السبت 25 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الذكرى تنفع المصريين أطفــال 2011  شبـــاب 2025

الذكرى تنفع المصريين أطفــال 2011 شبـــاب 2025

بشكل مُباشر، الأطفال ممن كانت أعمارهم 10 أعوام مطلع عام 2011، أصبحوا اليوم شبابًا فى سن الـ 24 عامًا، ومن كانت أعمارهم 10 أعوام فى عام 2013، هم اليوم شباب أعمارهم 21 عامًا، وما دون ذلك أو أكثر بقليل هم الفئة الأكثر ترددًا على مواقع التواصل الاجتماعى، وهم المستهدفون بقذائف الشائعات وحملات التحريض المتوالية.



 

كانوا فى سن الطفولة المتوسطة، عندما استُهدِف الوطن العربى، فى الموجة الأولى لمحاولات التفكيك وهدم المؤسسات الوطنية، تحت شعارات ثورية برَّاقةٍ، خدعت من كانوا فى مثل سنهم، فإذا بأحلامهم فى الإصلاح والتغيير يختطفها من تحكموا فى درجات تفاعل الحراك الشعبى للانحراف بها إلى التخريب والتدمير.

 

كانت الشعارات يومها إسقاط أنظمة وصِفت بالديكتاتورية الظالمة- ولا جدال فى ارتكابها أخطاء -لكن ما لا شك فيه أن الهدف الخفى الحقيقى للمتآمرين كان إسقاط الدول العربية، ومؤسساتها الوطنية، وليس تغيير الأنظمة فحسب.

 

كان ولا يزال الهدف هو هدم مؤسسات الدولة الوطنية، لخلق حالة فراغ تسمح بسيطرة التنظيمات والميليشيات العميلة، وتمكينها من بسط نفوذها، ليحقق الاستعمار القديم أهدافه ومكاسبه بأقل كُلْفة مُمكنة، هدم الدول بأيادى أبنائها.

 

 

 

 

استفاقت الشعوب العربية من نشوة عدوى ثورات إسقاط الأنظمة على واقع تصدعات بنيان الدولة الوطنية، والحروب الأهلية، ومئات الآلاف من القتلى وملايين المهجرين، من ليبيا واليمن والسودان وسوريا فى شتى بقاع الأرض.

 

ذهبت السكرة وجاءت الفكرة، استيقظ الشعب فى كل من مصر وتونس، على سيطرة تنظيم الإخوان على الحكم، فى غيبة القوى السياسية المدنية، لتبدأ معركة الدفاع عن الهوية الوطنية التي حاولوا طمسها لحساب أجنداتهم الخفية.

 

فى مصر سعى التنظيم للسيطرة على مفاصل الدولة عبر ما سموه مليونيات الضغط لتنفيذ أجندة إجراء انتخابات نيابية قبل الدستور، لضمان سيطرة العشيرة على مجلسى النواب والشيوخ، فى ظل ضعف الأحزاب القائمة وحداثة الأحزاب الوليدة، ومن ثم السطو على لجنة صياغة الدستور.

 

سيطروا على السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية بالوصول إلى مقعد الرئاسة عام 2012  وتشكيل حكومة إخوانية، ليبدأ مخطط السيطرة وأخونة السلطة القضائية ومؤسسات الدولة.

 

 

 

 

وبالنسبة للرئاسة فقد تحكم فى قرارات الرئيس مكتب الإرشاد، فدفعه لإصدار إعلان دستورى باطل يحتكر فيه صلاحيات المؤسسات، فكان بداية النهاية، وللسيطرة على القضاء أقال النائب العام عبدالمجيد محمود فى سابقة تاريخية، لتمكين نائب عام موال للتنظيم، ولهدم القضاء تم طرح مشروع قانون لإحالة القضاة للتقاعد عند سن الستين لإقالة عشرات الآلاف منهم، تمهيدًا لاستبدالهم بعناصر التنظيم عبر تعيينات من المحامين وخريجى الحقوق فى النيابة العامة. 

 

بينما حاولوا اختراق المؤسسات بعد فشلهم فى هدمها فى أحداث جمعة الغضب 2011، ذلك اليوم الذي شهد مخططًا شيطانيًا، استهدفت فيه وزارة الداخلية ومراكز الشرطة المصرية، عبر استغلال موجة الغضب لتوجيهها إلى أقسام الشرطة، ليستتر الإرهابيون بين الجموع لتنفيذ مخطط حرق أقسام الشرطة بذات الآلية وفى توقيت متزامن فى مختلف أنحاء الجمهورية.

