السر سر الخلطة

يتسم عصر المعلومات بالعديد من السمات المهمة يأتى على رأسها غزارة وتنوع مصادر المعلومات المتعددة حيث تمكن تلك المصادر من وجود سائل متدفق من المعلومات وتحديثاتها المستمرة وهو ما يضع العالم كله فى سباق محتدم ومحموم من أجل الحصول على المعلومات المحدثة وتحليلها واستخدام نتائج التحليل لأخذ قرار وهو المبدأ الأساسى من مبادئ خطوات دعم القرار بصورة عامة.

التطور السريع فى كم المعلومات المنتجة جعل أساليب التحليل التقليدية عاجزة عن التعامل مع هذا الكم المهول والذى يطلع عليه مصطلح Big Data وهنا تظهر أهمية استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى لتحليل هذا الكم الكبير فالبيانات تصدر حاليا من كل شيء وليست من المؤسسات المتخصصة أو من استطلاعات الرأى كما كان فى السابق حيث إنه بظهور تقنيات إنترنت الأشياء أصبح كل شىء يمكن أن يكون متصلا من خلال الشبكة ويكون قادرا على إصدار كميات مهولة من البيانات اللحظية التى توضح حالة تلك الأشياء وكذا أيضا موقف المعاملات المختلفة التى تتم من خلال الشبكات وهنا يكون التميز فى القراءة والدمج والتحليل هى السمات المميزة والفارقة لنظام عن الآخر. 

أمر مشابه رأيناه ولمسناه منذ فجر التاريخ على المستوى الإنسانى وأحسب أنه مازال مستمرا ومازال مؤثرا وهو قدرة الإنسان على رصد ما يدور حوله واستيعاب المعارف والأحداث والخبرات التى يحتك بها ويمر خلالها ثم يستطيع من خلال خلط كل ما سبق داخل عقله ووجدانه أن يقوم بتوليد معارف وخبرات وقراءات وحكم وقواعد جديدة تعتمد على كل ما سبق بالإضافة أيضا لما حباه الله به من قدرات ومهارات فعلى سبيل المثال يمكن تعريض مئة شخص لنفس التعليم والظروف بوضعهم فى نفس البيئة ليتعرضوا لنفس الأحداث ويرصدوا نفس المعلومات والمعارف ثم ننظر إلى ما يقدمه كل منه من إبداع شخصى أى نتاج خلط وهضم كل ما سبق ثم إخراجه بالأسلوب الشخصى الفردى وهو ما يجعلنا نعيش فى عالم مدهش لا ملل فيه فلكل شخص من المئة شخص بسمة إبداعية خاصة به ومن الظلم والعبث أيضا أن يحاول أحد أن يقلد بصمة أى شخص آخر والتجارب السابقة فى محاولات التقليد أكاد أزعم أن كلها قد باء بالفشل.