هل اقتربت الحرب السيبرانية الأولى؟

لا يمكن على وجه الدقة الإجابة عن هذا السؤال، هل اقتربت الحرب السيبرانية العالمية الأولى بالفعل أم لا، البعض يعتبر ما حدث قبل الغزو العسكرى الروسى لأوكرانيا فى 24 فبراير من العام الماضى يمكن بالفعل أن يطلق عليه هذا التعبير، فقبل بداية العمليات العسكرية على الأرض تعرضت العديد من المواقع والأنظمة الالكترونية الحيوية لعدد من الهجمات السيبرانية لتعطيل تلك الخدمات ولإتلاف البيانات أيضا، لا يمكن أن نغفل التسريبات المتعددة التى تطالعنا بها وسائل الإعلام المختلفة بين الحين والآخر والتى يمكن أن نعتبرها مجرد قمة جبل الجليد Tip of the Iceberg وأنا نسبة لا تقل عن 90% من الهجمات لا يتم الإعلان عنها على الإطلاق، أو على أقل تقدير يتم الإعلان عن أسباب أخرى واهية مثل وجود تحديثات فى الأنظمة أو أن الأنظمة تمر بمراحل من الصيانة، أو تعطلت نتيجة خطأ فنى قام به المسئولون عنها وجار إصلاحه.

على الجانب الآخر صدر تقرير مهم من إحدى الشركات العالمية المتخصصة فى تقديم حلول وأنظمة فنية لتأمين البيانات والشبكات تشير فيه إلى زيادة معدلات الهجمات السيبرانية بنسبة 38% خلال عام 2022 مقارنة بالعام الذى يسبقه، يشير التقرير أيضا إلى أن دولة مثل المملكة المتحدة زادت معدلات تلك الهجمات بنسبة 70% على الأقل خلال نفس العام.

بالطبع هذه النسب سواء النسبة العالمية أو ما يخص المملكة المتحدة هى نسب كبيرة جدا، أكبر بكثير من معدلات النمو فى الشبكات والأنظمة وإعداد المستخدمين مما يجعل النظر إلى الهجمات السيبرانية يختلف عن الأعوام السابقة، أى أن هذه المعدلات تشير إلى زيادة حقيقية -وليست نسبية- فى الهجمات السيبرانية المباشرة.

والحقيقة أن مقارنة الحرب العالمية الأولى والثانية من حيث عدد دول المواجهة والدول المتصلة بها-المحتلة غالبا- يوضح أن مفهوم وجود حرب عالمية لا يعنى بالضرورة دخول كل دول العالم إلى خطوط المواجهة، يكفى أن تتم بين الدول الكبيرة وسيصل تأثيرها إلى باقى الدول أيضا، ولذلك فإن الحديث عما سبق من حروب يمكن أن يتم اعتباره بالفعل حديثا عن حرب سيبرانية عالمية.

على الجانب الآخر يرى البعض أن تسمية حرب سيبرانية عالمية يجب أن يتضمن اشتراك أكبر عدد من دول العالم فيهان ببساطة لأن هذا النوع من الحروب لا يحتاج إلى ساحة معركة يقتتل فيها عدد من الجيوش بصورة مباشرة، حيث يمكن أن تنشب الحرب بين دولتين غير متجاورتين وهو ما يجعل البعض لا يعتبر ما سبق يمكن أن يصل إلى حد إطلاق حرب سيبرانية عالمية عليه ولكن فى جميع الأحوال ومع زيادة درجة التشابك بين الدول ومصالحها من خلال شبكات المعلومات فإن المفهوم الأكثر وضوحا هو اشتراك أكبر عدد من الدول بالفعل ووقوع خسائر مادية كبيرة لها بغض النظر عن موقعها الجغرافى ولذلك يمكن اعتبار كل ما سبق هو تمهيد سريع وكبير لتلك الحرب المتوقعة قريبا،... قريبا جدا.