الخميس 23 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

علياء هيكل حفيدة رائد الرواية العربية محمد حسين هيكل: تعلمت هدم الأبراج العاجية والانفتاح على من حولى

علياء هيكل كاتبة متعددة المواهب والاتجاهات, حيث تكتب الرواية والقصة القصيرة والنص الشعرى والنقد والمقالة ولا عجب فهى حفيدة مؤسس الرواية العربية الحديثة الدكتور محمد حسين هيكل صاحب رواية «زينب»، أول رواية عربية صدرت عام ١٩١٤سنة ومهّد هيكل الطريق لمن جاء بعده فى كتابة الرواية والكتابة عند علياء هيكل وسيلتها الأساسية للتعبير عن فلسفتها فى الحياة ومواقفها من كل ما يحدث فى مجتمعها ونظرتها للعالم من حولها ولذلك الكتابة بالنسبة لها هى الوجود إنها تأكيد على الحياة وانتصار على الموت فى كل تجلياته المادية والروحية والفكرية وقد صدر لها فى مجال الرواية تعويذة علام الجزء الثانى ٢٠١٩ ومن دواوينها المكتوبة بالفصحى إيقاع ورجال وفى شعر العامية صدر لها يا بحر وفى القصة القصيرة صدر لها مجموعة تعويذة علام ومثلت مصر فى مهرجان الأيام العربية للقصيد الذهبى فى تونس عام ٢٠١٧ هنا حوار معها



■ من عالم التجارة وإدارة الأعمال إلى عالم الأدب والفن.. كيف نسجت هذه العلاقة؟

ـ علاقتى بالأدب بدأت قبل أن تبدأ علاقتى بإدارة الأعمال بسنوات..حيث كانت كتابة الخواطر والقصة القصيرة أو حتى التفكير فيها من أهم ممارساتى اليومية إلى جانب القراءة.. ولم تكن علاقتى بإدارة الأعمال كدراسة أولاً وكعمل فيما بعد علاقة تراضى بل نستطيع أن نطلق عليها مسارًا إجباريًا.. وخاصة بعدما رفض أبى التحاقى بكلية الآداب قسم علم النفس أو الفلسفة فهكذا كان يعتقد أن هذين الفرعين قد يربكا تفكيرى بشكل أو بآخر وخاصة علم النفس لما يعرفه عنى من فرط الحساسية وتأثرى القوى بالحالات الإنسانية, حيث إنها تترك لدى انطباعًا محزنًا لفترة طويلة.   ولهذا اضطررت إلى اتخاذ طريق آخر «مسارى الإجبارى» آلا وهو دراسة التجارة وإدارة الأعمال.. ولكن بقى حبى للقراءة بشكل عام والاطلاع فى علم النفس والفلسفة  بشكل خاص والكتابة كذلك فى تزايد، وكأن الممنوع مرغوب.

■ ابتدأت كشاعرة وانتهيت كقاصة وروائية .. لماذا هذا التحول؟

ـ كما ذكرت بإجابتى على السؤال السابق أن البداية كانت على التوازى الشعر أو الخواطر والقصة ولكن حينما تم تقديمى بادئ الأمر للمجال الثقافى  بالصالونات الثقافية الكبرى كان ذلك من خلال الشعر وشعر العامية على وجه الخصوص وقد قوبل بالترحيب والإعجاب وتفاعل معه الحاضرون.. وفى خلال ذلك نشرت لى أولى مجموعاتى قصصية تعويذة علام..

ولذلك هو ليس تحولاً بالشكل المعروف بل هو تركيز أكثر على كتابة القصة والرواية وربما أعود قريباً لكتابة الخواطر مرة أخرى، لكن القصة تستهوينى وتشدنى أكثر وإن كان فى الغالب إحساس الشاعرة يتداخل كعامل مؤثر عندما أكتب القصة أو الرواية..

 ■ الومضة.. الشذرة .. الهايكو.. مساحات للتكثيف فى إبداعك الشعرى والقصصى.. ما السر فى ذلك؟

ـ هم تكثيف حقيقى ودقيق لوصف شعور إنسانى متدفق ممتلئ بالكثير من التناقضات والآلم والحزن وغيرها من المشاعر المختلفة التى تعترى الإنسان بشكل عام فأجدها أقرب وأقدر على التعبير عما يجول داخلى أو ألتقطه بعين المتأمل فى جميع المشاعر الإنسانية من حولنا.. 

■ فى ظل هذا الخراب والدم والقتل، ما فائدة الكتابة وما جدواها، وما دور الأدب فى فعل التغيير؟

الكاتب هو ابن زمانه وبيئته وهو فى رأيى الضمير اليقظ لمجتمعه والعين الكاشفة لم لا نريد رؤيته فى بعض الأحيان إذا صحت خطاه وامتلك الرؤية والبصيرة بل فى أحيان كثيرة يكون هو المتنبئ بالمستقبل بناء على معطيات الحاضر وما خَلفه الماضى من آثار فيكون بذلك مستشرفاً للمستقبل.. وكذلك الأمر بالنسبة للشعراء.

■ هل أبطالك يطاردونك فى كل مكان حد التماهى أم هو حلم الكتابة؟

وهل من كاتب لا تطارده أبطاله؟!.. وخاصة أثناء كتابة العمل والتعمق فى الأحداث ورسم ملامح وتفاصيل  الشخصيات. ولكن التحدى الأكبر هو القدرة على الانسلاخ من أحداث وجو الرواية أو القصة بعد الانتهاء منها.

