الإثنين 6 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«بشترى راجل».. بين فانتازيا «تأجير» الزوج والواقع

«بشترى راجل».. بين فانتازيا «تأجير» الزوج والواقع
«بشترى راجل».. بين فانتازيا «تأجير» الزوج والواقع




تحقيق -  آية رفعت

حالة واسعة من الجدل أحدثها فيلم «بشترى راجل».. فرغم بداية عرضه منذ ساعات قليلة إلا أن فكرة الفيلم التى تعتمد على شىء من الفانتازيا الكوميدية أثارت جدلا ومخاوف البعض من أن يتم انتشار فكرة الفيلم بين شباب البلد، خاصة بعد وجود الفيديو الذى استخدمه صناع الفيلم للدعاية حول فتاة تطالب بشراء رجل لتنجب أولادا.
الفيلم هو أحد سيناريوهات الدورة الأولى لورشة بيرثمارك سيناريو التى تقوم على العمل الجماعى لتطوير أفلام سينمائية طويلة باللغة العربية، ابتداء من مرحلة المعالجة إلى أن تصبح سيناريوهات متكاملة قابلة للإنتاج أو البيع وذلك على مدار 6 أشهر يتم خلالها تطوير من 6 إلى 8 معالجات طبقًا لجدول زمنى ينعقد بموجبه جلسات أسبوعية للكتّاب ولقاءات دورية بصنّاع المجال، وذلك تحت إشراف كاتب ومنتج فنى محترفين وهو من تأليف الكاتبة  إيناس لطفي.
وتدور القصة حول شمس (نيللى كريم) امرأة فى مُنتصف الثلاثينيات، ذات شخصية عملية صارمة وحادة الطباع، ناجحة فى عملها، تَكتشف أن فرصتها فى الانجاب أصبحت قليلة ولأنها مُعقدة من الرجال تُفكر فى طريقة للانجاب دون زواج تقوم بعمل إعلان للبحث عن زوج صورى لتُنجب طفلها عن طريق عملية الأنابيب.

