الجمعة 30 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

القمح المسرطن يدخل مصر على مرأى من المسئولين

القمح المسرطن يدخل مصر على مرأى من المسئولين
القمح المسرطن يدخل مصر على مرأى من المسئولين




الإسكندرية ـ إلهام رفعت

رغم ما يحمله القرار رقم 2992 لسنة 2016 بشأن السلع الاستراتيجية «الذرة ـ الفول ـ القمح»، والمنتظر تفعيله منتصف يناير هذا العام من عوار وقصور، إلا أن الحكومة تصر على تطبيقه، بغض النظر عن أنه يسمح ويمهد لدخول سلع مصابة بأوبئة تدمر صحة المواطنين والمحاصيل والأراضى الزراعية.
ناهيك أن القرار يسحب الصلاحيات من نحو 508 مهندسين زراعيين يعملون بالحجر الزراعى فى 36 منفذًا على مستوى الجمهورية، وفى نفس الوقت يفتح باب الفساد والواسطة فى انتداب بعضهم للعمل فى هيئة الرقابة على الصادرات والواردات، حيث كان من الأولى تأجيل تطبيق هذا القرار حتى إقرار الهيئة القومية لسلامة الغذاء التى تناقش حاليا بمجلس الشعب.
الغريب أن هناك استعجال غير مبرر فى إصدار القرار، فى الوقت الذى يوجد فيه قانون الزراعة رقم 53 لسنه 1966 وتخول إحدى مواده الحق لوزير الزراعة لضمان تموين البلاد أن يأذن فى إدخال الشحنات الزراعية التى تستورد لشئون التموين إذا كانت مصابة بآفات موجودة أو غير موجودة بالجمهورية، إذا أمكن اتخاذ الوسائل الكفيلة لمنع تسربها إلى محاصيل البلاد وزراعتها، وتحت إشراف وزارة الزراعة.
بداية يفند المهندس محمود فهمى، مدير عام سابق بالحجر الزراعى بنود هذا القرار، قائلا: إن المادة 2 التى تنص على أنه «لا يجوز استيراد السلع الزراعية الاستراتيجية إلا بعد الحصول على موافقة استيرادية من الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، ولا يسرى حكم الفقرة السابقة على ما يستورد من هذه السلع لإحدى الجهات الحكومية المعنية باستيرادها» تعنى أنه يتم عمل ملف فنى على نوعية الحشرات والآفات الزراعية فى أى دولة مثل الاستيراد من دول المنشأ، إلا أن الجهة الوحيدة المنوطة بعمل ملفات فنية للسلع المستوردة هى «الحجر الزراعى» و«مراكز البحوث الزراعية» طبقا للقانون 53 لسنة 1966 وهى صاحبة إصدار إذن الاستيراد لهذه السلع.
ويلفت إلى أن هذه المادة ألغت اختصاص الحجر الزراعى والصحة بفحص هذه الرسائل الاستراتيجية وإسنادها إلى الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات دون غيرها، مخالفة بذلك قانون الزراعة 53 لسنه 1966، والقرار الجمهورى رقم 106 لسنة 2000، الذى حدد دور كل جهة رقابية تعمل من خلال الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، ويكون إشرافها إداريًا فقط لاستحالة نقل الاختصاصات الفنية للوزارات إلى الهيئة.
وينوه فهمى إلى تلك المادة يترتب عليها إهدار أموال طائلة للدولة بسبب سحب العينات التى تقدر بملايين الجنيهات، لأن سلعة القمح فقط يتم استيراد ما يقارب من 12 مليون طن سنويا، بخلاف رسوم تطهير الرسائل المصابة وتبخيرها وتقدر بالملايين، ورسوم معامل وزارة الصحة، كل ذلك يعتبر فى حكم الملغى طبقا لهذا القرار.
ويشير إلى أن أى رسالة ترانزيت عابرة فى الأرض المصرية مصابة بحشرات ممنوعة، ويتم تبخيرها عن طريق الحجر الزراعى ونقلها مغلفة مشمعة وبالرصاص فى حراسة الشرطة والحجر الزراعى والجمرك فى حدود البلد الأخرى المصدر إليها الرسالة لضمان عدم تسريب أى جزء منها وترمى الأزمات داخل الأرض المصرية.
