الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

25 يناير مادة للذاكرة أم للذكريات

25 يناير مادة للذاكرة أم للذكريات
25 يناير مادة للذاكرة أم للذكريات




كمال عبد النبى  يكتب:

تمر هذه الأيام الذكرى السادسة لثورة 25 يناير التى حققت نجاحًا منقطع النظير حتى صارت نموذجًا متميزًا للثورات العظيمة.
ومثلها مثل كثير من الثورات فى العالم ظهرت الصراعات السياسية من عالم النخبة السياسية العاقلة والحكيمة والتى تقبل الحلول الوسط إلى الجماهير العريضة والمليونيات المتعاكسة والمتضادة والتى يغلب على خطبائها دغدغة العواطف.
أعتقد أن رغبة الجميع فى الاستحواذ على كل شيء وعدم قابلية أى طرف سياسى أو قوى مؤسسية أن يترك شيئا للآخر.
وظهرت الرغبة فى إلغاء كل الماضى وكأن تاريخ مصر بدأ منذ ثورة 25 يناير.. وكأنه لم يولد فى مصر وطنى مخلص قبل 25 يناير.
إن الخلاف حول ثورة يناير سوف يبقى من أخطر جوانب الانقسام التى شهدتها مصر والسبب فى ذلك أن الثورة كانت بلا رموز وبلا برامج واضحة ولهذا كان من السهل اختطافها من فصيل سياسى منظم وهى جماعة الإخوان المسلمين، وظن كثيرون أنه يستطيع حكم مصر دون أى مؤهلات تؤهله لذلك، وهذا كان واضحا فى نوعيات المرشحين لأول انتخابات رئاسية بعد هذه الثورة العظيمة.
وظهرت رغبة لدى المجموع فى أن يبتلع كعكة الحكم فى مصر وحده دون الآخرين.
ولعل ذلك ما وصل بالإخوان إلى السلطة أمام نخبة اكتشفت حجم العجز الحقيقى الذى تعانى منه أمام غياب واضح فى الشارع المصرى ولانقسامات حادة بين رموزها جعلت الإخوان يصلون إلى السلطة على أشلاء كل هذه التيارات، وكذلك أن وصول الإخوان للسلطة لم يكن يعنى بالضرورة إسقاط النظام السابق لأن معارضة الإخوان كانت فى حقيقتها جزءا من هذا النظام وشريكا فى سياساته وحين وصلت إلى السلطة لم تحسم قضايا كثيرة فى مقدمتها قضايا الفساد المالى ومحاكمة المسئولين السابقين وهو عكس ما ينفذ فى عهد الرئيس السيسى الآن وزيادة على ذلك إن الإخوان تراجعوا كثيرا عن محاسبة النظام السابق فى قضايا تهريب الاموال وعلى نقيض ما دار الآن وكذلك ما حدث من تجاوزات فى توزيع أراضى الدولة وبيع مشروعات القطاع العام وبرامج الخصخصة وتغيير القوانين وقبل هذا كله محاسبة المسئولين السابقين فى جهاز الكسب غير المشروع وإسقاط قضايا كثيرة كان ينبغى أن تخضع للحساب.
ولكن الآن من الظلم الشديد لثورة يناير أن نخضعها الآن للحساب على أساس المكسب والخسارة لأن القضية أكبر من ذلك، هذه الثورة سوف تأخذ مكانها ومكانتها على ضوء ما سيحدث فى مصر المستقبل.
وكذلك أن الفصل بين الثورتين يناير ويونيو خطأ فادح لأن يناير هى الثورة الأم ولأن الشعب المصرى خرج فيها بالملايين رافضا واقعه الأليم الذى حاصره ثلاثين عاما ما بين الجهل والفقر والفساد، لم يكن النظام السابق وحده مسئولا عما وصلت إليه أحوال المصريين ولكن الإخوان كانوا شركاء فى الجريمة ولهذا تخصلت ثورة يونيو من الإخوان استكمالا لأهداف ثورة يناير التى أسقطت العهد البائد.. أما هؤلاء الذين يترصدون ثورة يناير بالأكاذيب فلهم أهداف ومصالح يعرفها الجميع.
على هؤلاء أن يسألوا أنفسهم ألم تكن ثورة يونيو إحدى نتائج ثورة يناير، ولو أننا افترضنا ان ثورة يناير لم يتحدث وأن النظام السابق لم يسقط وأن الإخوان لم يرحلوا من أين ستأتى ثورة يونيو.
وإذا افترضنا ان ثورة يناير فشلت ولم يسقط النظام البائد وسألنا أنفسنا عن أحوالنا الآن مع بقاء النظام السابق كان من المفروض أننا الآن فى غياهب السجون وساحات المحاكم وأن رموز فساد «الوطنى» و«الإخوانى» ما زالت تحكم هذا البلد.
ويجب ألا ننكر لأنه لا يستطيع منصف أن يتجاهل دور الجيش فى حماية الثورتين، إن جيش مصر هو الذى منع جريمة كبرى اسمها الحرب الأهلية حين تولى المجلس العسكرى إدارة شئون البلاد بعد رحيل النظام السابق وهو الذى حفظ البلاد من جريمة الانقسام فى عهد الإخوان المسلمين وهو الذى استطاع أن يخرج بالبلاد من مستنقع الدم الذى يحاصر المنطقة كلها الآن، ويكفى أن هذا الجيش بالتعاون مع جهاز الشرطة هو الذى أعاد الأمن والاستقرار إلى الشارع المصرى.
الخلاصة عندى أن يناير ثورة حقيقية وهى الثورة الأم التى حملت معها كل ما حدث فى مصر من متغيرات قد نختلف حول سلبياتها وإيجابياتها ولكن الحقيقة المؤكدة أنها وراء كل ما تشهده مصر الآن من متغيرات فى السياسات.