بعوضة فما فوقها

يضرب الله عز وجل فى الآية 26 من سورة البقرة المثل بالبعوضة، بسم الله الرحمن الرحيم «إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِى أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا، فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ، وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَٰذَا مَثَلًا، يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِى بِهِ كَثِيرًا، وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ».

وهذا الاستخدام لتلك الحشرة يأتى ردا على المنافقين والذين استنكروا أن يضرب الله الأمثال بأمور مثل قوله: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِى اسْتَوْقَدَ نَارًا وقوله: أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ وقالوا إن هذا لا يصح وأن الله أجل وأكبر من أن يضرب الأمثال بهذه الأمور البسيطة لذلك نزلت تلك الآية، كما يفسرها بعض المفسرين بأن الله يمثل المنافقين بالبعوضة وهى التى إن جاعت حيت وإن شبعت ماتت وهذا هو حالهم، إذا أعطوا من الدنيا امتنعوا عن طريق الله فيأخذهم الله بذنوبهم.

والحقيقة أن الآية تدفع إلى البحث عن خصائص البعوضة وهو ما يثير الدهشة بالفعل، فالبعوضة وعلى الرغم من أنها من أضعف المخلوقات إلا أن التكوين الجسدى لها مذهل، فلها 100 عين فى رأسها و48 سنا فى فمها ولها ستة أرجل وجناحان وثلاثة قلوب ولديها جهاز استشعار حرارى وتقوم بتخدير الجزء الذى ستقوم باختراقه لتمتص منه الدماء ولذلك لا يشعر الإنسان بالألم إلا بعد انتهاء البعوضة من امتصاص الدم، كما أن البعوضة انتقائية فى اختيار الشخص، حيث تقوم بتحليل دمه ولا تبدأ فى امتصاصه إلا بعد التأكد من نقاء هذا الدم ولذلك قد تجد خمسة أشخاص فى غرفة ولا تقترب البعوضة إلا من شخص معين تكون قد أجرت عليه تلك الاختبارات أولا.

ولا تتم عملية الامتصاص بهذه السهولة بل تمر بثلاث خطوات الأولى هى التخدير كما أسلفنا والثانية هى شق الجلد والوصول إلى طبقة عميقة فيه حتى يخرج الدم الذى تقوم بخلطه بمادة معينة لتمنعه من التخثر وليبقى فى درجة لزوجة تسمح لها بالامتصاص بسهولة.

يبقى أن نقول إن هذه الحشرة الصغيرة يوجد لها ثلاثة آلاف نوع وتنقل العديد من الأمراض كما أنها غذاء مهم للضفادع، أما عبارة «فما فوقها» فيمكن تفسيرها على أنها ما فوقها فى الحجم أو ما فوقها بالفعل حيث تبين وجود أنواع صغيرة جدا من الكائنات الحية والتى تعيش فوقها وتتغذى عليها أيضا والله أعلى وأعلم.