الإثنين 23 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

العلاقات المصرية الصينية والآفاق المستقبلية

تشهد العلاقات المصرية الصينية تطورًا مستمرًا ومتصاعدًا فى مختلف المجالات، خاصة فى الجانب الاقتصادى، حيث تحولت إلى شراكة استراتيجية شاملة تقوم على المصالح المتبادلة والتكامل فى الرؤى التنموية. 



وقد ساهمت هذه العلاقات فى جذب المزيد من الاستثمارات الصينية إلى مصر، وتعزيز التعاون الثنائى فى مجالات الصناعة والبنية التحتية ونقل التكنولوجيا، بما يخدم أهداف التنمية المستدامة فى كلا البلدين.

 40 شركة صينية

من المتوقع دخول نحو 40 شركة صينية، ستضخ استثمارات جديدة فى مصر خلال الفترة المقبلة بقيمة تقديرية مبدئية تبلغ 3 مليارات دولار، حيث تستهدف هذه الشركات تعزيز استثماراتها فى مصر، مع التركيز على المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، لتصبح منصة لتصدير منتجاتها إلى العالم.

مشروع صينى عملاق

كما تشير التوقعات إلى إقامة مشروع صينى عملاق يتكون من مدينة صناعية وتجارية ولوجستية خاصة بالتجارة والموانئ، وسيمثل طفرة كبيرة فى تجارة الترانزيت فى المنطقة، ويهدف المشروع إلى توفير احتياجات السوق المحلية والتصدير إلى الأسواق الأوروبية والأمريكية.

ويُنتظر أن يحقق المشروع عائدًا سنويًا يُقدَّر بنحو 12 مليار دولار، ولا يقل أهمية عن صفقة رأس الحكمة.

بنك صينى

تشير التوقعات أيضًا إلى سعى البلدين لإحداث طفرة فى حجم التجارة البينية، الذى يبلغ حاليًا نحو 16 مليار دولار، والعمل على إعداد الدراسات اللازمة لإنشاء فرع لبنك صينى داخل مصر لتيسير حركة التبادل التجارى بين البلدين.

نقل الصناعات الصينية إلى مصر

تتجه المشروعات الصينية نحو نقل صناعاتها إلى مصر، لا سيما فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، خاصة صناعات السيارات الكهربائية والهواتف المحمولة، وذلك فى ظل التجربة الناجحة التى تحققت فى منطقة «تيدا» الصناعية الصينية، بما يسهم فى توطين الصناعة، والاستفادة من الموقع الجغرافى الاستراتيجى لمصر، وقدرتها على النفاذ إلى العديد من الأسواق.

وتُسهم الاستثمارات الصينية بصورة ملموسة فى مشروعات البنية التحتية والقطار الكهربائى فى مصر، بالإضافة إلى تطوير الموانئ، وكذلك منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة.

ويبلغ عدد الشركات الصينية فى مصر نحو 2066 شركة، وتُقدَّر استثماراتها بنحو 9 مليارات دولار فى قطاعات متنوعة، مثل المنسوجات والملابس والأجهزة المنزلية والأعلاف الحيوانية وغيرها، وذلك وفقًا لإحصاءات الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة.

مشروعات المنطقة الاقتصادية 

تمتد خريطة الاستثمارات الصينية فى مصر عبر مواقع استراتيجية متعددة، بدءًا من المنطقة الاقتصادية لقناة السويس شرقًا، مرورًا بالعاصمة الإدارية الجديدة والقاهرة والمدن الجديدة، وصولًا إلى العلمين الجديدة غربًا، لتشمل قطاعات اقتصادية حيوية مثل الطاقة، والصناعة، والتكنولوجيا، والزراعة وغيرها.

وكانت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس الأكثر جذبًا للاستثمارات، حيث بلغت قيمتها نحو 8 مليارات دولار، تمثل الاستثمارات الصينية منها نسبة 40%.

ومن أبرز المشروعات الصينية فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والتى تُظهر مدى عمق الشراكة الاقتصادية بين مصر والصين، ودور المنطقة كمركز جذب للاستثمارات الأجنبية:

منطقة تيدا - مصر الصناعية: على مساحة 7.3 كم² بالسخنة، وتضم أكثر من 136 شركة صينية باستثمارات تجاوزت 2.4 مليار دولار، وتوفر نحو 50 ألف فرصة عمل.