■ كيف العلاقة بينك كأنثى وبين القصيدة؟

ـ هى كالقصة والرواية، كلمة والكلمة رفيق لى..

■ كيف يبدأ النص الشعرى عندك؟ وما هى مقومات القصيدة الناجحة؟

ـ يبدأ بلمحة خاطفة، كلمة تقفز بذهنى فتطرق باب مخيلتى بلا سابق إنذار ومن ثم يبدأ النص فى الجريان.. وفى رأيى القصيدة الناجحة هى القصيدة المعبرة عن الذات الإنسانية بصدق وتعايش الواقع حتى ولو بلمحة من خيال.. 

■ ماذا تعنى لك كتابة الرواية هل مسايرة للموضة أم شكل من أشكال التواصل مع المتلقى؟

ـ لا موضه فى الكتابة الجادة.. والتواصل بين الكاتب والمتلقى يأتى من خلال أشكال الكتابة المتعددة سواء الرواية أو القصة القصيرة أو القصيدة أو حتى الخاطرة.. فأحياناً أجد التعبير عن فكرتى فى قصة قصيرة تكثف الحدث وتكون كافية جداً وأحياناً أخرى لابد من أن نفرد للفكرة مساحة أكبر من خلال الرواية والسرد الطويل.. وربما كانت الفكرة أكثر حزنًا وشاعرية فتتشكل قصيدة أو خاطرة وهكذا.

■ ما التجربة الإبداعية التى تطرحها رواية « تعويذة علام»؟

ـ رواية تعويذة علام هى رؤية للواقع من خلال مرآة الميتافيزيقا.. أو بمعنى أدق مرآة النفس الكاشفة.. فمن خلال سرد خيالى نجد الواقع بكل صعوبته وإشكالياته..  واحباطاته والتى نكتشف معها أن الإنسان نفسه الذى يعايش الحدث هو سبب فيها وسبب ضياعه فى معظم الأحيان فيكون هوالجانى والضحية وربما الجلاد فى آن.. 

■ تكتبين بالعامية والفصحى.. أين تجدين نفسك أكثر؟

ـ فى الشعر، أميل للعامية أكثر.. أما القصة والرواية فهذا يتوقف على طبيعة الفكرة التى أتناولها ومن ثم اختيار كيف سيكون الحوار داخل القصة وليس السرد نفسه فبطبيعة الحال السرد بالفصحى..

■ يرى ماركيز أن كتابة القصة القصيرة أصعب من الرواية.. هل تتفقين معه؟

ـ كتابة القصة القصيرة هى إبداع آخر يماثل إبداع كتابة الرواية, حيث إنها أكثر تكثيفاً للفكرة لذلك يجد البعض وخاصة المتخصصين فى كتاب الرواية يجدون صعوبة فى تركيز الفكرة وهم المتمرسون بطبيعة الحال على السرد الطويل والغوص فى التفاصيل وفى رأيى من يمتلك القدرة على كتابة النوعين لا يشعر بصعوبة، فمن يجيد السباحة فى البحر يقدر على السباحة فى مياه النهر..

■ يشكو عديد من المبدعين فى الساحة الثقافية من قصور النقد والنقاد عن مواكبة هذا التفجّر الإبداعى المتنوع .. قولى لى هل لدينا حركة نقدية جادة ؟ مَن من النقاد العرب يؤسس لهذه الحركة؟

ـ بعض النقاد مقيدون بكتابات الماضى والتى عتبروها قوانين وقواعد ملزمة غير قادرين على مواكبة تطور الرواية أو القصة معتقدين بذلك أن الكاتب المجدد يخالف نواميس الكتابة المتوارثة فى حين أن التطور والتغير هو سمة من سمات الكون وبالتالى طبيعى أن يمر به كل إبداع حتى الفنون المختلفة،  فالدراما فى الماضى ليست كالدراما فى الحاضر ولن تكون كما المستقبل.. وكذلك المسرح والموسيقى والغناء وغيرها.. ولكن هذا لا يمنع أن هناك نقادًا قادرون على مواكبة الإبداع المتنوع لكنهم قليلون.. ولذلك نشعر بفجوة بين الكاتب أو المبدع وبين الناقد، وهناك أسباب أخرى لا يتسع ذكرها الآن. 

■ أنت حفيدة الدكتور محمد حسين هيكل رائد الرواية العربية وصاحب رواية» زينب» أول رواية عربية .. برأيك ما الذى تبقّى منه اليوم ؟ وماذا أفدت من تراثه؟

ـ بالتأكيد تبقى سيرته الملهمة وكتاباته الإبداعية ومؤلفاته التى تنطوى على فلسفة عميقة متأثرة بما عايشه ببلاد الغرب وأيضاً بما تربى عليه فى مجتمعه المصرى آنذاك، فحاول أن يدمج بينهما بعين ناقدة فاحصة.. كتب دكتور محمد حسين هيكل بصدق وفى رأيى أن من يكتب بصدق لا يموت.. وهو بالنسبة لى مثل وقدوة عظيمة وقد تعلمت من تجربته ضرورة الانفتاح على ما حولى وهدم الأبراج العاجية تلك التى تبعد المفكر أو المبدع عن عمق الأحداث، عن الاندماج مع الناس وفى التفاصيل متناهية الصغر والتى بدورها تحرك المجتمع بشكل مؤثر.