الخميس 2 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

علماء يجيبون..

لماذا تكثر المشاجرات فى رمضان رغم تصفيد الشياطين؟

تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعى مقاطع فيديو مضحكة توضح حجم المشاجرات التى تحدث قبل الصيام فى رمضان، متسائلين عن سبب تزايد تلك الظاهرة رغم تصفيد الشياطين؟



قد يظن البعض أن الصيام سبب زيادة الجريمة فى نهار رمضان، خاصة المشاجرات التى تزداد يوميا منذ اليوم الأول فى الشهر الفضيل، إلا أن خبراء علم النفس والاجتماع، والأمن، أكدوا أن الصيام بريء تماما من الجريمة فى رمضان، مؤكدين فى الوقت ذاته أن معتادى الإجرام لا يتغيرون فى رمضان، ولكنهم يقبلون على الجريمة أيضا.

كما أرجع اخرون زيادة الجريمة فى رمضان والعصبية والتوتر بسبب الجهر بالإفطار وكذلك إدمان المخدرات لدى الشباب الذين يدفعهم دوما إلى المشاجرات بسبب عدم الوعى والغيبوبة الدائمة التى يعيشونها فيها.

التدين الظاهري

رغم مظاهر التدين التى تسيطر على المسلمين فى رمضان فى الشوارع والمواصلات العامة إلا أن البعض لا يجد أثرا للصوم فى نفسه، وهنا يوضح الدكتور أحمد موافي، أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم فى جامعة القاهرة، قائلا: «الله - سبحانه وتعالى - فرض العبادات حتى يكتسب العبد الأخلاق من خلال ممارساته له، وينبغى أن يخاف المتعبد من عدم ظهور أثر عباداته فى نفسه، ويعلم أنه فى خطر، فقد يلقى الله يوم القيامة ويجد نفسه فى موقف صعب، رغم صلاته وقيامه وصيامه فى الدنيا، فقط لأن أثر تلك العبادات لم ينعكس على سلوكياته»، ويتابع: «المسلم الممارس للعبادات ولكنه بعيد عن المنظومة الأخلاقية التى ارتبطت بتلك العبادات لا يجب أن يأمن لقاءه بالله حينما يجد - لسوء حظه - كل عباداته فى الدنيا غير مقبولة».

ويؤكد أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم، أن الهدف الأساسى من العبادات هو تهذيب النفس، فلم يفرض الله الصوم حتى يجوع الناس ويتألمون ظمأ، فكما قال الله فى كتابه الحكيم: «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون»، وتظهر التقوى من خلال التعاملات، وليس بكثرة أداء العبادات، مستشهدا بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حينما قال: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْل فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِى أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ»، ومعنى ذلك أن الصائم ليس له من صيامه سوى الامتناع عن الطعام والشراب، طالما أن سلوكياته تنافى تماما النتيجة المنطقية لصيامه أو صلاته.

نقص الماء

باحثون اكتشفوا أن نقص الماء خلال الصيام يؤدى إلى العصبية، حيث تضطرب وظائف الخلايا الدماغية، على اعتبار أن دور الماء فى عمل الدماغ دور مهم وأساس.

وبحسب مجموعة من الدراسات، أثبت علميا أن الدماغ يعتمد بشكل أساسى على الغلوكوز فى حصوله على الطاقة، فعندما ينقص الغلوكوز فى الدم خلال فترة الصيام، ينعكس ذلك على الدماغ وهو ما يؤدى إلى تزايد حالات العصبية.

وأشارت الدراسة إلى أن المدخنين هم أكثر الناس عصبية خلال رمضان، وذلك لأن الانقطاع المفاجئ عن التدخين فى هذا الشهر يؤدى إلى أعراض تسمى أعراض الانسحاب، والتى تزيد من التوتر والانفعال.

وللحد من التوتر والعصبية خلال شهر الصيام، ينصح أطباء أميركيون وبريطانيون بالتنفس بعمق كلما شعرت بالتوتر، وتناول مقدار كاف من الماء خلال فترة الفطور والسحور، بالإضافة إلى ممارسة تمارين رياضية والحصول على قسط كاف من النوم.

أسباب نفسية

من جهتها قالت الدكتورة إيمان عبد الله، أستاذ علم نفس وتربوى، إنه على الرغم من أن شهر رمضان شهر الطاعات والعبادة والروحانيات، لكن هناك أشخاص يخرجون عن القواعد والقوانين، لتقع أبشع الجرائم فى نهار رمضان، ويرجع ذلك لعدة أسباب منها أن الأفراد الذين اعتادوا الجرائم ﻻ يتغيرون فى رمضان للعوز المادى وافتقارهم للوازع الدينى، بالإضافة إلى الفقر والبطالة التى تزداد فى رمضان بسبب الضغط المادى اعتقادا منهم بأن رمضان يزيد فيه الاستهلاك بسبب زيادة الإسراف والعزومات.

وأضافت أن الصراع اليومى حول سرعة الوصول للمنزل وقت اﻻفطار قد يتسبب فى المشاجرات بسبب زيادة الكثافة السكانية واﻻزدحام المرورى، ووجود أجواء من التوتر والمشاحنات بسبب عدم اﻻنضباط فى العمل الذى يؤثر على مصالح الناس بحجة الصيام والإجهاد.  

وأكدت أن هناك أسبابا أخرى مهمة مثل عدم تقبل الآخر من الناحية السلوكية أو حتى أفكار الآخرين، فالتغافل عن فكرة العفو والتسامح يجعلهم فاقدين لروحانيات الشهر الكريم، بالإضافة إلى التنشئة اﻻجتماعية ودور اأسرة التربوى، وعجز الأسرة فى تلبية الاحتياجات الأساسية لأفرادها بجانب الجزء التربوى والأخلاقى والدينى، وأيضا التفكك الأسرى وسوء التنشئة.