مشروع مواسير الزهر: باستثمارات صينية تبلغ 145 مليون دولار، ويوفر 600 فرصة عمل.

مصنع الزجاج المصقول: باستثمارات قدرها 500 مليون دولار، ويوفر من 600 إلى 800 فرصة عمل.

مجمع البروم والمعالجة العميقة: باستثمارات تصل إلى 110 ملايين دولار، ويوفر 700 فرصة عمل.

مصنع كادى للمنسوجات: مصنع صديق للبيئة، على مساحة 145.5 ألف متر مربع، باستثمارات تبلغ 60 مليون دولار، ويستهدف إنتاج 50 ألف طن من الأقمشة و8 ملايين قطعة ملابس سنويًا.

مصنع ألياف الفايبر جلاس والبوليستر: باستثمارات تبلغ 800 مليون دولار، ومن المقرر أن يبدأ الإنتاج فى عام 2026.

مصنع جوشى للفايبر جلاس: من أكبر المصانع فى العالم، باستثمارات 320 مليون دولار، ويوفر 560 فرصة عمل.

وتستقطب المنطقة الاقتصادية لقناة السويس اهتمامًا متزايدًا من الجانب الصينى، وبلغ عدد المشروعات الصينية فى المنطقة نحو 10 مشروعات منذ بداية عام 2025، باستثمارات تصل إلى 828.5 مليون دولار.

وتوفر المنطقة سهولة فى الإجراءات والتعاملات دون وجود تعقيدات، فضلًاً عن توافر الأراضى بأسعار تنافسية مقارنة بالمناطق الصناعية الأخرى، مثل العاشر من رمضان والعبور، وهو ما يجعلها أكثر جذبًا للمستثمر الأجنبى.

بالأرقام

نحو 2066 شركة صينية فى مصر تعمل فى قطاعات متنوعة، باستثمارات تُقدَّر بنحو 9 مليارات دولار.

مصر تتطلع لاستقطاب استثمارات صينية جديدة بقيمة نصف مليار دولار خلال العام الحالى.

اتفاقيات بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس (تيدا) تبلغ قيمتها نحو 17 مليار دولار.

حجم التبادل التجارى بين البلدين بلغ 16 مليار دولار العام الماضى، ومن المتوقع ارتفاعه إلى 17.6 مليار دولار خلال العام الجاري.

تحالف مصرى - صينى لزراعة مليون فدان، باستثمارات تُقدَّر بـ7 مليارات دولار.

الصين تمول وتبنى «البرج الأيقونى» فى العاصمة الإدارية الجديدة بمصر.

وفى استطلاع أجرته “روزاليوسف» لآراء خبراء الاقتصاد والأعمال حول مستقبل العلاقات المصرية الصينية خاصة فى الجانب الاقتصادى،  توقع الخبراء إقامة المزيد من المشروعات الاستثمارية الصينية فى مصر، وبصورة خاصة فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، التى تُعد بمثابة هونج كونج الشرق الأوسط.

وأشاروا إلى وجود رغبة حقيقية من الشركات الصينية للاستثمار فى مصر، وذلك نتيجة الاضطرابات التى تشهدها الأسواق العالمية جراء السياسات الجمركية الأمريكية.

وأكد الخبراء أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تستحوذ على اهتمام الصين، لما توفره من سهولة فى الإجراءات والتعاملات.

الشركات الصينية فى مصر

فى البداية، يرى الأستاذ الدكتور معوض الخولى، الخبير الاقتصادى، رئيس لجنة قطاع العلوم الأساسية بالمجلس الأعلى للجامعات، ورئيس جامعة المنصورة الجديدة، أن هناك رغبة حقيقية من الشركات الصينية للاستثمار فى مصر، وذلك نتيجة الاضطرابات التى تشهدها الأسواق العالمية جراء جمارك الرئيس الأمريكى ترامب، التى تهدد الصادرات الصينية.

 

وأشار إلى أن مصر تمثل بوابة مفتوحة على دول القارة الإفريقية، نتيجة اتفاقيات التجارة الحرة الموقعة بينها وبين العديد من التكتلات الاقتصادية، مثل اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية، والميركسور، وأغادير، والكوميسا، وعلى ذلك، يكون هناك ضمان لتسويق الشركات الصينية منتجاتها، إلى جانب تغطية احتياجات السوق المحلية المصرية من تلك المنتجات.

