الإثنين 25 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
قبلة الحياة من الرئيس لسنابل الخير فى توشكى

قبلة الحياة من الرئيس لسنابل الخير فى توشكى

ما أجمل التفاؤل الذى يعطى للإنسان شحنة هائلة من الطاقة الإيجابية؛ تلك الطاقة التى تجعله يعيش دنيا الأحلام بعيونٍ يقِظة مستوعبة لسلبيات الماضى؛ ومفتوحة على وقائع الحاضر؛ ومتطلعة لاستشراف المستقبل المزدهر لصالح البشر على أرض الوطن.



ويقينا لن يأتى هذا التفاؤل المصحوب بشحنة الطاقة الإيجابية بمجرد الاستسلام والركون إلى التواكل؛ دون اللجوء إلى ما منحه الله لعقولنا من ضرورة الأخذ بأسباب العلم والمعرفة والدراسة؛ وهو ـ سبحانه وتعالى ـ الذى أمرنا بالتدبُّر حين قال: « وَقُلْ رَبِّ زِدْنِى عِلْمًا»؛ دونما انتظار لمن يفسِّـر لنا أضغاث الأحلام والتنبؤ بالغيبيات؛ مثلما أخبرنا قصَصْ القرآن الكريم عن زمن وجود الفتى الجميل الصدِّيق «يوسف» بين القضبان فى سجن «عزيز مصر» ؛ حيث تقول الآية الكريمة: «وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّى أَرَىٰ سَبْعَ بقرات سِمَان يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَٰتٍ خُضْر وَأُخَرَ يَابِسَٰات يَٰا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِى فِى رُءْيَٰىَ إِن كُنتُمْ لِلرُّءْيَا تَعْبُرُونَ.  (يوسف 43).

ونحن نرى الآن وبالجهود العلمية المخلصة ـ بعيدًا عن التخمين والتنجيم وتفسير الأحلام والتأويل ـ استطاعة العلماء دراسة كل الظواهر الطبيعية فى هذه المنطقة من العالم؛ ومعرفة مدى تأثيرها على المجتمعات ومتطلبات الحياة فيها؛ يضاف إليها خبرات أقدم فلاح فى التاريخ؛ وهو الفلاح المصرى الذى استطاع ــ بالفطرة ــ ترويض النهر فى عنفوانه؛ وتحديد الخطوط العريضة للسنة الزراعية؛ مستعينًا بأدواته البدائية: الطنبور، والشادوف، والمحراث، والساقية، والنورج، والمدراه؛ وبكل تلك الخبرات المصرية المُكتسبة عبر «التاريخ» نجح الفلاح فى إخضاع «التضاريس والجغرافيا» واستغلال عبقرية المكان فى زراعة مفيض توشكى جنوب وادينا الأخضر الخصيب؛ وتكلأنا رعاية الله وعنايته؛ ليمنح أعواد السنبلات الاخضرار والنماء؛ وليجعل «... فِى كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ...» (البقرة 261).

 وفى يوم لاننساه ذات صباح يوم جميل فى مفيض توشكى.. وقف الرئيس عبدالفتاح السيسى؛ ليشهد بداية موسم الحصاد لحقول سنبلات «الحنطة» الممتدة على «مدد الشوف»؛ ولكنه ـ فى الحقيقة ـ لم يكن يشهد حصاد «السنبلات الخُضر» فقط؛ ولكنه كان يشهد حصاد ثمار مايقارب عشر سنوات من الجهد والعرق والدموع.. والدم! من أجل تحقيق طفرة  بإنشاء مجتمعات زراعية متكاملة ذات مردود وعوائد كبيرة؛ فضلًا عن توفير الآلاف من فرص العمل فى ظل نهضة اقتصادية شاملة؛ ومع تلك النهضة التنموية؛ يتم تحقيق ماتصبو إليه القيادة الوطنية من الرفاهية للشعب المصرى الأمين؛ وليضمن «رغيف الخبز» الذى يُعد رمزًا رائعًا لاستمرارية الحياة الكريمة على أرض مصر؛ حتى لو كان مغموسًا بالملح!!

إن مشروع  “توشكى” رغم تعثره وتوقف العمل به فى حقبة الحُكم فى السنوات الماضية؛ أعادت القيادة الوطنية بالجمهورية الجديدة إكسير الحياة له من جديد؛ حتى أصبح الآن من المشروعات الكبرى فى قطاع الاستصلاح الزراعى على خريطة الشرق الأوسط؛ وأحد أهم المشروعات القومية العملاقة التى نجحت الدولة  ــ بتوجيهات الرئيس السيسى  فى إعادة الحياة لها بحل كل المشاكل التى كانت تعوق المشروع عن تحقيق مستهدفاته، وبعين الرعاية نفسها من الرئيس؛ تم توفير جميع المقومات اللازمة لنجاحه واستمرارية الاخضرار والنماء على أرضه، وهو الأمر الذى تطلب القيام بحجم أعمال هائل فى جميع جوانب ومكونات المشروع للنهوض به سواء على الجانب الإنشائى باستكمال البنية الاساسية، أو ما يتعلق بتوفير مياه الرى ومصادر الطاقة، والعمل الجاد على إنشاء المحاور لربط المشروع بشبكة الطرق القومية، وتوفير الموارد المالية لكل تلك العناصر.

إن “قُبْلة الحياة” تم منحها من الرئيس عبدالفتاح السيسى مجددا لمشروع مفيض توشكى؛ لكى يخلق دلتا جديدة جنوب الصحراء الغربية موازية للنيل؛ من أجل إضافة مساحة تصل إلى 540 ألف فدان للرقعة الزراعية، ليتم ريِّها بمياه النيل عبر “ترعة الشيخ زايد” التى تبلغ حصَّتها من المياه نحو 5.5 مليار متر مكعب سنويًا.

ومن الجدير بالذكر أن  لفظة “توشكى” هى اسم مكون من مقطعين فى اللهجة النوبية، المقطع الأول (توش)، وهو اسم لنوع من “الأزهار العطرية الطيِّبة”؛ وهو نبات الغبيرة الذى كان ينمو بغزارة فى وادى توشكى، والمقطع الثانى (كى) ومعناها الموطن أو المكان، ومن ثم تعنى (توشكى) موطن نبات الغبيرة.

ويهدف المشروع إلى التغلب على الفجوة الغذائية، وذلك بزيادة الرقعة الزراعية ؛ وكذلك تعظيم عائد الموارد المتاحة؛ وزيادة الصادرات الزراعية، بما يسـاعد على تقليل العجز فى الميزان التجاري؛ وتشجيع الإعمار السكَّانى لتخفيف الضغط البشرى على الوادى الخصيب ودلتا النيل.

وأكرر مرة أخرى للتوثيق للأجيال الصاعدة: إن الدولة وقيادتها الوطنية تعمل على  توفير “رغيف الخبز” كرمز رائع لاستمرارية الحياة الكريمة على أرض مصر؛ حتى لو كان مغموسًا بالملح!!

رئيس قسم الإنتاج الإبداعى الأسبق بأكاديمية الفنون وعضو اتحاد كتاب مصر