الأسطورة والخرافة

يحلو للبعض أن يطلق على نفسه لقب الأسطورة حتى تكررت الكلمة على أنها شىء عظيم يتفاخر به صاحبه ويزهو ولكن ما هى الأسطورة وماهى الخرافة؟

يقول علماء اللغة أن الأسطورة تفيد فى الغالب الحادثة القديمة المحفوفة بالمبالغات حتى الخرافات، وتفيد أيضا الأقاويل المنمقة المزخرفة التى لا نظام لها حتى إنها قد تشبه الكلام الباطل!

الأسطورة فى الماضى اتخذت معنى الحكاية سواء أكان لها أصل أو لا، وهى مشتقة من فعل سطر وورد لها تعريف مفصل فى لسان العرب ويقال كما فى القرآن أساطير الأولين وقال الله تعالى فى كتابه الحكيم «والقلم وما يسطرون» أى ما تكتب الملائكة. 

أما الخرافة ففى بعض الروايات قيل إن خرافة اسم رجل استهوته الجن، أقام بينهم ما شاء له الله، ثم عاد إلى قومه فأخذ يقص عليهم الأقاصيص الغريبة فكانوا إذا ما سمعوا أمرًا أو قصة غريبة قالوا حديث خرافة، ومنها اشتق الناس الخرافة والخرافات لكل ما لا يمكن تصديقه أو لكل خبر مبالغ فيه. 

والأساطير كما يقول العالم ماكس مولر فى تفسيره نشأة الأساطير وجدت أساطير كثيرة سببها عجز اللغة الإنسانية فى نشأتها الأولى ويقول عباس محمود العقاد إنه وجد أساطير كثيرة لا تتجاوز الأوصاف الرمزية والمشابهة الفنية التى طبع عليها الخيال، فهى ترجع إلى ملكة التجسيم ولا ترجع إلى ملكة الإيمان والاعتقاد!

وكان عرب الجاهلية عاجزين عن الإعراب عن ضمائرهم بلسان مبين وكانوا بطبيعة عصرهم قاصرين عن فهم معنى الموجودات فأخطأوا فى إدراكها سواء الدينية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو الحربية وكل عنصر منها يدخل فى حياة اللانهائى فتكون الأسطورة التى يتم تأليفها من الخيال فإذا غلب التخيل الدينى كانت أسطورة دينية وإذا غلب الحربى كانت أسطورة حربية. 

والأسطورة ليست جزءًا من الدين ولا هى جزء جوهرى من دين قديم قبل الرسالات السماوية لكنها جزء من الفكر البدائى وصورة من صوره كما قيل فى الأسطورة الإغريقية أن جيميز بن طروس ملك طروادة كان بديع الجمال، وخرج يومًا للصيد على جبل فنزل زوس «رب الأرباب» بهيئة نسرفاختطفه وصعد به إلى السماء فأقام فى جبل أوليمب واتخذ زوس ساقيًا له، ولهذا سمى بالدلو، وفى أسطورة أخرى قيل أن الديك كان نديمًا للغراب وأنهما شربا الخمرعند خمار ولم يدفعا الثمن وذهب الغراب ليحضر الدراهم، وترك الديك رهنًا عند الخمار ولكنه خانه ولم يعد، وبقى الديك محبوسًا. 

وأسطورة حرب البسوس يمكن أن تدخل فى عالم الأساطير لما فيها من خوارق ومبالغات أبعدتها عن حقيقتها وواقعها وحولتها إلى خرافة، كذلك الحال فى ألف ليلة وليلة فكل حكاياته أساطير.