أيمن عبد المجيد
قراءة فى دلالات الاجتماع بالغ الأهمية ورسائل الرئيس السيسى
كثيرة هى دلالات ورسائل الاجتماع بالغ الأهمية، للرئيس عبدالفتاح السيسي، بقيادات الحكومة والجيش والشرطة والأجهزة الأمنية والإدارة المحلية، الأحد الماضى بمقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، وما تلاه من تصريحات خلال لقاء بعدد من الزملاء رؤساء تحرير الصحف والإعلاميين.
عُمق دلالات: الزمان، والمكان، وصفات المُجتمعين، وضوح الرسائل وشمولها، القوة والقدرة، والحصن المنيع، حماية الحدود والجبهة الداخليّة، السياسة الخارجية، ورؤية مصر وموقفها من كل القضايا والمتغيرات الإقليمية والدولية، ومجابهة التحديات والتهديدات، ذات المساس المُباشر وغير المُباشر بالأمن القومى المصرى.
أولاً: الزمان
يأتى الاجتماع فى توقيت تتصاعد فيه أمواج الأحداث وتتسارع المتغيرات الإقليمية والدولية، التى بلغت ذروتها فى محيطنا العربي، بسقوط نظام الحكم فى سوريا، وسيطرة الميليشيات المسلحة، بقيادة ما يُعرف نفسه بـ«هيئة تحرير الشام»، وما تزامن معه من عدوان إسرائيلى على الدولة السورية وتدمير مقدراتها والبنية التحتية والتسليحية لجيشها.
سقوط مؤسسات الدولة الوطنية، بصرف النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع أنظمتها الحاكمة، تخلق حالة من الفراغ السياسى والأمني، الذى يوفر بيئة خصبة لبسط الميليشيات المسلحة نفوذها، بما يحمله من مخاطر تنامى استقطاب المتطرفين وتعدد معسكراتهم، وتهديدهم للدولة الحاضنة ذاتها، واحتمالات إعادة تصديرهم لدول الجوار والإقليم.
تلك المتغيرات المُتصاعدة، الدالة على ما يُخطط للمنطقة، تضيف تحديًا جديدًا، للتحديات التى يفرضها تصاعد الأحداث فى دول الجوار المُباشر وغير المُباشر، القضية الفلسطينية، والليبية والسودانية والأمن المائي، وتهديدات الملاحة فى البحر الأحمر وآثارها على عوائد قناة السويس.
التوقيت بالغ الأهمية، لتعزيز قدرات أجهزة ومؤسسات الدولة المصرية، لمجابهة ومواجهة التحديات المُضافة، باتخاذ كل التدابير السياسية والأمنية، وتعزيز حصون الوعى العام، وتقوية الجبهة الداخلية، فوعى الشعب هو الحصن المنيع فى مواجهة التحديات والأزمات كما وصفه الرئيس عبدالفتاح السيسى.
ثانيًا: الُمجتمعون
الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، بحضور الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء، والفريق أول عبدالمجيد صقر القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، واللواء محمود توفيق وزير الداخلية، والفريق أحمد خليفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة، والسيد حسن رشاد رئيس المخابرات العامة، والمحافظين وقيادات القوات المسلحة والأجهزة الأمنية.
المجتمعون بشخوصهم وصفاتهم، والمسئوليات الموكلة إليهم، تحمل دلالات عميقة مفادها:
- أن كل مؤسسات وأجهزة الدولة المصرية، تعمل بشكل متناغم، ومتكاتف ومتكامل، بما يعزز من قدرة الدولة الشاملة على مواجهة تعاظم التحديات، وتسارع المتغيرات الإقليمية، بهدف حماية الأمن القومي، وأمن وسلامة الشعب المصري.
- تنسيق كامل بين مؤسسات الدولة وأجهزتها لحماية حدودها وجبهتها الداخلية، وتعزيز القدرة على مواصلة تحقيق مستهدفات التنمية الشاملة.
- يبعث هذا الاجتماع بالطمأنينة لشعب مصر، وبتحذير لمن يضمر لها الشر، فرجالها المخلصون فى أعلى درجات اليقظة دفاعًا عن أمن وسلامة الوطن، مدركون لحجم التحديات والتهديدات وما تستوجبه المجابهة من إجراءات.
- شدد الرئيس عبدالفتاح السيسى على ضرورة تعظيم قدرات كل مؤسسات الدولة وأجهزتها مؤكدًا أهمية الدور الذى تضطلع به القوات المسلحة والشرطة المدنية فى الحفاظ على الوطن إيمانًا منهما بالمهام المُقدسة الموكلة إليهما لحماية مصر وشعبها مهما كلفهم ذلك من تضحيات.
- ليطمئن الشعب لأن الدولة المصرية تملك القوة والقدرة بما يضمن لها الحفاظ على أمن ومقدرات شعبها.
