السبت 28 يونيو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
محمد عبدالمنعم.. رحيل صحفى بدرجة إنسان

محمد عبدالمنعم.. رحيل صحفى بدرجة إنسان

رحل الأستاذ محمد عبدالمنعم وفقدت الصحافة المصرية ومؤسسة «روزاليوسف» أحد رؤسائها الكبار والذى كان له البصمة الواضحة والأثر العظيم فيها ومنذ توليه مسئوليتها حتى الآن.



عرفنا الأستاذ محمد عبدالمنعم فى «روزاليوسف» أواخر التسعينيات حين كانت فورة الصحافة فيها قد بلغ ذروته ولتتعدى صفحاتها كل الخطوط الحمراء فى الشأن الداخلى وتخطت تلك الفورة الصحفية المحلية لتشاكس كطبيعتها - المعهودة - السياسة العالمية.

وجاء الأستاذ محمد عبدالمنعم ليعيد التوازن الصحفى والمهنى إلى المؤسسة الصحفية العريقة والذى ظن الجميع أنه جاء ليقلم أظافرها والذى لم ينكر وقتها إعجابه بصحافة المؤسسة العريقة مع قلة إمكاناتها المادية إلا أنه كان يعلم مدى المهارة والكفاءة الصحفية بها والتى توارثها الأجيال.. واستغل بعد ذلك تلك المهارات واستطاع توظيفها بشكل مختلف.

سادت المؤسسة روح الحذر لمدة لم تطل كثيراً بعد أن فتح رئيس مجلس إدارة المؤسسة ورئيس تحرير مجلتها الباب أمام التطوير الشامل لها ليتوسع فى مساحتها ويضم إليها مبنى القصر ليصبح مقراً للمجلة ويستكمل بناء المبنى الخلفى وتعلية المبنى الكبير وينشئ النادى الصحفى بأحد أدواره - أصبح النادى بعد ذلك مقراً للجريدة اليومية - والذى يحتفظ حتى الآن باللوحة التذكارية لإنشائه تقديراً للراحل الكبير.

شمل التطوير بعد ذلك منظومة الطباعة ليضم إلى قطاع المطابع أحدث ماكينات الطباعة وقتها - «كرومان 700» ويختار لإدارة هذه المنظومة الطباعية المهندس الشاب - عبدالصادق الشوربجى - والذى بذل مجهوداً كبيراً - شهدت ذلك بصفتى مساعد المشرف الفنى والمسئول عن متابعة إنتاج الماكينة الجديدة فنيًا وإخراجياً فى هذه السنوات لم تكن هناك أى بوادر أمل فى التحاق من يعمل بها وأغلب من يعمل بها بصفة مؤقتة وبوصول رئيسها الجديد اعتقد الكثير - بوصفه من خارج المؤسسة - أنه لا سبيل لذلك.

خيّب الأستاذ محمد عبدالمنعم هذا الاعتقاد  ليقوم بتعيين كل العاملين المؤقتين بقطاعات المؤسسة الثلاثة الإدارة والمطابع والتحرير، لتدب الحيوية فى المؤسسة بعد سنوات طويلة ولينضم إليها بشكل رسمى شباب الصحفيين الذين شعروا بالاستقرار المهنى أمام شبح الاستغناء عنهم والذين أصبحوا بعد ذلك نجومًا فى الصحافة والإعلام ولم يكتف بالتعيين بل ويضع بعد ذلك لائحة بالدرجات الوظيفية والصحفية وتشكيل هيئة تحرير واختيار القيادات الصحفية نذكر منهم الأستاذ عبدالله كمال ،والذى شغل منصب نائب رئيس التحرير وليصبح بعد ذلك رئيسًا لتحرير المجلة ويعيد إصدار الجريدة ويفتح الطريق أمام جيل كامل من الصحفيين الشباب.

الأستاذ محمد عبدالمنعم شغل العديد من المناصب القيادية فهو المحرر العسكرى بجريدة الأهرام، شارك فى صياغة الأخبار العسكرية المنشورة بها والتى قامت بالخداع الاستراتيجى فى حرب أكتوبر وقت رئاسة تحرير الكاتب محمد حسنين هيكل لها ثم رئيسًا لقسم الشئون العسكرية فمديرًا لتحرير الأهرام وهو من الصحفيين القلائل الذين تواجدوا بمركز عمليات القوات المسلحة.

وساهم فى تأسيس مجلة «الدفاع» الصادرة عن وزارة الدفاع فى ثمانينيات القرن الماضى، وأعد البرنامج التليفزيونى «العالم فى حرب» والذى حظى بنسبة مشاهدة عالية.

وشغل الفقيد منصب المستشار الصحفى للرئيس الراحل حسنى مبارك قبل أن يتولى مسئولية رئاسة مؤسسة «روزاليوسف» وأصدر روايته الشهيرة «ذئب فى قرص الشمس» والتى تتناول أحد أوجه الحروب النفسية وأعاد إصدار «الكتاب الذهبى» بعد سنوات من توقف إصداره.

يتذكر كل من عمل مع الأستاذ محمد عبدالمنعم العديد من المواقف الإنسانية النبيلة معه فقد كان رغم صرامته المهنية طيب القلب بشوشا يراعى حقوق أصغر العاملين فقد كان أباً حقيقياً وسنداً لكل العاملين بـ«روزاليوسف» وله العديد من الأيادى البيضاء لكثير من أبنائها بعد أن أعاد الاستقرار المهنى.

على المستوى الشخصى تم تعيين عام 2000 بعد سنوات من العمل ويصدر الأستاذ محمد عبدالمنعم قراراً إدارياً ضم اسمى كنائب للقسم الفنى بعد تعيينى بعام واحد وامتد عطاؤه ليرشحنى مشرفاً فنياً لمطبوعات إحدى الوزارات الهامة وهذه الأعوام تحديداً كانت بمثابة اختبارات متتالية وتراكم خبرات عديدة مهنية وإنسانية قدم لى فيها الراحل الكبير كل الدعم والمساندة.

هذا كل من بعض ما أتذكره فى عجالة عما قدمه الراحل العظيم لمؤسسة روزاليوسف والعاملين بها.

رحم الله عميد الصحافة العسكرية الصحفى القدير محمد عبدالمنعم.