أو الأتوبيس فهو فى معاملة قانونية  مع الكمسارى، بل إن هذا الأخير يحاسب قانونًا على حصيلة ما يبيع ( زيادةً أو نقصانًا )، ومن القواعد القانونية الإنسانية ترك المقاعد لكبار السن والمرأة والأطفال والمعاقين، وإلا فالعقاب جزاء المخالف وقد لا يكون عقابًا قانونيًا بل استهجان وسخرية من باقى الركاب ( المتربيين ) .. ثم تتوالى رحلتك اليومية فتذهب لعملك فتؤاخذ قانونًا على تأخيرك .. وتطلب مشروبك « نسكافيه مثلا « فيخضع من يقدمه لك للقانون إذا كان منتهى الصلاحية !! .. وتقدم تقاريرك لمديرك فتخضع أنت لتقييمه .. ويخضع هو لرقابة رؤسائه .. وفى نهاية اليوم ..( تبصم ) للخروج والعودة للمنزل .. وتخرج مساءً مع أسرتك للسينما أو المسرح أو التنزه .. وجميع تلك المعاملات تخضع للقانون، أو لتلك القواعد العرفية الأخلاقية والتى قد تسمو فى مرتبتها المجتمعية على إلزام القاعدة القانونية المكتوبة ذاتها. 

وعلى المستوى الدولى .. نجد أن قواعد القانون الدولى تنظم العلاقات الدولية من خلال منظمات دولية وإقليمية .. تأتى على رأسها منظمة الأمم المتحدة المنشأة عام 1945، بموجب ميثاق توافقت عليه إرادة دول العالم، ويحدد الميثاق ( القانون )  حقوق وواجبات الدول تجاه بعضها البعض، ومن ثم تجاه شعوبها وسياداتها، وينيط الميثاق بمجلس الأمن أو محكمة العدل الدولية صلاحيات عقوبة الدول المخالفة للميثاق، بحسب المخالفة ، ثم يجتمع قادة الدول الأعضاء ورؤساؤها وزعماؤها وملوكها وسلاطينها جميعهم أو من ينوب عنهم،  بدءًا من الأسبوع الثالث من سبتمبر فى كل عام أمام الجمعية العمومية لطرح تقاريرها ومناقشة سياستها، على مرأى ومسمع من العالم كله على نحو يكشف أمام الشعوب تلك الدول كافة، فى مشهد دولى مهيب يتكرر سنويًا.  

ولا يمكننى أن أختتم المقال، دون الإشارة والإشادة، بواقعة القطار، الذى أصر فيه رئيس قطار - غير واع بالقانون - متجبرًا متسلطًا - مطالبة جندى بقيمة تذكرة مسددة سلفًا بكاملها من القوات المسلحة الباسلة، وهى مطالبة ولا شك بغير ما هو مستحق .. ورباطة جأش هذا الجندى المغوار، وكذلك موقف السيدة الفاضلة التى سددت عنه قيمة التذكرة رغم عدم قانونية المطالبة، فضربت مثالًا يحتذى للأم المصرية الأصيلة، واستحق كلاهما التكريم من  كل جهات الدولة .. ومن الشعب المصرى لوعيهما بالقانون وتصرفهما الرائع. 

أحيى بكل احترام وتقدير موقف السيدة العظيمة والجندى المثالى فى احترامهما للقانون رغم عدم وعى رئيس القطار به.  وبالقانون تحيا مصر