لقاء الرئيس بعدد من رؤساء تحرير الصحف والإعلاميين
أعقب اجتماع الرئيس بقيادات الدولة، الحكومة والجيش والشرطة والأجهزة الأمنية، والإدارة المحلية، لقاء آخر بزملاء من رؤساء تحرير الصحف القومية اليومية، وإعلاميين، وهو ما يعكس حرص الرئيس على الحديث للشعب المصرى عبر الإعلام، فالرئيس يرى أن الظروف الحالية برهنت على أنه الحصن المنيع للدولة، وأن وعيه الضمانة الأساسية لتجاوز الأزمات.. وأن الإعلام أحد مكونات القدرة الشاملة للدولة، بما يتحمله هو أيضًا من مسئولية تعزيز حصون الوعي، ينقل للشعب رؤية القيادة السياسية، وللقيادة مشاغل الشعب وتساؤلاته.
ثالثًا: المكان
مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، الذى عقدت به الاجتماعات، بالغ الدلالات:
فهذا المقر أحد مكونات قوة الدولة المصرية المضافة لقدرتها الشاملة خلال السنوات العشر الماضية، والتى تمثل أحد أهم قرارات وإنجازات الرئيس عبدالفتاح السيسي، التى أثبتت التحديات الراهنة سلامتها وضرورتها الحتمية.
فهذا المقر الأكبر فى الشرق الأوسط، والأحدث فى إمكانياته، ليس مقرًا للقيادة والسيطرة وإدارة فعالة للأزمات للجيش فقط، بل كما أكد الرئيس مركزًا لقيادة الدولة المصرية، يعزز الإدارة المتكاملة والتحكم والسيطرة وإدارة مختلف الأزمات بأعلى درجات الكفاءة.
يواكب ذلك ما شهدته البنية التحتية من تطور، وما شهدته خريطة العمران من اتساع، وفى القلب منها العاصمة الإدارية الجديدة، وما شهدته عناصر القوة من تنوع وتنمية، بداية من تعظيم قدرات الجيش على مستويات الجاهزية والتسليح، وربط جميع أرجاء الدولة المصرية بمحاور تخدم التنمية والقدرة الدفاعية.
كل ذلك يعكس تقديرات مسبقة للموقف، واتخاذ ما يلزم لتعزيز قوة وقدرة الدولة، لحماية مقدراتها وأمن وسلامة شعبها، وتلبية تطلعاته وطموحاته لمستقبل أفضل.
رسائل الرئيس بالغة الوضوح:
وهنا ننقل بعض الرسائل المهمة التى بعث بها الرئيس عبدالفتاح السيسى لتعزيز حصون الوعى العام، بحقائق الموقف المصرى فى مختلف الملفات.
١- امتلاك مصر القوة والقدرة يضمن لها الحفاظ على أمن ومقدرات شعبها.
٢- مصر تتابع عن كثب الأوضاع الإقليمية والدولية.
٣- تستند مصر فى تعاطيها مع المتغيرات المتلاحقة إلى ثوابت سياستها القائمة على التوازن والاعتدال.
٤- تستهدف السياسة المصرية، إنهاء الأزمات وتجنيب المنطقة المخاطر المتصاعدة بالانزلاق إلى بؤر جديدة للصراع تهدد استقرار دول المنطقة بأسرها.
٥- استمرار جهود التنمية الشاملة فى كل ربوع مصر سعيًا نحو مستقبل يلبى تطلعات وطموحات أبناء الشعب المصري.
٦- تعمل الدولة جاهدة لمكافحة الفساد، وتعزيز حقوق الإنسان بمفهومها المصرى الشامل.
٧- حذر الرئيس من الشائعات المغرضة، التى تهدف إلى بث روح اليأس والإحباط وإحداث شروخ فى جدار الثقة بين الشعب والدولة.
٨- علاقة مصر بسوريا تاريخية، وسفارتنا فى دمشق تواصل عملها، ونؤكد على ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا وسلامة أراضيها وأمن شعبها.
٩- ترى مصر ضرورة البدء فى عملية سياسية شاملة لا تقصى طرفًا، وتشمل كل مكونات وأطياف المجتمع السوري، بإرادة سياسية وطنية مستقلة.
١٠- ترفض مصر احتلال إسرائيل للمنطقة العازلة ومقرات الجيش السوري، وتطالبها بوقف العدوان على مقدرات الدولة السورية.
١١- تواصل مصر دعمها للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وحقه فى دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، ووقف إطلاق النار، وإنفاذ المساعدات، وانسحاب إسرائيل من الجانب الفلسطينى بمعبر رفح ومحور فلادلفيا.
١٢- تدعم مصر جهود إحلال السلام وإنهاء حالة الفراغ السياسي، واستعادة قوة الدولة الوطنية بمؤسساتها، فى البلدان العربية التى تشهد صراعات وتحديات.
١٣- تواصل مصر جهودها لحماية أمنها المائي، ولا تقبل التفريط فى قطرة مياه واحدة، وتواصل جهود دعم استقرار الصومال، وخفض حدة التهديدات للملاحة فى البحر الأحمر.
أعدت مصر كل ما استطاعت من أسباب القوة والقدرة لحماية مقدراتها وأمن شعبها، وتعمل على كل الجبهات بوعى وحكمة وثوابت وطنية وسياسية راسخة، ويبقى الشعب ووعيه هو الحصن المنيع، بقوة وتلاحم الجبهة الداخلية، والتفاف الشعب كالبنيان المرصوص خلف قيادته ومؤسسات الدولة.
حفظ الله مصر والأمة العربية وجنب الإنسانية ويلات الفتن والحروب..