 

وأوضح الدكتور الخولى أن مصر، من خلال تلك الاتفاقيات، تسمح للصين بالنفاذ إلى أسواق عديدة بدون رسوم جمركية، مما يمثل حافزًا كبيرًا للاستثمار، إضافة إلى المناخ الاستثمارى المصرى الجاذب، والبنية التحتية الحديثة، والموقع الجغرافى المميز، وخطوط التجارة العالمية التى تستوعب استثمارات فى مجالى التصدير والاستيراد، من خلال شبكة موانئ حديثة ولوجستيات، وتوافر العمالة فى مصر، وأيضًا انضمام مصر إلى مجموعة البريكس، التى تُعد الصين عضوًا فعالًا فيها، وهو تكتل عالمى ضخم.

نقل المصانع إلى مصر

من جانبه، يرى الدكتور محمد المغربى، الخبير الاقتصادى والمالى، أن المنطقة تشهد تطورات على كافة الأصعدة ، والتى تتطلب المزيد من التعاون الدولى المشترك.

وأشار إلى أن الدولة المصرية وقعت مؤخرًا العديد من عقود الاستثمارات الصينية، خاصة فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، فى قطاعات متعددة، أبرزها الأقمشة والمنسوجات، ومواد البناء، والبتروكيماويات، وذلك وفقًا للبيانات الرسمية.

وأضاف المغربى أن توافد العديد من وفود الأعمال الصينيين مؤخرًا، وعقد لقاءات مع نظرائهم فى مصر، يستهدف الاطلاع على الفرص الاستثمارية المتاحة، لدراسة إنشاء استثمارات صينية جديدة فى مصر، خاصة فى صناعات الأجهزة المنزلية، والملابس، والمنسوجات، والأدوية، أو التوسع فى مشروعات قائمة، فى ظل وجود رغبة جدية من الحكومة الصينية لنقل مصانع صينية إلى مصر.

وقال: إن انخفاض التكلفة الاستثمارية فى مصر يمثل عامل جذب كبير للشركات الصينية، خاصة فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.

وتوقع أن يتم ضخ المزيد من الاستثمارات الصينية، التى تبلغ حاليًا فى مصر نحو 9 مليارات دولار، لتصبح من أسرع الاستثمارات الأجنبية المباشرة نموًا فى البلاد.

«تيدا» الصينية 

فيما يرى المهندس رامى غالى، رئيس لجنة رجال الأعمال باتحاد المستثمرات العرب، أن الاستثمارات الصينية فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تمثل «هونج كونج الشرق الأوسط»، فى إشارة إلى مدينة «تيدا» الصناعية بالعين السخنة، التى تُعد أحد أبرز المدن الصناعية فى مصر، خاصة مع انطلاق العديد من الصناعات المهمة بها، وأبرزها على الإطلاق «الفايبر جلاس».

وقال: إن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تستحوذ على اهتمام الصين، حيث توفر سهولة فى الإجراءات والتعاملات، دون وجود تعقيدات تُذكر، فضلًا عن توافر الأراضى بأسعار تنافسية، مقارنة بالمناطق الصناعية الأخرى، مثل العاشر من رمضان، والعبور، وهو ما يجعلها أكثر جذبًا للمستثمر الأجنبى.

وأوضح رامى أن العلاقات الاقتصادية بين مصر والصين تشهد تحولًا جوهريًا، كما تُعد الصين الشريك التجارى الأول لمصر، حيث تمثلت أهم السلع التى استوردتها مصر من الصين العام الماضى 2024 فى الحديد والصلب، والآلات، والأجهزة الكهربائية، والسيارات، والجرارات، فيما شملت أهم الصادرات المصرية إلى السوق الصينية الخضروات، والفواكه، والأسمنت، والأحجار، وخامات المعادن، والألياف النسيجية.

كما تُعد الصين أكبر دولة مُصدِّرة إلى مصر فى عام 2024، إذ استحوذت على حصة تعادل 19.7% من إجمالى واردات مصر غير النفطية، والتى بلغت 78.5 مليار دولار، وذلك بحسب بيانات الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات فى مصر.

وأكد رامى أن زيادة التصنيع الصينى فى مصر سيساهم فى تقليل فاتورة الاستيراد من الصين، التى تصل إلى حوالى 16 مليار دولار، مما يقلل من الطلب على العملة الصعبة، ويساهم فى توفيرها.