الجمعة 30 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

هجر القرآن (2)

هجر القرآن (2)
هجر القرآن (2)




كتب - د. محمد مختار جمعة

إن هجر القرآن لا يقف عند حدود هجر التلاوة أو نسيان الحفظ، إنما الهجر الأكبر هو أن نحفظ القرآن ولا نعمل به، أو أن يكون حفظنا فى جانب وسلوكنا فى جانب آخر.
ولنا فى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أسوة حسنة، فقد كان (صلى الله عليه وسلم) قرآنًا يمشى على الأرض، كما وصفته السيدة عائشة (رضى الله عنها)، أى أن سلوكه كان ترجمة عملية وتطبيقية لآى القرآن الكريم وأحكامه، وتصف (رضى الله عنها) خلقه، فتقول: «كان خلقه القرآن»، وهذا سيدنا سالم مولى أبى حذيفة (رضى الله عنه) أحد القراء الأربعة الذين قال النبى (صلى الله عليه وسلم) فى حقهم: «خذوا القرآن من أربعة»، كان (رضى الله عنه) يقول: «يا أهل القرآن زينوا القرآن بأعمالكم».
وقد بين نبينا (صلى الله عليه وسلم) أن القرآن الكريم قد يكون حجة لنا أو علينا، فقال (صلى الله عليه وسلم): «الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلأُ الْمِيزَانَ. وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلآنِ– أَوْ تَمْلأُ – مَا بَيْنَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَالصَّلاَةُ نُورٌ وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ، وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا» (صحيح مسلم)، وفى الأثر «رُب حامل للقرآن والقرآن يلعنه»، ذلك فيمن يحفظ القرآن ولا يعمل به، بل يعمل بخلاف أحكامه وتعاليمه، وقد ضرب لنا القرآن الكريم مثلاً واضحًا فيمن يحملون كلام الله ثم لا يعملون به، فقال سبحانه: «مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً» (الجمعة : 5)، فلنحذر من الهجر سواء أكان هجر قراءة وتلاوة، أم هجر تدبر وتأمل، أم هجر عمل وامتثال.
على أن الأهم هو الفهم الصحيح لكتاب الله عز وجل، وإخلاص النية فيه لله عز وجل، لا المتاجرة به، ولا العمل على تحريف كلمه، واتخاذه مطية للحصول على مكاسب دنيوية، كهؤلاء المجرمين الذين يقتلون ويدمرون، ويفسدون ويخرّبون، من منطلق تأويل خاطئ أو تحريف واضح لبعض نصوص القرآن، والقرآن والإسلام والإنسانية منهم براء.
لذا نوصى أن تتضمن جميع المسابقات المحلية والدولية فهم أحد الجوانب الإيمانية، أو الأخلاقية، أو الإنسانية، أو المقاصد الكلية، وهو ما نفذناه فى المسابقة العالمية الثانية والعشرين للقرآن الكريم بوزارة الأوقاف المصرية، وهو ما حظى باهتمام وإعجاب وإشادة سائر الضيوف والمشاركين من دول العالم.