الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اقتصاد الدولة بين آليات السوق.. وتجار السوء!

اقتصاد الدولة بين آليات السوق.. وتجار السوء!

ستظل كلمة “تجارة” قرينة كلمة “الربح والشطارة”؛ بعيدة بفراسخ عن شبح الخسارة؛ وسيظل “التاجر” عاشقًا للمثل الشعبى الذى يقول: “البحر يحب الزيادة”؛ مهما كان حجم ثروته وتجارته، ويطرق كل السُّبُل لتحقيق أعلى ربحية لخزينته وجُعبته؛ ويمارس كل الأحاييل للإعلان عن بضاعته مهما كانت الظروف التى تحيط به، وكلنا يذكُر مغزى قصة التاجر اليهودى الذى كتب إعلانًا عن مهنته وصناعته؛ فحواه: “كوهين ينعى ولده.. ويُصلح سَاعَات”! مابالنا بصاحب “بضاعة طازجة” قد يلحقها  البوار والعفن فى مخازنه؛ أو “سلعة” تعتمد أو تحتوى على صيحة جديدة فى عالم الموضة؛ والشباب يتكأكأون للطلب عليها وحيازتها، حتى لو كانت الحيازة للتباهى.. لا لمنفعةٍ ما! 



من هذا المنطق والمنطلق .. عكف الكثيرون من رجال الاقتصاد على دراسة نظرية “العرض والطلب” التى تتحكم فى آليات السوق وتؤثر عليه سلبًا وإيجابًا؛ خاصة فى ظل تطبيق سياسة  الاقتصاد الحر؛ ومنذ قديم الزمن فإن مؤشر “الأسعار” يتجه إلى الارتفاع المستمر دائمًا لاعتبارات كثيرة منها ارتفاع ثمن المواد الأساسية لإنتاج سلعة ما؛ وارتفاع قيمة الطاقة وتكاليف النقل؛ وهو مايصفه رجال الاقتصاد بمؤشرات “التضخم” الذى يمثل الانحفاض المستمر فى قيمة النقود الشرائية.. وهنا يلعب “التجار” لعبتهم الأزلية واقتناص الفرصة لتحقيق أعلى عائد على بضائعهم أو منتجاتهم السلعية.. والخدمية؛ دون الأخذ فى الاعتبار حال اقتصاد الدولة أو مراعاة الأحوال الاجتماعية والظروف السياسية المحيطة بها، ويبقى الشغل الشاغل لتجار”السوء” هو الانقضاض على كل هوامش الربح التى يتم اقتطاعها من “قوت الغلابة”! خاصة حين يكون معدل الزيادة السكانية يفوق بمراحل معدلات الإنتاج السلعية والخدمية؛ فالزيادة السكانية تأكل فى طريقها الأخضر واليابس داخل نطاق خريطة الدولة والمجتمع. 

وهُنا كان لامناص من أن يظهر “دور الدولة” من أجل الحفاظ على التوازن المجتمعى المطلوب؛ وعدم ترك “الحبل على الغارب”  لرأس المال المملوك لأساطين السوق و”السوء” داخل المجتمعات؛ تلك المجتمعات التى تبحث لها الدولة عن الاستقرار واستمرارية الحياة بلا ثورات أو مظاهرات تطالب بالحياة الكريمة تحت الظلال الوارفة من الرحمة والحماية.

وسرعان ما استجابت الدولة متمثلة فى تعليمات الرئيس والزعيم عبدالفتاح السيسى ؛ بتكليف رئيس مجلس الوزراء برسم خطة حكومية عاجلة لمواجهة الارتفاعات الكبيرة فى أسعار السلع فى الأسواق المصرية، حيث ستتم إقامة أسواق وشوادر تغطى جميع المحافظات لبيع احتياجات المواطنين من السلع والمنتجات المختلفة بأسعار مخفضة، وتستمر هذه الأسواق حتى نهاية شهر رمضان المعظم؛ وهذا يتم كجزء من الجهود التى تقوم بها الحكومة لمواجهة الغلاء وارتفاع الأسعار والتصدى للتلاعب فى الأسواق بتوفير احتياجات المواطنين.. وربما ــ على سبيل الحيطة والحذر ــ اتقاء لما قد يحدُث من  احتمالات الهبوط فى مخزون احتياطى: “القمح.. قوت الغلابة” بفعل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية؛ وتفادى تأثيرها السلبى على الاقتصاد المصرى.

ولقد شهدت العاصمة المصرية  وبعض المدن الأخرى.. لقاءات حيَّة شبه يومية بالشارع المصرى بين الرئيس والعديد من المواطنين ـ دون تمهيد أمنى أو سياسى لتلك اللقاءات العفوية ــ وحظيت هذه اللقاءات بتوجيهات الرئيس المشددة واتصاله المباشر بالمواطنين بالسؤال عن “حال الأسعار” ومدى اتساقها مع دخل العائلة البسيط؛ متحدثُا مع مواطنيه بأنه لاداعى للتخزين تحسُّبًا لاختفاء بعض السلع؛ وإخبارهم بألاَّ يمسسهم الخوف من نقص بعض الضروريات الحياتية؛ وطمأنتهم بأن الدولة المصرية لديها فائض من الاحتياطيات فى الدقيق والزيت والسكر؛ وعن محصول القمح.. أكد أن الاحتياطى يكفى حتى آخر العام الحالى؛ بالإضافة إلى دخول محصول القمح المحلى، مؤكدًا أنه سيتم التوسع فى المنافذ لتوفير السلع الحياتية الضرورية لمنع التلاعب بالأسعار؛ وأن مصلحة المواطن المصرى هى الهدف الأسمى دائمًا.

ولعلى  لا أستبق الأحداث ــ واكون فى طليعة المبشرين بهذا الخبر الجميل ــ بأن أزف  إلى جموع الشعب المصرى الكريم؛ قرار الرئيس عبدالفتاح السيسى بزيادة  المرتبات والمعاشات بمعدل 13% اعتبارا من شهر ابريل 2022؛ ولعله بهذا  القرار الحكيم يقول لبنى شعبه الكريم: “إننى أعرف مدى المعاناة القسرية فى  ارتفاع مؤشرات الأسعار وانخفاض قوة وقيمة القوة الشرائية للعملة المصرية.. فإننى أبذل ما فى وسعى ووسع الاقتصاد المصرى لرفع المعاناة عن أكتاف المصريين بصفة عامة وهناك المزيد من الترتيبات تحصن بها الدولة المصرية مواطنيها من مغبة القادم من الأيام من افتقار إلى احتياجات ضرورية قد يتعذر توفرها لولا حصافة الدولة واستعدادها لمواجهة أيام صعبة ليس على مصر فقط بل على العالم كله الذى سوف يضار إذا ما تفاقمت الحرب الدائرة الآن وارتبك الاقتصاد العالمى وعمت ظلاله على الجميع .حفظ الله مصر حكومة وشعبا وكتب لها السلامة والرخاء.

رئيس قسم الإنتاج الإبداعى الأسبق بأكاديمية الفنون وعضو اتحاد كتاب مصر