اللهو الخفى التوليدى
فى حديث الناس عن الذكاء الاصطناعى لاحظت أن البعض ينظر إليه بالكثير من الانبهار, بينما يرفضه البعض الآخر رفضًا باتًا, وبين هؤلاء وهؤلاء نجد أصواتًا عاقلة ترى المميزات وتعرف العيوب والمخاطر وتعرف أو تحاول أن تعرف كيف تتعامل معها, ولكن ما لفت نظرى أن محاولة فهم الذكاء الاصطناعى تختلف من شخص لآخر بحسب درجة معرفته ومستوى وعيه وذكائه, وكذا أيضًا تعتمد على أى تطبيق من تطبيقات الذكاء الاصطناعى استخدمها وتعرض لها، أمر مشابه تمامًا لمحاولة ثلاثة من فاقدى البصر لوصف الفيل، تلك القصة الشهيرة التى قام أول شخص فيها بتحسس «الزلومة», ولذلك وصف الفيل بأنه طويل ورفيع مثل الخرطوم, بينما تحسس الثانى بطن الفيل فوصفه بأنه عريض كالحائط, بينما تحسس الثالث رجله فوصفه بأنه ثابت كالشجرة.
لذلك أحاول دائمًا أن أوضح أن الذكاء الاصطناعى ليس هو اللهو الخفى ولا هو شيء واحد, وذلك ببساطة وبالإضافة إلى اختلاف المقيم, فإن الأمر يرتبط أيضًا باختلاف برنامج أو تطبيق الذكاء الاصطناعى الذى تعامل معه وهو أمر مشابه لذكاء الإنسان والذى تختلف درجته من شخص لآخر, فلا يمكن أن نتعامل مع أطفال فقط ونصف ما يفعلونه بأن هذا هو الذكاء البشرى, ولا يمكن أن نتعامل مع حكماء فقط لنصف الذكاء الإنسانى بأنه هوما يفعلونه, ولكن الحقيقة أن الذكاء الإنسانى يختلف من شخص لآخر ومن زمن لآخر, وذلك نتيجة وجود عوامل كثيرة تؤثر فى مستوى ذكاء الشخص الواحد, ولذلك فإن الأمر مشابه عند الحديث عن الذكاء الاصطناعى, ولنأخذ مثالًا على هذا, فبينما يعطينا أحد برامج الذكاء الاصطناعى نتائج رائعة سواء مكتوبة أو مسموعة أو مرئية فإننا قد ننتقل إلى برنامج آخر لا تكون دقة المحتوى المولد منه بنفس القدر من الدقة.
هذا الأمر يتوقف على أكثر من عامل, أولها كم ونوعية وجودة البيانات التى يتعامل معها البرنامج, والعامل الثانى هو جودة ودقة البرنامج فيما يخص البحث والمقارنة والتحليل والصياغة والتوليد.
ولكن فى جميع الأحوال يمكن أن نصل إلى متوسط عام للذكاء الاصطناعى تمامًا مثلما تمكنا فى فترات سابقة من وضع درجة محددة أو حدود دنيا وحدود قصوى لمتوسط الذكاء البشرى فى عينة من البشر.
لذا أرجو دائمًا ألا نهاب الذكاء الاصطناعى ولا أن نحكم عليه حكمًا عامًا ولا حتى أن نثبت حكمنا على تطبيق ما, فالحقيقة الكبيرة فى عالم الذكاء الاصطناعى أنه شديد التغيير وأيضًا شديد التطور.
