الخميس 7 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الرابحون والخاسرون من رفع الفائدة

الرابحون والخاسرون من رفع الفائدة
الرابحون والخاسرون من رفع الفائدة




كتب – أحمد زغلول

 

قرر البنك المركزى، فى اجتماعه، نهاية الأسبوع الماضى، رفع سعر الفائدة على الإيداع والإقراض لديه بنسبة 0.5% ليصل إلى 9.25% و 10.25% على التوالى، وقد جاء ذلك بعد التثبيت لست مرات متتالية، فيعد رفع الفائدة، خلال اجتماع الخميس الماضى، هو الأول والأخير خلال العام الجارى، لاسيما أن أول اجتماع خلال 2015، كان قد شهد خفض الفائدة بنسة 0.5%.
ويأتى قرار رفع الفائدة ،مبدئيًا،(كتحصيل حاصل)، لاسيما بعد أن قامت البنوك نهاية شهر نوفمبر الماضى برفع الفائدة على شهادات الادخار، حيث بلغت الفائدة لدى البنوك العامة على الشهادات الثلاثية 12.5%، كما ارتفعت لدى كافة البنوك العاملة بالسوق، وقد جاء ذلك بإيعاز من البنك المركزى،بعد أن صدر قرار بتولى طارق عامر، منصب محافظ البنك المركزى، مباشرة، وعليه فإن رفع الفائدة قد تم بالفعل واستوعب السوق تأثيراته فى الأسابيع القليلة الماضية.
ولرفع الفائدة ثلاث فوائد مهمة جدًا بالنسبة للسوق، أولها تعزيز قدرة الجهاز المصرفى على جذب المزيد من المدخرات، ومن مودعين جدد، وذلك يتوافق مع الاتجاه نحو تحقيق الشمول المالى، بأن تزيد رقعة المستفيدين من خدمات الجهاز المصرفى، والخدمات المالية بصفة عامة، وقد اجتذبت البنوك ما يقترب من 90 مليار جنيه إيداعات جديدة بعد رفع الفائدة على شهادات الادخار.
وتأتى زيادة الإيداعات فى الجهاز المصرفى، لتقوى قدرتها على ضخ المزيد من القروض والتسهيلات، للمشروعات والأفراد، وتدعم مراكزها المالية، وقد ارتفعت القيمة الاجمالية لإيداعات العملاء فى الجهاز المصرفى بشكل عام،وطبقًا لآخر الاحصاءات المتاحة من البنك المركزى لتزيد عل التريليون و800 مليار جنيه.
أما الأمر الإيجابى الثانى الذى يحققه رفع الفائدة، فهو إحداث الاستقرار لسعر صرف الجنيه أمام الدولار، والتقليص من معدلات الدولرة، لاسيما أن إرهاصات إمكانية زيادة الدولرة قد ارتفعت بعد أن قام مجلس الاحتياطى الفيدرالى الامريكى برفع الفائدة على الدولار، وهو ما يرفع متوسطات الفائدة عليه عالميًا.
وبنظرة بسيطة فإن رفع الفائدة على الإيداع بالعملة المحلية، يدفع المواطنين للإيداع بالجنيه، بدلًا من اللجوء إلى تحويل المدخرات إلى الدولار، حيث كانت قد برزت موجة للدولرة فى ظل عدم اتضاح الرؤية، أما قرارات البنك المركزى فى الفترة الأخيرة تقطع الطريق أمام زيادة الدولرة، ومن ثم تعزيز إجراءات مواجهة أزمة النقد الأجنبى.
أما الأمر الإيجابى الثالث فهو أن رفع الفائدة، يحافظ للمودعين على عائد مناسب، فى ظل ارتفاع معدلات التضخم، حيث إن زيادة معدلات التضخم، تهدد عوائد الادخار بأن تصبح سلبية، ومع زيادة الفائدة، يتمكن المدخر من تحقيق عائد حقيقى.
أما الآثار السلبية للقرار فإنها تتمثل فى أنه سيؤدى إلى رفع الفائدة على أدوات الدين الحكومية، حيث تطرح وزارة المالية أذون خزانة شهريًا بقيمة تصل فى المتوسط إلى 70 مليار جنيه،ويؤدى قرار رفع الفائدة، إلى زيادتها على أذون الخزانة، وهو الأمر الذى يزيد أعباء الدين المحلى الذى تجاوز التريليونى جنيه، على الحكومة.