 

بعد فشل الهدم حاولوا فى 2012 الاختراق، فشاهدنا مظاهرات قلة عرفوا بالضباط الملتحين، ثم محاولات تدخل قيادات التنظيم بلا أسانيد قانونية ولا صفات رسمية فى شؤون المؤسسات الأمنية.

 

محاولات الاختراق لم تقتصر على كبرى المؤسسات، بل امتدّت إلى المجتمع المدنى، مجالس إدارات الأندية ومراكز الشباب والجمعيات الأهلية بالقرى والمحافظات واتحادات الطلاب بالجامعات.

 

وفيما كانت محاولات الاختراق تجرى على قدم وساق، كانت وتيرة الفشل الإداري فى تسيير شؤون الدولة تتصاعد، وأزمات المواطنين تتزايد، بينما تعليقات الرئيس ورئيس حكومة الجماعة تثير السخرية، عاكسة فقدانهم للبنية المعرفية بحقيقة الأزمات وجذور المشكلات، ومن ثم فقدانهم للتشخيص الدقيق الذي يُمكِّن من طرح رؤية علمية وعملية للحل.

 

ليس أدل على ذلك من أزمة الكهرباء والوقود، حيث كانت طوابير السيارات تصطف فى معاناة يومية للمواطنين، وانقطاع شبه دائم للكهرباء فى أوقات موجات ارتفاع الحرارة والامتحانات وساعة الإفطار فى رمضان، بسبب تزايد الأحمال وسط عجز بلغ  30% ناتج عن ضعف المولدات وتقادم الشبكات.

 

ليقدم الرئيس الإخوانى محمد مرسى فى خطابه الشهير مبررات أثارت السخرية وعكست عدم دراية بطبيعة التحديات، فقد أرجع انقطاع التيار الكهربى فى محافظة الشرقية، إلى «عاشور» - قيادى سابق فى الحزب الوطني - اتهمه بأنه يعطى عامل الكهرباء 20 جنيهًا ليفصل السكينة، بينما نصح الدكتور هشام قنديل رئيس وزراء حكومة الإخوان المواطنين بالجلوس مجتمعين فى غرفة واحدة للتوفير وارتداء ملابس قطنية لتخفيف درجة الحرارة!

 

استيقظ الشعب المصري، فخرج ثائرًا فى 30 يونيو، بعد عام واحد محاولًا تصحيح مساره، للحفاظ على هويته الوطنية، ومواجهة محاولات هدم واختراق المؤسسات، فلم يكن ما يسعى إليه الإخوان هو ما خرج من أجله الشعب عام 2011، فرفع الشعب شعار «يسقط يسقط حكم المرشد».

 

 

 

 

كما انحاز الجيش للشعب فى ٢٥ يناير، حفاظًا على كيان الدولة، انحاز إلى الشعب فى 30 يونيو حفاظًا على الدولة والهوية الوطنية، لكن شتان بين قيادة وطنية كانت فى السلطة فى 2011 الرئيس الأسبق حسنى مبارك - رحمه الله - الذي تنحى تاركًا للتاريخ الحكم بما له وما عليه، وبين حكم المرشد الذي رفع فيه التنظيم شعار إما البقاء فى الحكم أو إحراق مصر!

 

استنفر التنظيم الدولى، خلاياه الإرهابية السرية، فى سيناء، ومختلف أرجاء الجمهورية، موجهًا رصاصاته للشعب ومؤسساته، عمليات إرهابية واغتيالات، وتفجيرات استهدفت الشعب والمؤسسات، خاضت الدولة فى مواجهتها حربًا ضارية، استمرّت 10 سنوات لاقتلاع الإرهاب من جذوره.

 

فى تلك السنوات التي كان فيها أطفال عام 2011 من أشقائنا وأبنائنا، يعبرون مراحلهم العمرية من الطفولة المتوسطة إلى المتأخرة إلى الشباب والفتوة، ومن سبقوهم فى العمر يؤسّسون أسرهم ويرزقون بالأطفال فى أمن واستقرار، كان هناك على مختلف الجبهات رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه يواجهون المخططات ورصاصات الغدر يتصدون لها بصدورهم نيابة عن الشعب.

 

أكثر من 3290 شهيدًا، و12 ألفًا و300 مصاب دفعوا أرواحهم ودماءهم ثمنًا للدفاع عن الوطن وشعبه واقتلاع الإرهاب من جذوره، تلك الآلاف عانت أسرهم آلام الفقد، ومعاناة التضحية من أجل أن ينعم الوطن بالأمن والسلم.

