الخميس 19 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
قافلة الصمود واستراتيجية الإرباك والفوضى

قافلة الصمود واستراتيجية الإرباك والفوضى

يعتمد الإخوان استراتيجية تستهدف الدولة المصرية، يُطلقون عليها (الإرباك)، أى الدفع ناحية إرباك الدولة وإفشالها فى جميع المستويات والمؤسسات، وعبر أدوات يُطلقون عليها (النقاط المؤلمة)، وأبرزها الجانب السياسى والعسكرى والحقوقى، لإحراج الدولة والدفع ناحية تثوير الجماهير لإعادة الأمور على المربع صفر، كى تستطيع الجماعة على الأقل التفاوض للعودة للمشهد السياسى.



إذا راجعنا الستة شهور الأخيرة وحتى ما أطلقوا عليه (قافلة الصمود) من جهود الجماعة لإفشال الدولة سنرى التالى: قبل شهر رمضان السابق مباشرة أصدر الإخوان (جبهة تيار التغيير – الكماليون) تعميمًا حول كيفية بناء خلايا العمل الجماهيرى والنوعى للاستفادة مما يجرى فى غزة وسوريا، عن طريق مسارين رئيسيين: العصيان المدنى والإضراب العام. وبناء التنظيم الثورى والقاعـدة الجماهيريـة التـى يمكنهـا القيـام بهـذا الفعل بشـكل منظم وصولاً للثورة الشاملة، مستفيدين بأحداث غزة. 

تحدث التعميم عن أنواع المجموعات الجماهيرية، وهى: مجموعة إعادة إنتاج الوعى، مجموعة تكنولوجيا المعلومات، المجموعة المعلوماتية، مجموعة الحرب النفسية، مجموعة رصد العدو، المجموعة الفنية، المجموعة العلمية، وقال إن أهم المجموعات هى المجموعة المعلوماتية، وهدفها الوحيد هو جمع المعلومات من الشارع ومن المؤسسات حول موضوع محدد حسب قرار القيادة وذلك عن طريق بناء شبكات داخل الشارع وداخل المؤسسات من المتعاونين، وكذلك من أهم المجموعات هى الخلايا داخل مؤسسات الدولة.

وعبر مؤسسة (ميدان)، ومؤسسة (إحاطة) دعا الكماليون (هم جزء من الجماعة يؤمن بالعمل المسلح) منذ بدء شهر رمضان السابق للثورة فى مصر، وأطلقوا بيانًا، جاء فيه: إن إرادة الشعوب لا تُقهر ولا تعرف الاستسلام، وأن النظام فى مصر، لا يزال يُمعن فى الظلم والقهر والاستبداد، لذا، فإن الوقوف فى وجه هذا النظام لم يعد خيارًا، بل واجبًا، ومن هذا المنطلق، يوجه المكتب العام للإخوان المسلمين نداءً إلى جميع شباب الجماعة بالعمل صفًا واحدًا، لأن طريق الثورة لا سواه، من أجل استعادة زخم الثورة، وإحياء روح العمل الثورى لأن هذا النظام لن يرحل إلا بالثورة، ولن يتحرر الأسرى فى السجون المصرية إلا بثورة حقيقية.

وروجت صفحة تيار الكماليين (محارب) وصفحة (الأمانة العامة لجماعة الإخوان المسلمين) لهذا البيان، وللدعوات الأخرى التى طالبت بالثورة. كما أصدرت مؤسسة ميدان، المملوكة للجماعة، الموافق 19 أبريل 2025 فيديو حول ملامح مشروعهم خلال الفترة المقبلة، مؤكدين أنه سيكون قائمًا على الانتفاضة والضغط الخارجى وعمل أى ثغرة للثورة الشعبية، مشيرين إلى أنهم سيصدرون كتابا حول مجمل أفكارهم خلال الفترة المقبلة، وأن دعواتهم ستتوالى لإسقاط النظام الجمهورى بمصر، وفى الوقت نفسه استمرت دعوات محمد إلهامى عضو هذا التيار بالدعوة للثورة، وهو سلفى جهادى، كان تابعًا للجبهة السلفية، وانضم لمؤسسة ميدان التابعة للجماعة فى تركيا.

وواصل محمود فتحى، دعواته عبر ما أطلق عليه «تيار الأمة» الرسائل التعريفية الخمسة للتيار التابع له: وهى بناء القيادة الفكرية والرمزية والتنظيمية، وكيفية بناء المجموعات الثورية والحاضنة الشعبية، وأزمة المعارضة والنخبة المصرية.

وتأتى (قافلة الصمود) فى سياق نفس الخطة التى استعرضناها، وهى وفق ما ورد فى إصدارات الجماعة ومنها ما صدر بعنوان (ملامح المشروع) أنها ستكون بالسيناريو المركب، وهو سيناريو خليط ما بين الانتفاضة والعمل الثورى.

