الإثنين 18 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الذين لا يقرأون التاريخ!

الذين لا يقرأون التاريخ!

الذين لا يقرأون التاريخ عليهم أن يتحملوا اللدغ من نفس الجحر عوضا عن المرة ألف مرة...! ولكن ما معنى ذلك وكيف لا يستوعب البعض دروس التاريخ؟ 



لأنهم ببساطة لا يقرأونه ولا يستوعبون أحداثه وإليكم ما حدث فى مجريات التاريخ العربى فى الماضى ومع ذلك لا تزال الأخطاء تتكرر كل فترة.

عام 1513م هاجمت أساطيل الغزاة البرتغاليون مدينة عدن  الواقعة جنوب اليمن.. وبعد معارك غير متكافئة تم احتلالها.. وكانت النتيجة أن هاجر الكثير من الأهالى.. وبقى البعض يقاوم بشراسة أوجعت المحتل كثيرًا رغم أنها لم تكن منظمة..

ازدادت ضربات المقاومة فلجأ (البرتغاليون) لخطة مبتكرة لقتلها.. فجاءوا بشخص مجهول اسمه (عبدالرؤوف أفندي).. وأطلقوا عليه اسمًا ثوريًّا رنانًا هو (ياسين).. لم يكن أحد فى عدن كلها يعرف هذا الـ(ياسين).. لكن البرتغاليون دعموه سرًّا بالمال وبعض السلاح لكى يظهر أمام الشعب (المغلوب) بطلاً قوميًّا..

نادى (ياسين) بالجهاد لتحرير عدن فانقادت خلفه الحشود.. وبعد عدة معارك... متفق عليها مع الغزاة... شاع اسمه وبطولاته الوهمية والمرتبة سلفا .. وأصبح الكل يلقبه بالزعيم! 

نادت (أوروبا)... كعادتها... بمؤتمر عالمى عاجل من أجل السلام.. وطلبت من الزعيم المجاهد (ياسين) الحضور لـ(سلام الشجعان) فقبل!

وفى تمثيلية مكشوفة تحدّى (ياسين) أن يحضر (البرتغاليون)!

تمنّعت البرتغال فى البداية تمنّع الراغب.. ثم قبلت وتم كل شيء كما خُطِط َ له.. أعلن (ياسين) حكومته المحلية.. واعترف بحق البرتغال فى عدن! 

قسمت عدن إلى قسمين... قسم يحكمه العميل (ياسين).. ويتبعه اللاجئون والفقراء.. وقسم آخر يحكمه المحتل البرتغالى.. ويمتلك النصيب الأكبر من الأرض والثروة!.

 يقول مؤسس الماركسية كارل ماركس : «التاريخ يعيد نفسه فى المرة الأولى كمأساة وفى الثانية كمهزلة»..

أعتقد أن هذه القصة تكررت كثيرًا فى تاريخ المنطقة!.

يتغير الزمان والمكان وشخوص القصة... وتبقى الحبكة والحيلة ثابتة لا تتغير.. فالفخ هو الفخ.. والخيانة هى الخيانة.. والنتيجة للأسف هى النتيجة!

والمتأمل فى وضع العالم العربى اليوم بجراحه الكثيرة يكتشف بكل سهولة وجود أكثر من (ياسين) فى كل مكان تم إنتاجهم وتصنيعهم بنفس الطريقة ولنفس الهدف فالكل يعمل على تجزئة المجزّأ... وتقسيم المقسّم.. وإسقاط مفهوم الدولة فى المنطقة العربية... لصالح دويلات وأقاليم وكيانات هشة تقوم على فكرة التلاعب بحبال الانتماءات المذهبية والطائفية والقبلية.... .

أخيرا ومرة أخرى.. الذين لا يقرأون التاريخ محكوم عليهم أن يعيدوه أكثر من مرة... وأن يُلدَغوا من ذات الجحر ألف مرة!