الأربعاء 25 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بعد ارتفاع الأسعار العالمية بسبب الحرب

مصر تؤمن الاحتياطى الاستراتيجى من الطاقة

شهدت أسعار النفط ارتفاعًا عالميًا تخطى حاجز الـ7%، وذلك عقب اندلاع الحرب «الإيرانية ـ الإسرائيلية»، إذ وصل سعر البرميل إلى نحو 73.57 دولار، موجهًا ضربة جديدة للاقتصاد العالمى، الذى يعانى على مدار سنوات سابقة، من حروب وأزمات وانشقاقات فى العديد من المناطق حول العالم، وكذا التأثير على طرق الشحن مما يؤدى إلى زيادة تكاليف النقل وتأثيرات على سلاسل الإمداد، حيث تعد «إيران» ثالث أكبر منتج للنفط بين أعضاء منظمة البلدان المصدرة، ويخشى أن يؤدى القتال إلى تعطيل إمداداتها النفطية ورفع الأسعار.



وزارة البترول والثروة المعدنية، اتخذت إجراءات احترازية للحد من التداعيات التى سببتها الحرب «الإيرانية ـ الإسرائيلية»، وتأثيرها على سلاسل الإمداد للمواد البترولية فى منطقة الشرق الأوسط وفى مقدمتها مصر، مما أثر بشكل كبير على رفع أسعار المنتجات البترولية من بنزين وغاز وأسطوانات بوتاجاز، وقد يؤدى إلى العودة لتخفيف أحمال الكهرباء، وهناك توقعات لتحمل الموازنة العامة أعباء إضافية لزيادة سعر النفط.

وعلى صعيد ذلك، أعلنت وزارة البترول، أنه استجابة للأعمال العسكرية التى نشبت بالمنطقة وتوقف إمدادات الغاز من الشرق، تم تفعيل خطة الطوارئ المعدة المسبقة الخاصة بأولويات الإمداد بالغاز الطبيعى، وذلك بإيقاف إمدادات الغاز الطبيعى لبعض الأنشطة الصناعية، مع رفع استهلاك محطات الكهرباء للمازوت إلى أقصى كمية متاحة، والتنسيق لتشغيل بعض المحطات بالسولار، وذلك فى إجراء احترازى حفاظًا على استقرار شبكة الغاز الطبيعى، وعدم اللجوء لتخفيف أحمال شبكة الكهرباء، ترقبًا لإعادة ضخ الغاز الطبيعى من الشرق مرة أخرى.

ورغم التخوفات من ارتفاع الأسعار، إلا أن الحكومة المصرية، قامت بإعداد خطة طوارئ تحسبًا لأى أزمة، وذلك وفق تصريحات الدكتور ثروت راغب، أستاذ هندسة البترول والطاقة، موضحًا أن حجم إنتاجنا من الغاز  انخفض إلى نحو 4.2 مليار قدم مكعب يوميًا، بينما تحتاج البلاد إلى نحو 6.5 مليار قدم مكعب، إذ كانت تستورد «مصر» نحو مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعى يوميًا من إسرائيل قبل أن يتم وقف الإمدادات.

ويرى «ثروت»، أن الحكومة المصرية كان لها خطط استباقية لتخطى الأزمات حتى لو تأثرت فسيكون الارتفاع والتأثير ليس كبيرًا، حيث إنه يتم إبرام عقود طويلة الأجل مثل الاتفاقيات بين مصر وقطر، بالإضافة إلى الاستكشافات الجديدة حيث إن هناك آبارا خلال الفترات القادمة أو فى غضون عام  سيكون حجم إنتاجها يصل إلى مليار قدم مكعب من الغاز، بالإضافة إلى التعاقدات المصرية القبرصية وكذا حقل ظهر، لافتًا إلى أن الوزارة بدأت مؤخرًا فى استقبال سفن الغاز المسال وضخه بالمحطات.

الدكتور رمضان أبوالعلا، أستاذ هندسة البترول، فأكد أن زيادة الأسعار أمر طبيعى بعد تبعات أى حرب، مدللًا على ذلك بما حدث فى حرب أكتوبر، إذ ارتفع السعر من 3 دولارات إلى 12 دولارا، أى أربعة أضعاف، موضحًا أن ما يحدث الآن من حرب ما هو إلا تكسير عظام بين إيران وإسرائيل إلا أنها تجاوزت الخطوط الحمراء، حيث تم التطرق إلى المنشآت البترولية التى يجب عدم المساس بها.

