لعبة الحرب والحب

صباح الخميس 24 فبراير 2022 أدرت مؤشر الراديو إلى إحدى محطات الأغانى التى أتانى منها صوت المطربة عزيزة جلال تشدو قائلة :«اهدى يا حبيبى اهدى يا حبيبى هوه الحب لعبة ولا الحب لعبة» وما هى إلا دقائق معدودة عدت خلالها إلى الزمن الجميل حين استمعت لتلك الأغنية لأول مرة حيث أمسكت بالهاتف المحمول متصفحًا أهم الأخبار حيث وجدت أن الحرب بين روسيا وأوكرانيا قد بدأت بالفعل، تذكرت مقالًا سابقًا كتبته منذ عدة أيام فى نفس المكان والذى تساءلت فيه عن إمكانية أن يتوقف الصراع وتنحل الأزمة بعد الهجوم السيبرانى الذى تعرضت له دولة أوكرانيا وهل إمكانية أن يكون هذا كفيلا بإرضاء كل الأطراف وإثناء روسيا عن التصعيد وصولًا إلى الحرب بأساليبها التقليدية وهو ما لم يتحقق للأسف.

حاولت أن أقنع نفسى أن هذا الطرح كان ولا يزال معقولًا عن قناعة بأن الحروب السيبرانية قد أصبحت جزءًا من أى صراع بين أكثر من طرف، ثم انتقلت بعد ذلك إلى شبكات التواصل الاجتماعى وهنا أصابتنى صدمة من أسلوب تناول عدد من المستخدمين لما يحدث، حيث شعرت أن البعض يتابع ويعلق بنفس أسلوب المتابعة والتعليق على مباريات كرة القدم أو أى نزاع أو صراع بين مطرب مهرجانات ونقابة المهن الموسيقية.

بالطبع لا أقلل م ن أى صراع أو خلاف مهما كان ولا أريد هنا أن أتدخل بالرأى عن الأحداث الجارية فى تلك الحرب ووجهة نظر الأطراف المباشرة وغير المباشرة فيها إلا أننى سعدت لوجود عدد محدود من المستخدمين ينظر إلى الحرب من منظور آخر أراه أكثر أهمية وهو منظور تأثيرها على العالم كله من وجهة النظر السياسية و الاقتصادية أيضا.

هذا الطرح يذكرنى دائمًا بنظرية «تأثير الفراشة» The Butterfly Effect وهى نظرية معروفة فى العلوم الفيزيائية والفلسفية وباقى أنواع العلوم كالعلوم السياسية والاقتصادية أيضًا مفادها أن أى تغيير بسيط ـ يرمز إليه هنا بحركة جناح الفراشة فى الصين على سبيل المثال قد يؤدى إلى إحداث فيضانات وأعاصير فى أوروبا أو الولايات المتحدة الأمريكية. وبالنظر إلى حجم التشابك والاتصال بين أنحاء العالم كله فإن تأثيرات الحرب قد تؤثر على حركة التجارة ومعدلات الإنتاج وخلافه كما أن تلك الحرب تحديدًا قد أثرت بالفعل على سعر برميل البترول وقد يكون لها تأثير على عملية استيراد القمح وكذا أيضًا معدلات النشاط السياحى الوافد إلينا.

كل تلك الخواطر ومعها أنغام أغنية الصباح أحالونى إلى قناعة أن الحب والحرب يشتركان فى أنه لا يمكن اعتبارهما «لعبة» بأى حال من الأحوال.