السبت 27 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
المرأة القاضية

المرأة القاضية

بلاغٌ مهم إلى كل من يعشق تراب هذا البلد الأمين؛ ويعمل على رفعة شأنه بين الدول؛ وفحوى هذا البلاغ يقول: حكمت المحكمة برئاسة القيادة المصرية الواعية المستنيرة وزعيمها الرئيس عبد الفتاح السيسى؛ بضرورة اعتلاء «المرأة» منصة القضاء لتحقيق الأحلام التى داعبت خيالاتها منذ القِدَم؛ والظفر بنجاح نضالها الطويل من أجل الحصول على حقوقهن المجتمعية المشروعة بسلطة الأعراف والتقاليد والقوانين الوضعية.



لقد نَسِيَ ــ أو تناسى ــ هؤلاء المدعين بحماية تراث الدين والعقيدة؛ بأنهم جاءوا إلى الحياة من بطون الأمهات اللاتى أرضعنهم من صدورهن إكسير الحياة واستمعت آذانهم إلى أولى نبضات الحياة من قلوبهن؛ ثم خرجوا إلى الدنيا ليمارسوا محاولات مستميتة لتهميش دورهن المؤثر فى الحياة؛ ومحاولات غبية  حمقاء لتغيير ناموس الكون والقفز على أحكام الشريعة السمحاء التى تعترف بأن الجميع أمام الله سواء.

حكمت المحكمة باعتلاء “المرأة” عرش القضاء؛ لدحض الأكاذيب التى روّج لها محرِّفو التراث من المتشددين السلفيين والمتسلِّفين وجيوش “الأدعياء” محترفى التجارة بالدين والعقيدة؛ والترويج بأنهن “ناقصات عقلٍ ودين”! و”لن يفلح قومٌ ولُّوا أمرهم امرأة” ! من أجل السيطرة على عقول السذج من العامة والبسطاء . وجاء حكم المحكمة ليقطع الطريق على هؤلاء وهؤلاء؛ ولتنتصر الإرادة السياسية الواعية بمقدرات الوطن ومكانته وتاريخه قبل ان يبدأ الزمان.. بزمان!!

حكمت المحكمة المستنيرة بانتصار “نون النسوة” واعتلائها منصة القضاء لتتويج الفترات الطويلة من الكفاح فى أعماق التاريخ البعيد؛ فقد لعبت المرأة المصرية دورًا مهمًا فى المجتمع المصري؛ وكانت لها مكانة خاصة ودور فعال فى العصور القديمة؛ حيث تساوت مع الرجل وتقلدت أمور السياسة والحكم مذ حكمت “حتشبسوت” مصر خلال 22 سنة فى فترة ماقبل الميلاد؛ ناهيك عن فترة وجود الملكات: نفرتيتى وكليوباترا، حتى تم تتويج كفاحهن فى منتصف القرن العشرين؛ مع إرهاصة قيام الدولة الحديثة فى عهد “محمد على”؛ ثم النجاح فى تأسيس أول حزب سياسى للمرأة تحت اسم “الحزب النسائى المصرى” فى العام 1942وقيام الحزب بالمطالبة بتعديل قانون الانتخاب والاشتراك مع الرجال فى حق التصويت؛ بل قمن بالتعبير عن مطالبهن فى المظاهرات النسائية التى اندلعت فى بداية العام 1951؛ وسقوط شهيدات فى تلك المظاهرات العارمة وسط قاهرة المعز.  

حكمت المحكمة والقيادة المصرية الواعية المستنيرة ــ وأنا أقصد تمامًا تكرار هذا المعنى ــ باعتلاء “المرأة” منصة القضاء؛ لأنها أصدق المخلوقات على وجه الأرض فى الإحساس بمعنى الحنان والرأفة والشفقة والحُب الحقيقى الذى لاتشوبه شائبة؛ والإيمان المُطلق بوجود جذور “بذرة الخلق” التى لاتجف ولا تنضب والمتجددة على طول الزمان فى أعماقها؛ وهى إرادة الله الخلاَّق العظيم الذى منحها هذه الخاصية المتفردة؛ وستظل فى ريعانها واخضرارها إلى يوم يُبعثون. 

ولنا ــ فى إيجاز ــ أن نستعرض ماجاء فى سطور الصحف التى نقلت الينا هذه الأخبار السعيدة بانتصار المرأة المصرية بعد رحلة الكفاح المتواصلة؛ ولنقوم بالتوثيق للتاريخ وللأجيال الصاعدة بأنه:

  “للمرة الأولى فى تاريخ مصر، جلست القاضية “رضوى حلمى أحمد على”، عَلَى منصة المحكمة الإدارية أو ما يُعرف بـ”مجلس الدولة”، بعد عقود من المطالبات والدعاوى القضائية لتمكين السيدات من العمل القضائى...”. ومنذ إنشائه عام 1946، لم يشهد “مجلس الدولة” المصرى، وهو جهة قضائية مستقلة تتولى الفصل فى المنازعات الإدارية، ظهور قاضيات على منصات محاكمه، إذ ارتبط ذلك باتجاه المجلس لرفض تعيين الإناث قاضيات فيه، واستمر ذلك حتى صدور أول قرار جمهورى بتعيين 98 قاضية بالنقل من هيئتى النيابة الإدارية وقضايا الدولة (هيئتين قضائيتين) فى 3 أكتوبر “2021”. وشهد شهر مارس 2022 تحقيق هذا الحلم الذى راود أذهان وأحلام كل المتطلعين إلى الانتصار لحقوق المرأة وانتصار الإرادة الواعية المستنيرة على كل أفكار الظلاميين الذين يتلفحون بعباءة القرون الوسطى؛ ويختبئون خلف مجلداتهم الصفراء ذات الأفكار التى لم تنل حظها فى إعمال العقل والتدبير لمسايرة متطلبات العصر وظروفه متسارعة التغيير.

 

رئيس قسم الإنتاج الإبداعى الأسبق بأكاديمية الفنون وعضو اتحاد كتاب مصر