وتوقع «أبوالعلا»، أن هذه الأحداث ستتوقف خلال الفترة القادمة، لأن أوروبا لو استمرت هذه الحرب، ستتأثر بشكل واضح من توقف إمدادات الغاز، حيث إن 20% من إمدادات الطاقة تخرج من الخليج العربى، لافتًا إلى أن السياسة والاقتصاد وجهان لعملة واحدة، وأوروبا لن تتدخل إلا فى حالة واحدة إذا أغلقت إيران مضيق هرمز،  إلا أنها تلوح فقط بغلقه ودون العزم فى الأمر حتى لا تتكالب عليها الدول الأوروبية. 

سفن إعادة التغييز الثلاث التى وصلت إلى مصر مؤخرًا، واحدة منها تقوم حاليًا بإعادة التغييز وضخ الغاز إلى الشبكة القومية للغازات الطبيعية، والسفينتان الأخريان جار أعمال تجهيزهما وربطهما على الموانئ لبدء ضخ الغاز الطبيعى منهما، وتواصل غرفة العمليات الخاصة بشبكة الغاز الطبيعى، متابعة الموقف على مدار 24 ساعة، ووضع شبكة الغاز آمن كذلك احتياطى المازوت.

وفى سياق ذلك، قام وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، مع وزير البترول بزيارة المركز القومى للتحكم فى الغاز للوقوف على آخر مستجدات تفعيل خطة الطوارئ، كما قام وزير البترول بزيارة لميناء السخنة لتعجيل ربط مركب التغييز الثالثة بالشبكة القومية للغازات الطبيعية، بينما عقد رئيس الوزراء اجتماعًا مع وزيرى الكهرباء والبترول للوقوف على آخر المستجدات ومتابعة تفعيل خطة الطوارئ.

وفى إطار العمل التكاملى للحكومة المصرية، أكدت وزارة البترول أنها تواصل منذ العام الماضى فى تنفيذ خطة استباقية لتأمين احتياجات فصل الصيف، بهدف تفادى أى تخفيف للأحمال والتعامل مع السيناريوهات الطارئة، وقد تحركت الوزارة على عدة محاور رئيسية، فى مقدمتها: «توفير الغاز الطبيعى المسال من الخارج، إلى جانب تهيئة البنية التحتية اللازمة لاستقباله وتحويله إلى حالته الغازية وإعادة ضخه بالشبكة القومية للغاز الطبيعى لتلبية الاستخدام المحلى».

كما تم توفير أربع سفن مخصصة لاستقبال الغاز المسال، حيث تعمل إحداها بالفعل فى ميناء السخنة، بينما تجرى حاليًا بواسطة الفرق الفنية بشركة بتروجت الأعمال الفنية اللازمة لربط وتشغيل السفينة الثانية «إنرجوس إسكيمو» بنفس الميناء، ومن المخطط إدخالها الخدمة قبل نهاية يونيو الجارى.

وتستكمل التجهيزات الفنية للسفينة الثالثة «إنرجوس باور» بميناء الإسكندرية، تمهيدًا لنقلها وتشغيلها فى ميناء السخنة خلال الأسبوع الأول من يوليو، إلى جانب سفينة رابعة احتياطية فى الحالات الطارئة.

ومع تشغيل هذه السفن الثلاث، سترتفع القدرة اليومية على الاستيراد للغاز المسال ونقله إلى الشبكة القومية إلى نحو 2.25 مليار قدم مكعب يوميًا، كما تم رفع معدلات استهلاك محطات الكهرباء من المازوت إلى الحد الأقصى المتاح، والتنسيق لتشغيل بعض المحطات بالسولار.

رؤية متوسطة الأجل، وضعتها وزارة البترول لتأمين احتياجات السوق المحلية من الغاز الطبيعى لاسيما مع ارتفاع الاستهلاك فى محطات الكهرباء خلال فصل الصيف، واحتياجات القطاع الصناعى، إذ إن زيادة الإنتاج المحلى أولوية لنا فى هذا الصدد، إلى جانب الاستيراد لسد الفارق بين الإنتاج والاستهلاك.

وحول إجراءات  تحفيز الاستثمار الذى يساعد على تشجيع شركائنا لضخ الاستثمارات اللازمة، لزيادة عمليات الحفر والاستكشاف التى تعد حجر الزاوية فى زيادة الإنتاج المحلى، تواصل وزارة البترول، وهيئة البترول، والشركة القابضة للغازات الطبيعية «إيجاس»، دراسة مختلف الآليات والبدائل الممكنة لتأمين إمدادات الغاز وتنويع مصادرها، بهدف تحقيق أفضل المزايا الاقتصادية الممكنة لمصر وتقليل فاتورة الاستيراد بالنقد الأجنبى، مع الاستفادة من علاقات وروابط مصر السياسية والتجارية فى هذا الشأن، كما تم التنسيق مع  وزارة الكهرباء على توجيه الغاز الطبيعى إلى محطات توليد الكهرباء الأكثر كفاءة فى عمليات إنتاج الكهرباء بما يحافظ على موارد الغاز ويضمن استخدامها بالشكل الأمثل. 