والحقيقة فإن التنظيم الدولى للجماعة هو من يقف وراء القافلة، فبالنظر إلى الرؤية التى نشرتها مواقع وصفحات على الفيس بوك تتبع الإخوان فإنها لم ترتب مع الدولة المصرية ولم تحمل أى دعم إنسانى لغزة، وأن المنظمين كانوا يعولون على الحصول على دعم شعبى فى الداخل المصرى، وتم عمل ترتيبات من أجل وقفة شعبية كبيرة، وتظاهرات ضخمة، إن لم تكن فى رفح فستكون فى القاهرة، بمساعدة مواطنين مهاجرين من الخارج ولاجئين آخرين، وهذا ما أشار إليه البرلمانى التونسى محمد الماهر فى مقابلة عبر قناة «ليبيا الحدث» أن «قافلة الصمود» تضم عناصر من تنظيمات كان لها دور تخريبى ضد الجيوش العربية، وأنه تسلل إليها بعض الرموز المرتبطة بتنظيم الإخوان وتنظيمات أخرى لإحداث تغيير يستهدف رأس النظام فى مصر.

وبالنظر إلى المتحدثين الرسميين للقافلة فهم: نبيل الشنوفى، وائل نوار، مروان بن قطاية، عبد اللطيف المكى، مريم مفتاح، فكلهم ناشطون وعناصر عاملون فى حركة النهضة التونسية أو تنظيم الإخوان فى ليبيا ومصر والجزائر.

وكان من أهم الدافعين وراء انطلاق القافلة والانضمام إليها، هو الصادق الغريانى مفتى ليبيا السابق الذى دعا للانضمام إلى القافلة، حيث طالب باقتحام الحدود المصرية، موكدًا أن “على أهل مصر أن يتوبوا قبل أن يكون جزاؤهم النار”. أما بالنسبة للمنظمين للقافلة؛ منهم “سيف أبو كشك” المنسق لحركة شبكة الشباب الفلسطينى بإسبانيا، وهى حركة تابعة لمجلس مسلمى أوروبا التابع للتنظيم الدولى للإخوان المسلمين. و«يحيى الصارى» جهادى الفكر، وهو عضو جمعية العلماء المسلمين بالجزائر «جناح الإخوان بالجزائر».

وبالبحث عن ممولى القافلة، فقد ذكر مسئولون أمنيون مصريون فى تصريح خاص أن هناك منظمات طلابية وأوروبية وراء الدعم اللوجستى لهذه القافلة، ومنها: منظمة SJP Amsterdam (طلاب من أجل فلسطين – فرع هولندا)، التى أعلنت انضمامها رسميًا للقافلة، وجمعت تبرعات لإرسال ناشطين إلى القاهرة. 

كما أن الراعى المالى الرسمى للقافلة هى منظمة WESPAC، وهى منظمة يسارية أمريكية قديمة، مقرها نيويورك، وتعمل كـ «راعٍ مالي» لـ SJP National. أى أنها تستقبل التبرعات نيابة عنها وتحوّل الأموال لدعم أنشطتها، بما فى ذلك المشاركة فى قافلة رفح، ورئيس مجلس إدارة هذه المنظمة هو «هوارد هوروفيتز»، كما من أهم المنظمات الداعمة للقافلة: مؤسسة جورج سوروس، مؤسسة روكفلر، مؤسسة Morgan Stanley Global Impact Fund، وأغلب هذه المؤسسات فى حوزة رجال أعمال ذوى توجهات يسارية.

كما تبين أن جمعية رحمة العالمية للإغاثة والتنمية، المعروفة باسم رحمة للإغاثة، هى مؤسسة خيرية فى ميشيغان، وأنها وراء دعم وتمويل القافلة، وأنها تعمل مع جمعية إحياء التراث الإسلامى الكويتية وتتلقى أموالاً منها، والتى صنفتها وزارة الخارجية الأمريكية كمنظمة إرهابية، بسبب تاريخها الطويل فى دعم تنظيم القاعدة، وجهودها لاستخدام «المساعدات الخيرية والإنسانية كغطاء لتمويل الأنشطة الإرهابية وإيذاء المدنيين الأبرياء». كما تُتهم جمعية إحياء التراث الإسلامى الكويتية، جمعية إحياء التراث.

الخلاصة أن الإخوان يلعبون على عمل ثغرة تدفع إلى حراك شعبى واسع، وشبكة لتنظيم للحراك وتهيئة الظروف بإشعال شرارة، وكسب الحلفاء فى الداخل، والضغط الخارجى، وتأتى هذه القافلة فى هذا السياق، الذى يتطلب منا الوعى والإدراك والإحاطة بحجم المؤامرة.