الثلاثاء 1 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

د.محمود أباظة رئيس حزب الوفد الأسبق لـروزاليوسف:

30 يونيو قاومت الاحتلال الإخوانى.. ومشروع «التنظيم» اصطدم بوطنية المصريين

شدد البرلمانى السابق د.محمود أباظة رئيس حزب الوفد سابقًا، على ضرورة استكمال المواجهة الفكرية للفكر المتطرف، الذى عبرت عنه جماعة الإخوان، مضيفًا خلال حواره مع «روزاليوسف»، أن 30 يونيو قاومت محتلا وأن مشروع الجماعة الإرهابية اصطدم بـ«الوطنية المصرية» وتحطم على صخرتها، خاصة أن تجربة حكم الإخوان، كشفت النقاب عن حقيقة الدولة الإخوانية وأن الطبيعة الوسطية العاقلة للشعب المصرى لم تتقبل تلك الدولة، إذ انحازت الدولة للمشروع الوطنى فى مواجهة المشروع الديني.



وقال «أباظة»: نقول للإخوان: لا للمصالحة.. نعم لسيادة دولة القانون، وإن 30 يوينو أكدت أن جماعة الإخوان فشلت فى «بلد المنشأ « مصر.. والشعب رفض الأخونة، فقد روجوا أنهم البديل لمدة ٨٠ سنة، وعندما وصلوا للحكم فشلوا خلال عام واحد، فالثورة أكدت كذب فكرة أن المزاج العام للشعب يؤيد الإخوان»، لافتًا إلى أن فكرة الوطن غائبة عن جماعة الإخوان، ولولا أن القضاء المصرى دافع عن نفسه لسقط فى عهدهم.. وإلى نص الحوار..

■ نحتفل بذكرى 30 يونيو .. ماذا تمثل هذه الثورة الفاصلة  فى تاريخ مصر؟

- 30 يونيو لم تكن ثورة سياسية، إنما كانت تعبيرًا عن طبيعة وإرادة شعب، فالطبيعة الوسطية العاقلة القديمة لشعب قديم مثل الشعب المصرى لم تتقبل الدولة الإخوانية، وفى 30 يونيو أذكر أن سيدات عجائز فى الجيزة وضعوا «كنبة» أمام عمارة وقاعدين عليها يصفقوا  للناس، التى كانت تهتف ضد الإخوان، وهذا يعكس طبيعة الشعب المصري، فلا يستطيع أحد أن يُحرك هذا العدد الذى نزل فى 30 يونيو، ومعنى هذا أن جماعة الإخوان التى نشأت فى مصر، وانتشرت فى العالم، ومهدت للحركة الإسلاميّة بكل تشكيلاتها فشلت فى بلد المنشأ، لأنها ضد طبيعة هذا الشعب وهذا مهم جدًا، لأن هذا نقطة فاصلة فى تاريخ الحركة الإسلامية. 

■ فى وجهة نظرك لماذا فشلت الجماعة؟

- هناك أسباب كثيرة جدًا، وعلى سبيل المثال لا الحصر، الخبرة التى كانت موجودة عند محمد مرسى ومكتب الإرشاد لا تمكنهم من إدارة دولة حديثة بحجم مصر، وهناك أمر آخر له علاقة بطبيعة الحركة نفسها، أنها كانت تتجه بالدولة نحو «الأخونة»، وهذا يتعارض مع طبيعة الشعب المصري، ومن أمثلة ذلك ما حدث فى الأماكن الحكومية على سبيل المثال، وكانوا يدبرون له بشكل واضح فى الشرطة والجيش، وهنا أذكر أن قول «مرسي» عندما تم خطف بعض من جنودنا فى سيناء: أنا حريص على حياة الخاطفين والمخطوفين، ومعنى هذا أنهم يفتقدون ثقافة الدولة، وكان المرشد السابق مهدى عاكف قال بوضوح «طز فى مصر»، وأيضًا قال: أتمنى يحكم مصر ماليزى ولا يحكم مسيحى مصري»، وهنا «عاكف» يتحدث عما فى نفسه، وليس له علاقة بالشعب، لأن فكرة الوطن غائبة عن الحركة الإسلاميّة من اليوم الأول، بينما هى موجودة فى التاريخ المصري، ومصر احتفظت بشخصيتها فى جميع المراحل التاريخية، فالإخوان لا يوجد عندهم مفهوم الوطن، وبالتالى اصطدم مشروعهم بالوطنيّة المصرية وتحطم على صخرته، فالتجربة جسدت حقيقة وواقع دولة الإخوان على الأرض، بعد أن كانوا يصفون الاتهامات الموجهة لهم بمحاولة خلق فزاعة على  مدار السنوات  الماضية. 

