الحرية ليست مطلقة

البعض يتصور أن الحرية الممنوحة له أن يفعل ما يريد وقتما يريد دون ضوابط  أو محاذير ولكن الحقيقة أن للحرية حدودها وضوابطها  وهذه  الضوابط والحدود  تختلف من فئة إلى أخرى، ومن  مجتمع إلى آخر، ويكون ذلك الاختلاف بناءً على طبيعة هذه الفئات والمجتمعات، وحتى تحقق الحرية الهدف المطلوب لا بدّ من ممارستها ضمن هذه الحدود والضوابط ومنها الابتعاد عن المساس بالديانات جميعها، واحترامها، وعدم التعدى عليها بأى حالٍ من الأحوال. عدم التمادى فى ممارسة الحرية الشخصية عند وصولها إلى حرية الآخرين، حيث  حريتك تنتهى عندما تبدأ حرية الآخرين. 

الالتزام بالنظم والقوانين لأى بلد تعيش فيه، ما دام ذلك لا يتعارض مع الشرع، فالالتزام بها ضروري، وليس من الحرية أن تتجاوز أعراف المجتمع، وقوانينه، وعاداته. تجنب أن تؤدى حرية الفرد أو الجماعة إلى تهديد سلامة النظام العام، تفويض أركانه، وإحداث اضطرابات أمنية فيه. عدم المجاهرة بالمعاصي، والأفعال السيئة والتباهى بها؛ حتى لا تجرح مشاعر الآخرين. 

ومن عوامل اختلاف المجتمعات فى مفهوم الحرية العامل الأخلاقى حيث تؤثر القيم الأخلاقية فى ضبط مفهوم الحرية وتنظيم حدودها، وذلك من خلال وضع الأسس التى يجب أن تحتكم إليها أفعالنا وأقوالنا، ويعود الالتزام بهذه الأسس إلى حكم الضمير الذى يمارسه الإنسان على نفسه وفق إرادته الحرة. 

وهناك العامل الدينى حيث يشتمل كلّ دين فى شقه العملى على عدد من الأوامر والنواهى التى تضبط حرية الإنسان، بحيث يعود الالتزام بها إلى الإيمان بالثواب والعقاب، وماهية مصير الإنسان بعد الموت.

العامل الثقافى فلكلّ مجتمع من المجتمعات ثقافته الخاصة التى تتبلور  فى وعيه العام، حيث يحدد هذا الوعى لأفراده أنماط السلوك الصحيح للجماعة والمتفق مع قيمها، بالإضافة إلى عاداتها، فتحدد حدود ممارسة الحريات فى المجتمع بما ينسجم مع هذه الأنماط والقيم، فعلى سبيل المثال قد تكون المرأة حرة فى مجتمع معين فى قيادة السيارة، أو العمل، كما أنّه توضع قيود كثيرة على حريّة المرأة فى بعض المجتمعات الأخرى، بحيث لا يُسمح لها بمزاولة هذه الأعمال والأنشطة، وأنت حين تنتقل لمثل هذه المجتمعات عليك أن تتقيد بأعرافه وقواعده حتى ولو لم تكن مقتنعا بها ، هذه هى الحرية وهذه هى حدودها.