الثلاثاء 21 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
دعوة الرئيس.. وتعديل قوانين الأحوال الشخصية

دعوة الرئيس.. وتعديل قوانين الأحوال الشخصية

   (أنا مسئول أمام الله سبحانه وتعالى عن كل بيت وأسرة)!



 إنها العبارة الموجزة التى وردت على لسان الرئيس عبدالفتاح السيسى فى مداخلته مع برنامج «صالة التحرير» بالتليفزيون المصرى، وهى المؤثرة المُوحية بأعظم الدلالات، للتحذير والتنبيه والنظر إلى مستقبل الأسرة المصرية، حجر الزاوية فى صرح بنيان المجتمع المصرى.

وللأمانة.. ودون اتهامنا بالتملق أو المزايدة، فإن من يستمع إلى هذه الكلمات العميقة الطيبة الصَّادرة من أعماق القلب والروح والوجدان، فإنه من المستحيل أن ينسبها إلى شخصية «الحاكم»، ولكنه لابد وأن ينسبها إلى شخصية «الإنسان» رب الأسرة الكبيرة صاحب القلب النابض بالحُب والضمير اليقِظ الحى، هذا القلب والضمير اللذان يشعُران بشتى المصاعب والمشاكل التى تواجه بنى وطنه، وتمثل التعبير الصادق عن مدى الإحساس بسلسلة أزماته وصداماته المتكررة مع منطوق ومحتوى «القوانين» التى تم وضعها فى مناخ مغاير تمامًا للمناخ الذى يسود العالم فى المرحلة الآنية، وتثير الهِممْ للحث على ضرورة التفرغ للعمل الجاد ــ بمعرفة رجال القضاء والحكومة والبرلمان ومؤسسة الأزهر وجميع مؤسسات الدولة والمجتمع، للتكاتف من أجل إعداد وتفعيل قانون أحوال شخصية يحقق العدالة والاتزان ــ ولتحديث القوانين غير المرنة التى تجعل الفرد يصطدم بالعديد من المتغيرات المجتمعية المتسارعة، تلك المتغيرات التى تقتضى سرعة إدخال العديد من التعديلات الجوهرية على منطوق بنود «موادها»، كى تتماشى مع المتطلبات الجديدة اللازمة لنمو المجتمع وتقدمه وازدهاره، ولكى تُرفع من طريقه كل المعوقات التى تؤدى  حتمًا ــ إلى التفكك الأُسرى جرَّاء قضايا الأحوال الشخصية التى نعانى منها ونسمع عنها منذ أكثر من أربعين عامًا وما زالت موجودة حتى الآن!

ولعل الخطوات الجادة التى اتخذتها القيادة الوطنية بالجمهورية الجديدة؛ تنبئ ببزوغ شمس جديدة تسطع فى سماء الأسرة المصرية، وذلك بالبدء بدعوة أساطين أساتذة علم الاجتماع ومعهم السادة قضاة مصر الأجلاء، وعلى رأسهم المستشار رئيس محكمة الأسرة السابق، للحضور إلى مقر الرئاسة للتباحث حول إقرار وصياغة وتفعيل ملف يضم القوانين الجديدة العادلة للأحوال الشخصية فى مصر.

ولعل من حُسن الطالع ـ والبدء بالطَّرْق على الحديد الساخن ـ أن تقدمت الحكومة بمشروع قانون يتضمن إدخال التعديلات الواجبة على قانون الأحوال الشخصية، والذى سبق أن نوَّهت إلى إعداده من قِبل جميع مؤسسات المجتمع المدنى من الأزهر والكنيسة ودار الإفتاء وحقوق الإنسان وحقوق المرأة، وأشارت إليه سيادة النائبة البرلمانية الأستاذة/ فريدة الشوباشى بقولها: «إن الدعوة لتعديل قانون الأحوال الشخصية ضرورة للحفاظ على الأسرة المصرية وتحمى حقوق كل من الزوجة والأبناء».

وجاءت اقتراحات التعديلات فى قانون الأحوال الشخصية الجديد؛ شاملة تحديد إطار علاقات ومنهاج من يشرعون فى الإقدام على تكوين «أسرة»، بأنه لا يجوز تزويج من لم يبلغ من الجنسين  ثمانى عشر سنة ميلادية كاملة، ويعاقب بالحبس مدة لا  تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد على سنة كل من تسبب، أو عقد، أو وافق، أو وثَّق، أو شهد على عقد زواج قاصر دون هذا السن المُحدد، ما لم يكن ذلك بأمر القاضى  المختص، كما لا يجوز التنازل عن العقوبة وفقًا لأى قانون آخر.

كما تضمن مشروع قانون الأحوال الشخصية المقدم من الحكومة المئات من المواد التى تشتمل على مواد  أحكام  عقد الزواج وانتهائه، والعديد من الأبواب التى توضح أحكام الخطبة وعقد الزواج، وآثار الزواج وأحكامه، وانتهاء عقد الزواج والطلاق، والتطليق والفسخ، والخُلع،  والمفقود، والنَّسَبْ، والنفقة، والحضانة، وصندوق دعم ورعاية الأسرة المصرية، والجديد هو إقرار حق الزوجة  فى طلب الطلاق مع حصولها على جميع حقوقها، وتخصيص نسبة «خمسة بالمئة» من الإسكان الاجتماعى  للمرأة بلا مأوى.

ولعل تفعيل هذه المواد التى تهدف إلى تحقيق العدالة المجتمعية العقلانية المتحضرة، غايتها الحفاظ على أطراف ليس لها ذنب فى الخلافات الأسرية ــ وهذا وارد فلسنا فى مصاف الملائكة ــ  وبالأخص الأطفال وهم اللبنة الأولى فى جدار المجتمع، بحيث نضمن لهم جميع حقوقهم سواء المادية الملموسة كالمأكل والملبس والصحة والالتحاق  بالتعليم ورعاية مواهبهم لحين خروجهم إلى الحياة العملية ورعاية أنفسهم داخل الإطار المجتمعى القويم.

إن القيادة الوطنية المخلصة، وهى تعمل بكل الجدية فى إقامة المشروعات القومية والمصانع العملاقة التى تنهض بمصرنا المحروسة وتدفعها إلى مصاف الدول المتقدمة وسط خريطة العالم، تؤمن ــ فى الوقت نفسه ــ بأهمية دور «الفرد» فى تلك المشروعات العملاقة، وبأنه العصب المحرك والقلب النابض لكل مشروعات رفاهية الوطن.. والإنسان على أرضه؛ فيكون شغلها الشاغل والدائم؛ هو العمل الدءوب على إقرار قوانين الأحوال الشخصية العادلة والمنطقية، التى تجعله يسير قُدُمًا  فوق بُسُـطْ الراحة آمنًا مطمئنًا بنيل كل حقوقه الإنسانية المشروعة، ودون الإخلال بواجباته نحو المجتمع الذى كفل له بساط الطمأنينة. فتحية من القلب لكبير العيلة المصرية الرئيس السيسى على الاهتمام بتأمين الأسرة المصرية والعمل على حمايتها وإصلاح الصورة الذهنية لدى شبابنا حتى لا يحجموا عن اتخاذ الخطوات الجادة نحو تكوين أسرة مخافة الفشل والدخول فى صراعات لا يحميها قانون يقى من التفكك وضياع الحقوق .. سنوات العمر.

 

رئيس قسم الإنتاج الإبداعى الأسبق بأكاديمية الفنون وعضو اتحاد كتاب مصر