تجربة حكم الإخوان كشفت النقاب عن حقيقة الدولة الإخوانية، فلم يعد مفهوم الدولة الإخوانية «فزاعة»، ولا نظرية تستعمل لمحاربة تيار الإسلام السياسي، كما يروج البعض، وإنما أصبحت واقعًا قائمًا لحمًا وشحمًا ودمًا، وشاهدنا مفهوم الدولة الإخوانية متجسد فى الواقع، عندنا مكتب إرشاد حكم وتحكم وقضاء حاولوا يرهبوه أو يحولوه إلى الانتماء الإخواني، ولولا أن القضاء المصرى دافع عن نفسه لكان انهار،فهم أرادوا شرطة خاصة تابعة ليهم، وقضاء تابع لهم، وكونوا ميليشيات والإخوانى محمد البلتاجي، قال إن كل ما يحدث فى سيناء من إرهاب يتوقف فورا فى اللحظة التى يعود فيها محمد مرسى للحكم، وهذا السلوك الإخوانى هو الذى ولد الرفض عند الشعب المصري، فالإخوان ظلوا لـ 80 سنة  يدعون أنهم البديل، فلما وصلوا للحكم  لم يتحملوا عامًا، وأكدوا عمليًا كذب الفكرة السائدة فى الخارج، والتى تقول أن المزاج العام للشعوب فى هذه المنطقة يؤيد التيارالاسلامي، ولم ينجح هذا التيار فى أرض المنشأ لهذه البضاعة، وأقول نحن لم نبنى على هذا نحن اكتفينا بإننا نعالج المد الإخواني، ولم نحتشد لمواجهته على الصعيد الفكري.

■ من وجهة نظرك.. كيف وصلوا للحكم رغم التحذيرات من أفكارهم  أو من مشروع الدولة الإخوانية؟

- نحن لم ندرك بعد أن الذى أتى بالإخوان إلى الحكم فى سنة 2012 هو أزمة حضارية عميقة لها ثلاثة أضلاع «حنين إلى ماضى لن يعود وضيق بحاضر مر وخوف من المستقبل المجهول، يعنى لا يوجد مشروع واضح للمستقبل بصرف النظر إن كان غلطًا ولا صحًا، فمثلا المشروع «الناصري» كان مشروعًا تحطم، لكن كان مشروعًا ننظر إليه وقت أن كنا شبابًا، وأنا لم أكن ناصريًا، لكن أنا أتكلم عن جيلي، وبالتالى أنا جزء من هذا الجيل، ولم نكن نخاف من المستقبل وكنا  متصورين أن  المستقبل وردي، فالأزمة الحضارية تبدأ لما يكتمل مثلث الحنين لماضٍ لن يعود وضيق بحاضر مر وخوف من  المستقبل مر، وبداية العلاج هو  أن لا يكون المستقبل مجهولًا، يعنى لا بد من وجود المشروع الوطني، وأرى أن هذه الأزمة الحضارية هى التى أتت بالإخوان إلى الحكم .. لماذا؟، لأن الإخوان كانوا موجودين منذ عام 1928، وكانت هناك مشروعات ليبرالية وناصرية ومشروع السادات الخاص بالسلام والرخاء الذى انتهى بمقتل السادات، فأصبح ليس لدينا مشروع، وما دام لا يوجد  مشروع يبقى المستقبل مخيف، وأقول إن الدولة وقعت فريسة فى شباكهم، لأن الصيغة التى قيلت فى حقبة بعينها «أنتم لكم الدعوة وأنا لى الحكم» هى صيغة فارغة لأن الدعوة تعنى الحكم ولا يمكن الفصل بين الدعوة والحكم، ووقتها كان التصور أنهم محكومون وهم خارج السيطرة بالفعل، وسيطروا، والدولة وقعت فى هذه الشباك، والحقيقة أن 30 يونيو كانت تحقيقًا لمقولة « الأمة فوق الحكومة» لأن الحكومة كانت إخوانية، وبالتالى كان مفروضًا وفقًا لمخططهم أن الدولة دى كلها تبقى إخوانية، لكن هذا لم يحدث، والذى حدث أن الدولة كلها لفظت حكم الإخوان، وأقول إن الذين انتخبوا «مرسي»، انتخبوه ليدير الدولة لا ليستولى عليها وعمل على أخونتها، ومواجهة حكم الإخوان أشبه بمقاومة محتل، وأكرر أنه من الخطأ ألا نبنى على ما حدث فى 30 يونيو، ولا بد من مواجهة الفكر الإخواني، فتغيير الخطاب الدينى لا يكفي، إذ يجب أن يتم بالتوازى مع نشر الوعى والثقافة، ويجب أن يشارك الجميع فى هذا الأمر وليس الدولة بمفردها، وأقول طول ما الشيخ المتطرف يقول كلامًا  فارغًا ومتطرفًا، ويجد استحسانًا سيظل يردد كلامًا فارغًا، والعلاج هنا يُلزم بضرورة وجود عقل قادر على النقد والفرز، وعندما يجد الشيخ هذه العقلية الناقدة سيطور نفسه، والتاريخ يقول إن الخرافات كانت موجودة عند بعض ممثلى كل الأديان،  التنقية لا تتم إلا بالتنوير. 