 

الإرهاب لا دين له، بل له هدف واحد هو الترويع وإسقاط الدول، استهدف مواصلات عامة تحمل أبرياء، ومديريتى أمن القاهرة والدقهلية، الكاتدرائية وكنائس مصرية، استهدف مسجد الروضة فى بئر العبد، تمركزات الجيش والشرطة، وحتى خطوط الغاز وشبكات الكهرباء.

 

لم يستسلم الشعب، بل عمل على إحباط أهداف الإرهاب ومن خلفه من أجهزة ودول، توحد الشعب خلف قيادته، جمع 60 مليار جنيه فى أقل من أسبوعين سبتمبر2014، فى اكتتاب المجرى الملاحى الجديد لقناة السويس. 

 

تصدى البابا تواضروس لمحاولات الإرهاب وشق وحدة الشعب، فقال: « وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن»، قابلت الأمهات والزوجات شهداء الوطن بالزغاريد، لتعلن أكثر من أم شهيد تقديمها أبناءها الآخرين فداء للوطن.

 

كانت المعركة بالغة الشراسة، كانت المواجهة شاملة، لم تكن فقط أمنية بل استراتيجية متكاملة، لتجفيف منابع الإرهاب، ضربات استباقية قائمة على معلومات دقيقة، لقطع خطوط الإمداد اللوجيستي، والتمويل وتهريب السلاح والأفراد، ومواجهة الأذرع الإعلامية والأجهزة الاستخباراتية المحركة.

 

وقفت الدولة على أبعاد المخطط وعملت على إعاقة أهدافه، خاضت معارك أمنية ودبلوماسية واقتصادية، لإحباط مخطط إعاقة التنمية، كانت يد تقاتل لفرض الأمن والاستقرار، ويد تبنى وتعمر، تضاعف البنية التحتية، والتنمية العمرانية والزراعية والصناعية، وتعزز القدرات الدفاعية.

 

نعم، ما زالت هناك تحديات اقتصادية، تستوجب مواصلة العمل لتخفيف أعباء المواطن، تلك التحديات فرضها خليط من الصراعات العالمية واشتعال الإقليم، وميراث سنوات الفوضى، وتباطؤ التصدى للأزمات المستعصية لحلول جذرية، وفاتورة مكافحة الإرهاب، والمشروعات القومية والعدالة الاجتماعية فى مقدمتها الحق فى حياة كريمة والقضاء على العشوائيات.. الحل فى مواصلة الإصلاحات لتعزيز قدرات الاقتصاد الوطني ليجنى المواطن ثمرة صبره فى سنوات العلاجات الجذرية.

 

واليوم الجيل الجديد، يتعرض للموجة الثانية من الاستهداف، استنادًا إلى عدم معايشته لما سبق من أحداث، وسعيًا لاستغلال تحدياته وطموحاته، فى صنع حراك هدَّام يحقق للمتآمرين فى المستقبل ما فشلوا فى تحقيقه فى الماضى. 

 

مصر دولة قوية عصية على مؤامرات الأعداء، فوحدها بعون الله وقوة جيشها ووعى شعبها، نجت من الموجة الأولى للمخطط، تلك الموجة التي دفعت شعوب دولٍ شقيقةٍ ثمنها غاليًا، فى المهجر وفى قاع المحيطات، ولا يزالون يعانون ويلات الحروب الأهلية وتعثر المراحل الانتقالية.

 

يضاعف التحديات، احتمالات تحول سوريا أو أجزاء منها إلى حاضنة للإرهابيين الهاربين من مصر، الذين ما يلبث أن يمر يوم حتى يطل أحدهم عبر وسائل التواصل الاجتماعى لينفث سمومه، فى عقول الشباب أملًا فى خلق حراك مدمر، وبالتزامن مع تلك المحاولات استدعى القيادى الإخوانى الليبى «الكاذب الغرباني»، ينعق كالغراب متطاولًا ومحرضًا ضد مصر.

 

إنها موجة جديدة من فيروس الفوضى، يستهدف العقول وحصون الوعى، وما أحوج أجيالنا خاصة من لم يعاصر أو يعى أبعاد ما واجهته مصر، لتحصينه فى مواجهة الاستهداف الجديد.

 

لذا نبدأ بدورنا الإعلامى عبر ملف على مدار أسابيع تحت عنوان «حتى لا ننسى.. كيف كنا وأين أصبحنا؟».. لتحصين العقول الشابة بتعزيز دفاعات الوعى بالتذكير..  قال تعالى « وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين».. وشعب مصر مؤمن بالله والوطن.

 

يتناول الملف الممتد إرهاب التنظيم الإخوانى فى حق الشعب وما تحقق من تضحيات وإنجازات.. وصولًا إلى مرحلة جنى الثمار المرتقبة للتنمية.

 

حفظ الله مصر