السبت 4 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الزواج الثانى أمانة مضاعفة

تحية طيبة من القلب لبريد روزا وبعد…



 

أنا سيدى الفاضل زوجة فى العقد الخامس من العمر، أعيش بالصعيد، وأم لأربع فتيات أكبرهن طالبة بالمرحلة الجامعية، زوجى حاصل على مؤهل متوسط، يعمل موظفًا ويمتلك أيضًا تجارة خاصة به، تعتمد على استيراد البضائع وبيعها، ارتبطنا بعد قصة حب جمعتنا منذ الطفولة، وتزوجته فى سن الثامنة عشرة وكان هو بالعشرين من عمره، مرت الحياة بيننا ونحن فى قمة السعادة، قبل أن تتبدل أحوالنا شيئًا فشيء، رزقنا الله ببناتنا الواحدة تلو الأخرى - لكن شتان الفرق بين استقباله خبر ولادة ابنتنا الأولى التى لقبها حينها «بوش الخير» - وبين الرابعة التى سيطر عليه بسببها الهم والغم لمجرد معرفته بأنها أنثى، وسرعان ما نفذ وعده السابق لى بالزواج الثاني، وتزوج بالفعل من سيدة مطلقة تصغره بأربعة عشر عامًا، أنجبت له الولد منذ أشهر، وتجاهل تمامًا صدمة بناته اللاتى جلبن له الرزق بقدومهن إلى دنيانا، واتسعت ببركتهن رقعة تجارته لتمتد بين المحافظات المجاورة، اشترى العديد من الأراضى الزراعية التى أكمل بها دائرة نشاطه التجاري، وكذلك العقارات السكنية والمخازن، قبل أن يقرر فى النهاية مكافأتى بالزواج الثاني،، وللأسف لم يستغل تحقق كل أمانيه ليزيد من احتوائه لنا - بل أصبح لا يتوقف عن التقصير بحقى على وجه الخصوص، مع العلم بأننا لا نكل ولا نمل من خدمته بحب وشغف، ولا أنكر بأننى رغم معاملته الجافة والقاسية لى - إلا أننى أحبه ولا أتخيل حياتى بدونه، وإحقاقًا للحق فهو لا يبخل على بناته بشيء، لكن كما تعلم أستاذ أحمد فإن الماديات لا تعوض الاحترام المتبادل بين الأزواج، وهذا لم أعد أشعر به على الإطلاق كما كان فى بداية زواجنا، ولا أعرف ماذا أفعل ليعود إليَّ زوجى الذى أعرفه، بعد أن غاب العدل بينى وبين زوجته الجديدة، لأنه يعتقد بأن المساواة فى العلاقة الحميمية فقط، وليست فى الحب والحلم وامتلاك النفس عند الغضب، واللهفة والاعتراف بالفضل، كلها مشاعر تلاشت للأبد تقريبًا، وأنا سيدة ليس لها حيلة كما يقولون، تربيت على احترام طبيعة زوجى وكتم أحزاني، وعدم البوح بها إلا فى أضيق الحدود، والتركيز على تربية بناتى - لكننى قررت كتابة مشكلتى وإرسالها لبريد روزا، لأنها مشكلة كثيرات مثلى بالصعيد، يؤمن بأن الزواج الثانى أمر واقع - ويعانين مر الشكوى من تبدل أحوال أزواجهن، فبماذا تنصحنى حتى أعيش ما تبقى من حياتى دون انكسار ينعكس على وجهى أمام زوجى وبناتى رغمًا عني، وربما على حياتى كلها!؟ 

إمضاء خ. ى  

 

عزيزتى خ. ى تحية طيبة وبعد... أحيى فيكِ روحك الجميلة كزوجة مخلصة وأم مسئولة، لها كل الاحترام والتقدير على صمودها ومرونتها فى التعامل مع متغيرات الحياة، كذلك حفاظها على تماسك لحمة أسرتها واستقرار بناتها، بارك الله فيهن ونفع بهن،، ومما لا شك فيه أن قرار زوجك هو قرار مركب، بمعنى أنه من حقه شرعًا أن يتزوج زواجًا ثانيًا - لكنه لابد أن يعى هو وغيره من الرجال بأن هذا الحق يظل فى كل الأحوال مرهون بعلة قهرية مجبرين عليها، وليست قاهرة لرفيقة دربهم دون أى ذنب يذكر، والدين لا يعرف ولا يقبل بقهر المرأة لمجرد عدم إنجابها الذكور.. كما أنه من المعلوم بأن الرجل هو من جعله الله سبحانه وتعالى سببًا لتحديد نوع الجنين بحسابات علمية دامغة، لا يتسع المجال لشرحها، وإذا ما أردنا التركيز مع النصف الممتلئ من الكوب الذى بين يديكِ، سنرى به قوة وجلد وأصالة المرأة التى تحافظ على بيتها من الخراب مهما حدث، وستجدين أيضًا بأن محصلة مكاسبك من تلك التجارة مع الله، هى سعادة لا تنقطع لكِ ولبناتك، من تكاتف وتراحم فيما بينكم، يكبرن من حولك، وتجبر ثقتهن فى أنفسهن وإقبالهن على الحياة بخاطرك، يتعلمن منكِ كيف تصارع الأم الأمواج العاتية من أجل فلذات كبدها بلا تراجع أو استسلام،، تلك المتعة هى التى تعوضك عن أى شىء آخر تفتقدينه.. وبمرور الأيام وتقدم زوجك فى العمر، ورؤيته لتصميمك على الصبر والحب والطاعة، ربما يتبدل حاله بعدل الله وفلسفة قدره المحتوم - فدوام الحال من المحال،،، كما أنه لا غضاضة بمحاولة فرض طريقتك الخاصة لتعديل بوصلة مشاعره تجاهك، بكياسة وفطنة الأنثى، ورغبتها الفطرية الملحة والمشروعة فى تحقيق مزيد من التوازن العاطفى بينها وبين زوجها.. يقول الروائى والناقد الفرنسى الشهير «أناتول فرانس «المرأة هى أكبر مربية للرجل، فهى تعلمه الفضائل الجميلة وأدب السلوك ورقة الشعور» - يقصد بذلك دلالها وجاذبيتها... أما آدم فنصيحتى له: بألا ينسى أن زواجه الثانى ما هو إلا «أمانة مضاعفة»، إذا رضى بأسرها له طول العمر - فعليه أن يظل مشغولًا مؤرقًا بإقامة العدل بين زوجاته وأبنائه جميعًا، فى الاحتواء والعطاء والتربية السوية، أو أن يكتفى ويرضى برزقه من زوجة واحدة صالحة، تعينه على تقلبات الحياة وتدعو له من قلبها المخلص، فيرزقه الله من حيث لا يحتسب، بالراحة والطمأنينة والسكينة الأبدية، التى لا ينشد غيرها من تلك العلاقة المقدسة. 

دمتِ سعيدة وموفقة دائمًا خ. ى