محررة «روزاليوسف» مع د. أباظة
محررة «روزاليوسف» مع د. أباظة

 

 

■ كيف ترى دعوات المصالحة مع الإخوان التى تصدر منهم فى الخارج؟

- الدولة تعرف لغة القانون، ومن تورط  فى أحداث بعينها يحضر لمصر ويحاكم  ويتعاقب، والذى لم يتورط فى شيء تتم معاملته بالقانون أيضًا، فعندما سقط نظام حسنى مبارك وخرج الشعب يطالب برحيله رحل، والجيش كان يقف مع الشعب، وعندما خرج الشعب يطالب برحيل «مرسي» حاول أن يضع الدولة فى مواجهة الأمة أو الشعب، حفاظًا على حكمه  بالسلاح، وبالتالى هو خرج من الاجتماع الوطنى وأطلق عليه الناس أنه من «الخوارج»، فمن ارتكب جريمته يحاكم عدلًا ومن لم يرتكب جرائم يراقب, وأى محاولة لتشكيل أو الانضمام  لجماعة الإخوان ده يساوى الانخراط فى تنظيمات الإرهابية، إذًا فنحن لا نتحدث عن المصالحة وإنما نتحدث عن سيادة القانون، ولا بد من مواجهة التطرف وكل الخرافات الملتصقة بالدين التى مكنت الإخوان، من أن يكون لهم نفوذ  واسع، ولابد من حركة تنوير تقوم بها الدولة بشكل مستدام، فالتنوير ضرورة لمواجهة مشروع الدولة الدينية الفاشية، ودعم مشروع الدولة الوطنية الديمقراطية وهذا يتطلب الاصطفاف، فالدولة انحازت للمشروع الوطنى فى مواجهة المشروع الديني، وهذا مصدر شرعية النظام السياسي، فما حدث هو  حماية الدولة الوطنية وتثبيت أركانها، ونقول إن التنمية هى إرادة وطنية لا بد أن يشعر بها الجميع، وكل مصرى هو صانع لها ويشارك  فيها كى تصبح ثقافة . 

■ تحدثت عن  فشل جماعة الإخوان المسلمين فى « بلد المنشأ «ماذا عن التجارب الأخرى؟

- أرى مشروع الإخوان يتعارض مع طبيعة الشعب المصرى ليس فقط، أخبرينى هما استمروا فين؟، كانوا أصحاب تأثير واضح فى السودان و نرى  الآن السودان حصل فيها إيه، والصراع المذهبى قسم اليمن، ونرى سوريا راحت فين؟، وشوفنا العراق التى كانت دولة قوية راحت فين؟، فى 30 يونيو عرفنا طريقنا وخرجنا من المطب ده، فاضل بقى أكمل فى اتجاه الوجهة الصحيحة، ولا نشغل بالنا بإخوان لندن وتركيا. 

■ لكن هؤلاء ما زالوا يتحركون فى الخارج ويدعون إلى الفوضى؟

- الأعداء قد لا يدخلون من حدودنا لكن يتسربون كالنمل من عيوبنا، والرئيس السيسى محق لما بيقول أن طول ما فيه تماسك داخلى لا نخشى شيئًا، الشعب المصرى يشارك فى بناء مستقبل هذا الوطن، وعلى النخبة أن تقدم مشروعًا وطنيًا وأن يكون قابلًا للتنفيذ.