ويوضح فهمى بخصوص المادة الرابعة التى تنص: «للهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات أن تتعاقد سنويا مع شركات المراجعة والتفتيش الدولية لإجراء الفحص المسبق فى بلد المنشأ لرسائل السلع الزراعية الإستراتيجية المزمع استيرادها وتحديد مدى مطابقتها للمواصفات» بأنها أوصت باللجوء إلى شركات الفحص والمراجعة والتفتيش الدولية فى بلد المنشأ، ما يهدر على الدولة ملايين الجنيهات فى «240 مليون جنيه» فى حالة إذا تمت الموافقة على دولار للطن علما بأن الفحص النهائى لهذه السلع يتم فى موانئ الوصول المصرية ويمكن رفضها فى حالة مخالفتها التشريعات المصرية.
وتنص المادة الخامسة على «يجوز بناء على طلب المستورد للسلع الغذائية الإستراتيجية أن يطلب من الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات إجراء الفحص المسبق فى بلد المنشأ، ويتحمل المستورد جميع النفقات ولا يحل هذا الفحص محل إجراءات الفحص فى موانئ الوصول»، وهى التى يرى فيها «فهمي» أنها لم تأت بجديد لأن ذلك ما يتم بالفعل من سنوات بعيدة بالاستعانة بلجان الحجر الزراعى واللجان المشتركة لفحص السلع الإستراتيجية ببلد المنشأ وبالتالى تعتبر مادة مكررة ليس بها جديد.
أما المادة السادسة «يندب للعمل بمعامل الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات عدد كاف من الفنيين المتخصصين فى مجال الحجر الزراعى ويصدر بتحديدهم وندبهم قرار من وزير الزراعة لمدة سنة قابلة للتجديد ويخضعون خلال فترة ندبهم للإشراف الفنى والإدارى للهيئة»، وهى التى علق عليها قائلا: إذا كانت الهيئة لا تمتلك الخبرة الفنية والعملية وسوف تلجأ لانتداب العاملين بالحجر الزراعى للعمل بمعاملها طبقا لهذا القرار، فى الوقت الذى تجد فيه أن العاملين بالحجر الزاعى كوادر ويقومون بالفحص الظاهرى وليس الفحص المعملى، و90% من الرسائل الواردة يتم رفضها ظاهريا قبل تأكيدها معمليا وهى سند قانونى تأكيدا لقرار الحجر الزراعى لتحديد مسبب المرض لمخاطبة بلاد المنشأ بأسباب الرفض.
وانتقل فهمى إلى المادة الثامنة المتضمنة: «يلغى كل حكم يخالف أو يتعارض مع أحكام هذا القرار» أى تلغى القانون الزراعة المصرى من رئاسة الجمهورية ومجلس النواب 53 لسنه 1966 وقرار رئيس الجمهورية 106 لسنه 2000، متسائلا: كيف للسلطة الأدنى-رئيس الوزراء- أن يلغى قرار السلطة الأعلى رئيس الجمهورية؟.
من جانبه قال أحد العاملين بالحجر الزراعي، رفض ذكر اسمه لصدور قرار بمنع الإدلاء بأى معلومات صحفية: إن هناك تضليل لجهة إصدار تلك القرار، وأنه خوفا على المصلحة العامة رفض جميع مديرى العموم بالحجر الزراعى التوقيع على هذه القرارات باستثناء مدير المكتب الفني، الذى عرض القرارات، ورئيس قطاع الخدمات الزراعية، الذى تبنى هذه القرارات، وتم تقديم مذكرة مؤقتة فى ذلك ومحضر اجتماعات فى 4/10/2016، و8/10/2016 قطاع الخدمات الزراعية بوزارة الزراعة ورئيس قطاع مكتب الوزير، ومن وقتها تم تجميد جميع اجتماعات مديرى العموم بالحجر الزراعى وتجميد لجنة أعمال الحجر الزراعى التى نص عليها قانون الزراعة 53 لسنة 58.
وتساءل: كيف يتم إلغاء دور الحجر الزراعى فى الواردات لبعض السلع الإستراتيجية الزراعية وهو المسئول فى الاتفاقية الدولية عن جميع الواردات والصادرات الزراعية من وإلى جميع دول العالم طبقا للمعايير الدولية فى الاتفاقية، فأين المصداقية أمام دول العالم بعد إلغاء صلاحيات فى الواردات؟، مؤكدا أن مصر أكبر مستورده للقمح فى العالم وهذا القرار يعطى الفرصة لدخول أقماح مصابة بالأمبروزيا والأريجوت، ما يهدد صحة المواطنين وإصابة المحاصيل والأراضى الزراعية.
ويضيف: بدلا من بناء مستشفيات لعلاج السرطان وإنفاق الملايين من الجنيهات على علاج المرضى يجب منع مسببات المرض من منبعها وإعطاء المتخصصين من مهندسين زراعيين فى الحجر الزراعى حقهم فى الرقابة للصالح العام، مؤكدا أن مديرى عموم الإدارات العامة للحجر الزراعى وثقوا ملاحظاتهم بمذكرة فى 8 أكتوبر 2016 للعرض على رئيس قطاع الهيئات وشئون مكتب الوزير.