الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

جدل بشأن حكم اصطحاب الأطفال لأداء صلاة التراويح

سيطرت حالة من الجدل مؤخرًا على مواقع التواصل الاجتماعى بعد تداول البعض منشورات تستنكر اصطحاب الأطفال لأداء صلاة التراويح وذلك للحفاظ على حالة الخشوع فى الصلاة، خاصة وأن بعضهم يتسببون فى إحداث ضجيج وفوضى بالمسجد مما يُخرج المصلين من التركيز فى الصلاة والانصراف إلى صوت الضوضاء.



انقسم الناس إلى فريقين، الأول يرى فى ذلك نوعًا من تعويد الأطفال على ارتياد المساجد مبكرًا وربطهم بحب صلاة الجماعة ويؤيدون اصطحابهم إلى المساجد مع إفهامهم آداب المساجد، فيما يستنكر الفريق الآخر ذلك الفعل خاصة مع النساء اللواتى يصطحبن أبنائهن لأداء صلاة التراويح دون السيطرة عليهم.

سرد أحد رواد موقع فيس بوك موقفا حدث بخصوص اصطحاب أحدهم لطفله فى السمجد فقال: فى إحدى ليالى شهر رمضان الفضيل، أحضر أحد المصلين إبنه لصلاة التراويح، وبينما كان الإمام يؤم بالمصلين وإذا بالطفل الصغير يفعلها ويتبول فى سرواله، ما أدى إلى تسرب البول إلى السجادة التى كان يقف عليها إلى جانب والده. 

وتابع: ما إن عرف الأب بذلك حتى قام مسرعا وأخذ إبنه وانصرف خارج المسجد، مع انتهاء السجدة الثانية أسرع أحد المصلين الذى كان يجلس خلف الطفل بصب قارورة ماء على مكان تبول الطفل حتى لا يجلس فيها أى من المصلين. 

واستطرد: رغم ذلك أقدم أحد المصلين ممن يجلس خلف الصفوف بعد انقضاء الصلاة الأولى من صلاة التراويح لسد الفرج، حتى أخبره أحد المصلين بنجاسة المكان.

واختتم: ما أردت أن ألفت إليه الإنتباه أن إحضار الأطفال فى ليالى هذا الشهر الفضيل حتى وإن توفرت النية الحسنة للآباء فقد يتسبب فى هرج ومرج فى صفوف المصلين.

من جانبه أكد مركز الأزهر العالمى للفتوى الالكترونية أن اصطحاب الأطفال غير البالغين إلى المسجد لصلاة الجمعة بغرض تعويدهم على أداء الصلاة أمر مستحب؛ ويتأكَّد استحباب ذلك إذا كانوا مُميِّزين؛ لتنشئتهم على حُبِّ المسجد وشهود صلاة الجماعة؛ مع الحرص على تعليمهم آداب المسجد برفق ورحمة، من احترامه والحرص على نظافته وعدم إزعاج المُصلِّين؛ فقد روى عن سيدنا رسول الله ﷺ أنَّه كان يحمل أحفاده وهو يؤُم المُصلِّين فى المسجد.

فعَنْ أَبِى قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَؤُمُّ النَّاسَ وَأُمَامَةُ بِنْتُ أَبِى الْعَاصِ، وَهِيَ ابْنَةُ زَيْنَبَ بِنْتُ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى عَاتِقِهِ، فَإِذَا رَكَعَ وَضَعَهَا، وَإِذَا رَفَعَ مِنَ السُّجُودِ أَعَادَهَا». [متفق عليه]

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِى إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعِشَاءِ وَهُوَ حَامِلٌ حَسَنًا أَوْ حُسَيْنًا، فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَوَضَعَهُ، ثُمَّ كَبَّرَ لِلصَّلَاةِ فَصَلَّى فَسَجَدَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ صَلَاتِهِ سَجْدَةً أَطَالَهَا، قَالَ أَبِي: فَرَفَعْتُ رَأْسِى وَإِذَا الصَّبِيُّ عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَهُوَ سَاجِدٌ فَرَجَعْتُ إِلَى سُجُودِي، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الصَّلَاةَ قَالَ النَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّكَ سَجَدْتَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ صَلَاتِكَ سَجْدَةً أَطَلْتَهَا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ قَدْ حَدَثَ أَمْرٌ أَوْ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْكَ، قَالَ: «كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ وَلَكِنَّ ابْنِى ارْتَحَلَنِي، فَكَرِهْتُ أَنْ أُعَجِّلَهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ».[أخرجه النسائي]

دار الإفتاء المصرية أكدت أن اصطحاب الأطفال إلى المساجد جائزٌ شرعًا إذا أمن تشويشهم على المصلين وعبثهم فى المسجد، ولا مانع شرعًا من اصطحابهم إلى المسجد، بل ذلك مستحب إذا كانوا مميزين؛ لتعويدهم على الصلاة، وتنشئتهم على حب هذه الأجواء الإيمانية التى يجتمع المسلمون فيها لعبادة الله تعالى؛  وذلك مع الحرص على تعليمهم الأدب، ونهيهم عن التشويش على المصلين أو العبث فى المسجد، بشرط أن يكون ذلك برفق ورحمة، وأن يُتَعامَل مع الطفل بمنتهى الحلم وسعة الصدر من غير تخويف أو ترهيب له؛ فإن ردود الأفعال العنيفة التى قد يلقاها الطفل من بعض المصلين ربما تُوَلِّد عنده صدمةً أو خوفًا ورعبًا من هذا المكان، والأصل أن يتربَّى الطفل على حبِّ هذا المكان ويتعلق قلبه ببيت الله تعالى، كما جاء فى حديث السبعة الذين يظلهم الله فى ظله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، وأن هذا المسجد مليء بالرحمات والنفحات والبركات. وأفادت الدار أنه قد استدل العلماء على جواز إحضار الأطفال إلى المساجد بأحاديث، منها: ما رواه البخارى ومسلم فى صحيحيهما عن أبى قتادة الأنصارى رضى الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلى وهو حاملٌ أُمَامَةَ بنتَ زينبَ بِنْتِ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم». قال الحافظ ابن حجر فى «فتح الباري» (1/ 592، ط. دار المعرفة): [واستُدِلَّ به على جواز إدخال الصبيان فى المساجد] اهـ بتصرف.