أما الأمر السلبى الثانى فيتمثل فى رفع الفائدة على قروض الشركات والأفراد، وهو أمر من الممكن أن يؤثر نسبيًا على معدلات الاستثمار،لكن ثمة إجراءات يقوم بها البنك المركزى، تحد من تأثيرات رفع الفائدة،فى الفترة الأخيرة،ومن بينها ضخ 8 مليارات دولار جزء كبير منها من أجل استيراد المواد الخام والمعدات الخاصة بالاستثمار والصناعة، وهو ما يحل مشكلة كبيرة يعانى منها الاستثمار،إضافة إلى ذلك طرح مبادرات لمساندة قطاع السياحة،وإرجاء أقساط الموظفين فى القطاع،وكذا شركات السياحة، إلى جانب ضخ تمويلات للفنادق، بأسعار فائدة من المقرر أن تكون مميزة لمساندة هذا القطاع الهام.
يضاف إلى ذلك فإن البنك المركزى يستعد فى الوقت الراهن لطرح مبادرة كبرى من أجل دفع البنوك للتوسع فى إقراض المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ويستهدف «المركزى» من هذه المبادرة،بحسب طارق عامر،محافظ البنك المركزى، ضخ 100 مليار جنيه كتمويلات للمشروعات الصغيرة فى 7 سنوات.
هذا يضاف إلى تنفيذ البنك المركزى مبادرة للتمويل العقارى، بأسعار فائدة محددة سلفًا بـ7% لمحدودى الدخل، و8% لمتوسطى الدخل،وذلك منذ ما يزيد على العام، وأسعار الفائدة هذه لا ينتظر أن تشهد زيادات بعد القرار.
أما الأمر السلبى الثالث فيتمثل فى أن رفع الفائدة لدى الجهاز المصرفى، سيجعل جزءاً من السيولة المستثمرة فى البورصة يتجه إلى الأوعية الادخارية، وهو ما حدث بالفعل، بعد أن قامت البنوك برفع الفائدة على الشهادات الادخارية فى الأسابيع الماضية، وقد استوعبت البورصة تأثيرات القرار مسبقًا، ولا يتنظر أن تكون هناك تأثيرات إضافية بعد قرار البنك المركزى، لأنها بالفعل استوعبت التأثير، واستأنفت الصعود، بعد أن شهدت تراجعًا فى أعقاب قيام البنوك برفع عوائد الشهادات الإدخارية.
ومن جانبه قدّم البنك المركزى ،تبريرًا،لقراره الذى اتخذه والمتمثل فى رفع أسعار الفائدة بنسبة 0.5%، حيث عزا الإجراء إلى حرصه على توازن المخاطر المحيطة بالتضخم والناتج المحلى الاجمالى مستقبلًا، حيث ترى لجنة السياسات النقدية أن رفع المعدلات الحالية للعائد لدى البنك المركزى من شأنه مواجهة الضغوط التضخمية والسيطرة على توقعات التضخم.
وأوضح «المركزى»، فى بيان، أنه فيما يتعلق بالتضخم،فقد بدأت تظهر بعض الضغوط التضخمية متمثلة فى زيادة أسعار السلع غير الغذائية والتى ساهمت فى ارتفاع معدل التضخم العام ومعدل التضخم الأساسى،فقد ارتفع المعدل السنوى للتضخم العام إلى 11.08%.
وقال: «بنظرة مستقبلية فعلى الرغم من أن انخفاض أسعار السلع الغذائية عالميًا حد من التضخم المستورد،وبالتالى المخاطر الصعودية للتضخم، إلا أن الضغوط التضخمية المحلية قد تؤدى إلى ارتفاع توقعات التضخم».
وأفاد أنه من ناحية أخرى ،حقق معدل نمو الناتج المحلى الاجمالى ارتفاعًا بلغ 4.2% خلال العام المالى 2014-2015 مقابل معدل قدره 2.2% خلال العام المالى 2013-2014، ويعتبر قطاع الصناعات التحويلية، التشييد والبناء، الأنشطة العقارية، والسياحة المساهمون الرئيسيون فى النمو خلال العام المالى 2014-2015 ،على الرغم من استمرار الانخفاض فى قطاع الاستخراجات.
وفى ذات الوقت حدّت الزيادة فى الاستثمارات من الأثر السلبى لاتساع عجز الميزان التجارى.
وبنظرة مستقبلية،بحسب البنك المركزى، فعلى الرغم من أن الاستثمارات الموجهة إلى المشروعات المحلية الكبرى ،من المتوقع أن تساهم فى زيادة النمو الاقتصادى، إلا أن المخاطر النزولية وعدم التيقن المحيط بتعافى الاقتصاد العالمى على خلفية تباطؤ النمو فى الاقتصادات الناشئة والتحديات التى تواجه بعض دول منطقة اليورو،قد تؤدى إلى زيادة مخاطر انخفاض معدل نمو الناتج المحلى الاجمالى.