الأحد 1 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
التكنولوجيا والسياسة

التكنولوجيا والسياسة

ما يحدث الآن عبر شبكات التواصل الاجتماعى من صراعات وتكميم لبعض الأصوات التى تتبنى وجهات نظر مغايرة لمالكى تلك المنصات ينسف فكرة موضوعية وحيادية التكنولوجيا من أساسها وهو أمر لم يعتاد عليه الإنسان منذ بدأ فى التفاعل مع الأجهزة والمعدات بداية من اكتشاف النار أو الروافع وصولًا إلى الأجهزة المنزلية فى العصر الحديث.



فلم يحدث فى أى عصر من تلك العصور أن امتنعت النار عن تسوية طعام معين أو امتنعت مصابيح الإضاءة عن العمل؛ لأن ما سيحدث داخل إحدى الغرف يتعارض مع ما يعتقده توماس إديسون مثلًا، ولكن للأسف منذ بداية وسائل الإعلام من صحافة وراديو وتلفاز والانحيازات أصبحت واضحة، بالطبع هذا كان يتم بقدر محدود، قدر وجهة نظر الوسيلة وأصحابها وتوجهاتهم وهو ما تواءم معه الجمهور من خلال التعرف على ذلك والاطلاع على وجهات النظر المختلفة من خلال المصادر المختلفة.

استمر الأمر كذلك حتى بعد دخول العالم فى عصر المعلومات وشبكة الإنترنت بالأسلوب الكلاسيكى المعتمد على المواقع الإلكترونية التى كان أغلبها مجرد وسيلة أخرى للمؤسسات الإعلامية نفسها تقدم فيها وجهات النظر نفسها، أما مع الدخول فى عصر شبكات التواصل الاجتماعى فإن الأمر اختلف كثيرًا.

فالمستخدم لم يعد مستقبلًا وحسب، بل أصبحت لديه الإمكانية أن يتحول إلى مراسل أو صحفى أو صاحب كلمة ورأى، وأصبح «نظريًا» قادرًا على الإدلاء بتلك الآراء عبر تلك الوسائط.

بالطبع اصطدم الأمر فى أوله بالانحرافات المتوقعة لبعض المستخدمين فيما يحاولون نشره من محتوى لا أخلاقى أو مغلوط وهو ما حاول القائمون على تلك المنصات التعامل معه عبر ما اسموه «سياسات الاستخدام»، إلا أن الأمر اختلف كثيرًا أو فلنقل «أصبح أكثر فجاجة ووضوحًا» بعد الأزمة الأخيرة التى أوضحت للجميع أن الأمر ليس مجرد حماية للمستخدمين من المواد الضارة والكاذبة ولكن أصبح محاولة لطمس إحدى وجهات النظر فى مقابل تشجيع وجهات نظر أخرى على الانتشار والرواج.

وللأسف ومع محاولات الهروب من تلك القيود، إلا أن هذا ليس كافيًا ولن يكون مستدامًا وأيضًا فإن الأصوات التى تنادى بمنصة عادلة لن تصل إلى أى نتيجة وسرعان ما تنتهى الأزمة ويعود الجميع إلى الاستخدام المكثف للمنصات الحالية وكان شيئا لم يكن.