وبالنسبة للمنتجات البترولية، ففى إطار المحور الثانى من استراتيجية «البترول» تعمل الوزارة على تعظيم الاستفادة من البنية التحتية المتطورة لمصافى تكرير البترول فى مصر، من خلال الاستغلال الأمثل للطاقة الفائضة بها، ويأتى ذلك عبر استقدام كميات إضافية من الزيت الخام وتكريرها لإنتاج منتجات بترولية ذات قيمة مضافة وعائد اقتصادى أكبر، بما يسهم فى تلبية جانب من احتياجات السوق المحلية وتعزيز العائد من البنية التحتية.

كما تمضى «الوزارة»، فى تحقيق  تكامل بين مشروعات تكرير وتصنيع المنتجات البترولية والبتروكيماوية، بهدف تعظيم القيمة الاقتصادية من مختلف المنتجات البترولية، حيث تقوم بعض الشركات بإنتاج مدخلات تستخدم كمواد أولية فى صناعات أخرى أكثر تقدمًا، بما يحقق أعلى استفادة ممكنة من كل مرحلة إنتاجية، وتعد المنظومة الجغرافية البترولية فى الإسكندرية مثالًا لهذا التكامل.

الموازنة العامة للدولة، تتحمل أعباء كبيرة، ونعمل على زيادة الإنتاج المحلى، مع التوسع فى دعوات الترشيد، التى ناشد بها رئيس مجلس الوزراء المواطنين بهدف تأمين الاحتياجات المحلية بأقل تكلفة ممكنة، وهو ما يسهم فى تخفيف الضغط على الموازنة والفاتورة الاستيرادية، والحكومة وفى قلبها وزارة البترول تعمل على كل المحاور والاتجاهات لتأمين احتياجات البلاد وتقليل تكلفة الفاتورة الاستيرادية، فى الوقت نفسه أكد رئيس الوزراء أن البوتاجاز سيظل مدعومًا ولن يتم الوصول للتكلفة الفعلية، وسيتم مراعاة البعد الاجتماعى.

وعلى هامش مشاركته فى فعاليات قمة «تحول الطاقة: شرق المتوسط وجنوب شرق أوروبا» بالعاصمة اليونانية أثينا، عقد المهندس كريم بدوى، وزير البترول والثروة المعدنية، سلسلة من اللقاءات الثنائية مع عدد من المسئولين رفيعى المستوى، كان أبرزها جلسة مباحثات مع وزير الطاقة القبرصى جورج باباناستاسيو.

«اللقاء»، تناول استعراض الموقف الحالى والتنفيذى لربط حقول الغاز القبرصية بمصر، لاسيما ما يتعلق بمسارات خطوط الأنابيب وتيسير الإجراءات البيئية والتنظيمية وأعمال المسح البحرى الجارية لمسارات تلك الخطوط، وأعرب الجانبان عن أهمية التنسيق بين السلطات المختصة فى البلدين لتسريع الجدول الزمنى لمشروعات الربط الثنائى، واستمرار لقاءات التشاور الثنائى على أعلى مستوى للوقوف على آخر مستجدات مجموعات العمل الفنية المنبثقة عن الاتفاقيات التى تم توقيعها فى فبراير الماضى، ضمن افتتاحية معرض ومؤتمر مصر الدولى للطاقة «إيجيبس» 2025.

وبحسب تصريحات، المهندس كريم بدوى، وزير البترول والثروة المعدنية، أكد أن مصر ماضية فى خططها لتنويع مصادر الإمداد بالطاقة، وأن مشروعات التعاون المشترك بين دول المنطقة تمثل أفضل السبل لتأمين وتنويع تلك المصادر وخلق قيمة مضافة لكل شعوب المنطقة، وهو ما تتطلع إليه مصر دومًا، وما تنتهجه الدولة المصرية ضمن استراتيجية التحول لمركز إقليمى لتداول الطاقة فى إطار المحور السادس لوزارة البترول والثروة المعدنية، مشددً على تطلعه إلى سرعة تنمية حقلى «كرونوس» و»أفروديت» لما يمثلانه من باكورة لهذا التعاون المثمر بين البلدين.