السبت 28 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الدرس الأول

الدرس الأول

بدأت السنة الدراسية ولا بأس من التذكير بما هو مكتوب فى البهو الرئيسى لجامعة هارفرد وهو «ألم الدراسة لحظة وتنتهي.. لكن إهمال الدراسة هو ألم مستمر مدى الحياة». حين نقرأ هذا الشعار لا بد أن نطالب الأساتذة فى المدارس والجامعات أن يكون الشهر الأول من الدراسة مخصص لتدريس مواد محددة لفن الحياة وكيفية التعامل مع صعوباتها والتغلب عليها بمصاحبة أمثلة تغلب فيها الوطن على حل مشاكله سواء على مستوى الوطن أو على مستوى الأفراد، كما جرى فى نكسة 67 والتغلب عليها بانتصار أكتوبر العظيم 73 رغم التفوق الإسرائيلى فى العتاد والسلاح ومساندة الأمريكان، بالإضافة إلى إبراز الحلول غير التقليدية التى قام الجيش المصرى باستخدامها بعبقرية منقطعة النظير، منها مضخات المياه التى انهار أمامها الساتر الترابى لخط بارليف وأيضًا استخدام اللغة النوبية لتكون الشفرة السرية بين مختلف جيوش القوات المسلحة وعن طريقها تم توجيه الأوامر والتحركات المختلفة.



لم تتوقف عبقرية الجيش المصرى عند هذا الحد بل هناك كثير من الحلول والتجارب غير التقليدية التى استخدمها أفراد القوات المسلحة ضد العدو الإسرائيلى وهى حلول وليدة اللحظة وفرز من إفرازات العبقرية المصرية للتغلب على كل المعوقات والمتاريس والدشم الحصينة التى أقامها العدو وهو الأمر الذى نشر الذعر بين الإسرائيليين، خصوصًا عبقرية استخدام وتطوير سلاحنا لقهر السلاح المتقدم الذى كان يملكه الإسرائيليون. وفى هذا الإطار أيضًا، لا نريد أن نذهب بعيدًا عن عبقرية وحُسن أداء المصريين، هناك تجارب فريدة من نوعها لم يمر عليها سوى 4 أو 5 أسابيع وهى تجربة أوائل الثانوية العامة لهذا العام الدراسي، والمفاجأة أن معظم هؤلاء الأوائل من أسر بسيطة ودخلها المادى لا يتعدى فى كل أسرة من 3 إلى 4 آلاف جنيه، ورغم ذلك استطاعوا أن يتفوقوا ويحصلوا على المراكز الأولى فى الثانوية العامة دون دروس خصوية أو دفع أموال للاشتراك فى تلقى الدروس فى سناتر الثانوية التى لا يستطيعون تحمل تكاليفها، على العكس تمامًا من الصدمة التى تلقاها المجتمع المصرى من أبناء الأثرياء الذين كل همهم وشغلهم هو الاستمتاع بالمخدرات والشذوذ فيما يعرف بـ«فضيحة الفيرمونت» التى هى محل تحقيق من النيابة العامة.

أكثر من ذلك فإن الرد على صراخ وشكوى الناس فى موسم المدارس وانتشار «كورونا» وما يُقال عن الموجة الثانية من الوباء يجب مواجهة كل هذه الأمور بتنظيم رحلات وزيارات ميدانية لكل الإنجازات التى تمت خلال الست سنوات الأخيرة وهذه الزيارات والرحلات ينبغى أن تكون مجانية لكل طلاب المدارس والجامعات من خلال برنامج متكامل لزيارة الطرق الجديدة وقناة السويس وأنفاقها والعاصمة الإدارية حتى يرى ويلمس الطلاب على أرض الواقع كم المشاريع القومية التى جرت على أرض مصر والمجهود الجبار الذى بُذل من أجل إقامة هذه المشاريع التى بدورها ستعود بالخير على كل أوجه الحياة فى مصر وأيضًا خلال هذه الرحلات والزيارات سيتحاور ويتجادل الطلاب مع بناة مصر من جنود ومهندسين وفنيين وهم سيكونون بمثابة قدوة للشباب على أرض الواقع باعتبارهم النماذج الحية للقدوة بعيدًا عن جو الشائعات التى تهدف إلى إهدار طاقاتهم وتضييع وقتهم.

ويبرز أيضاً فى هذا السياق أن يكون ضمن برنامج الدراسة لهذا العام مضاعفة الأنشطة الرياضية بمختلف أنواعها مع عدم الإخلال بالإجراءات الاحترازية لوباء «كورونا».

تجارب الحياة للدولة المصرية أو الأفراد ليس لها حدود، هناك العلماء المصريين فى مختلف المجالات لا بد أن تكون تجاربهم الحياتية مواد تعليمية يتم تدريسها فى مختلف المراحل بدلاً من حشو الرؤوس بمواد تعليمية لا تنفع وإنما تضر بتعطيل الابتكار والتفكير. أيها السادة المعلمون والأساتذة، اجعلوا هذا العام الدراسى عام القدوة، عام الأشغال اليدوية، عام الرحلات والزيارات للإنجازات القومية.

إننا نطرح سؤالاً مهمًا هو: ماذا يتعلم طلاب المدارس والجامعات؟ يتعلمون المواد الدراسية ولكن من يعلمهم طرق الحياة! ليس هناك أى قيود على عقولنا إلا تلك التى نعترف بوجودها.

إن النجاح رحلة وليس محطة وصول. نذكر أنه فى سن الشباب يقرأ الإنسان عن تجارب الآخرين ليتعلم منها وحين يتقدم فى العمر شيئا فشيئا يكتب تجاربه ليتعلم منها الآخرون.