فتلتقى ببهجت (محمد ممدوح) طبيب بيطرى فى أواخر الثلاثينيات من عمره، ذو شخصية عَفوية وتلقائية ومُتعثر ماديا، يقبل مُضطرا صرامة شمس وحدة طباعها طمعا منه فى مقابل مادى لزواجه الصورى منها يكون العائق الأكبر أمامه هو كيفية إخفاء الأمر عن رفيقته سالى والتى وعدها بالزواج فور تحسن حالته المادية.
ولعل الملفت فى النظر بالفيلم هو طريقة الدعاية الخاصة به والتى سبق الإشارة اليها، وعن أسباب اختيار هذه الطريقة بالأخص قالت منتجة الفيلم دينا حرب إنها طريقة جديدة يتم استخدامها فى الخارج وهى سهلة وغير مكلفة خاصة مع ضيق الأحوال المادية للفيلم. فقاموا باطلاق فيديو لفتاة تدعى «شريهان» تطالب فيه بنفس الطلب الذى عرضته بطلة العمل، وذلك ليقيسوا رد فعل الجمهور عليه مما جعل الأمر يبدو غريبا والكثير بدأ النقاش به بل ودراسته والتحقيق فيه إلى أن قاموا بالظهور بالقنوات التليفزيونية لتوضيح أن الأمر كان ضمن خطة دعاية للفيلم ولكنهم نجحوا فى إثارة الجدل حوله.. مضيفة أن هذا النوع من لدعاية لم يضر العمل بل على العكس أثار قضية مهمة تحدثت عنها وسائل الإعلام بشكل كبير.
كما أشارت حرب إلى أن كلا من الفنانة نيللى كريم والمخرج محمد على قد وضعوا أجرهم بالعمل ضمن التمويل الخاص به إيمانًا منهم بفكرة الفيلم، بالإضافة للمنتج صفى الدين محمود ومجموعة من محبى السينما الذين ساهموا به كنوع من الاستثمار.. مؤكدة أنها وضعت جدولًا زمنيًا قاسيًا جدا من أجل تنفيذ المشروع، بسبب ارتفاع سعر الدولار وارتفاع التكاليف، حيث بدأت التحضيرات خلال شهرى سبتمبر وأكتوبر، ثم التصوير خلال شهر نوفمبر فقط، ثم قامت بأعمال التصحيح والمونتاج فى شهرى ديسمبر ويناير استعدادًا لطرحه تزامنًا مع الاحتفال بعيد الحب.
ورغم أن قصة الفيلم من خيال المؤلف إلا أن السؤال يبقى هل من الممكن ايجاد فتاة تطلب شراء رجل بهذه الطريقة خاصة مع تغيير المجتمع وبروز ظواهر جديدة نتيجة لاختلاط الثقافات وتأخر سن الزواج. فى البداية تحدثت الناقدة ماجدة خير الله مؤكدة أن اعتبار الأمر يمكن يغير شيئا بالمجتمع نوعا من المبالغة لان الفيلم عمل كوميدى وفكرة تمت تناولها من قبل، فقامت الفنانة تيسير فهمى من قبل بطرح فكرة تأجير الأرحام فى أحد أعمالها كما أنه أكثر من عمل مصرى تعرض لخطورة «الصوفة» والتى يستخدمها بعض الأهالى نتيجة للجهل المنتشر فى بعض القرى والنجوع على الرغم من كونها حراما. ورغم كل هذه الظواهر إلا أن المجتمع لم يتأثر بها ولم تنتشر.
وأضافت قائلة: «أسرة الفيلم لم تستطع الاصطدام بالمجتمع وقد يكون هذا الأمر غريبا بالنسبة لعادات وتقاليد المجتمع ولكنهم أعطوا لها حلا شرعيا بزواجها منه، وأعتقد أن فكرة الفيلم عادية ولكن ما أثار الضجة حوله هو أسلوب الدعاية الخاصة به خاصة الفيديو والمقياس هنا أن المرأة التى تطبق عليها شروط الفيلم هى امرأة قوية اقتصاديا ومعتمدة على نفسها اعتمادا كامل أى لا تحتاج لمأوى أو لرجل يساعدها بمصروفاتها، كما أنها تستطيع أن تواجه الأهل والمجتمع وهذا لا يتوافر كثيرا رغم تغير المجتمع».
ورغم أن الفيلم يدعم الحالة الإنسانية إلا أن رأى أهل الفقه كان ضد الفكرة من أساسه حيث قال د. عطا السنباطي، أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن بكلية الشريعة والسنة، إن الزواج «المشروط» والمحدد بموعد أو أجل معين يعتبر باطلا.. مؤكدا أن الزواج الشرعى مختلف عما يدعونه البعض مدنيا فالزواج بالإسلام يشترط فيه الاستمرارية وفكرة وضع توقيت محدد لا ينشئ أسرة يملؤها الحب ورعاية الأطفال وتربية نشء صالح.
وأضاف السنباطي: «بصرف النظر عن أن هذا الأمر مأخوذ من الثقافة الأجنبية حيث يلجأ بعض السيدات إلى بنوك الدم أو إلى الاتفاق مع أى رجل لتنجب منه فقط لكى تشعر بأنها تسهم فى الصفات الوراثية التى يحملها ابنها وهذا أمر يعتبرونه أفضل من التبني، وبما أن الامرين السابقين كلاهما محرم فهذه الظاهرة الموجودة بالفيلم هى مثل التعامل مع «بنك» الأطفال الذى لدى الغرب ولكن تحت غطاء شرعى ليس إلا وهذا ليس مستحبا لأن من شروط الزواج أن يكون مبنيا على تكوين أسرة صالحة لا على المصالح والشروط الوقتية».
ومن جانبها نفت د. سامية الساعاتى أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس وعضو المجلس الأعلى للثقافة امكانية تحول حالة «شمس» إلى ظاهرة اجتماعية مهما زادت نسبة (العنوسة) حيث قالت: «الفكرة مأخوذة من الغرب وأكثر من جهة فهى تتعامل مثل ملكة النحل التى تقتل زوجها بعد وضع البيض، وهذا الكلام خطير للغاية ويصعب على مجتمعنا استيعابه إلا فى شكل فانتازيا مثلما تم تناولها فى الفيلم. ولكن تطبيقها كظاهرة فى الواقع لن تكون إلا مثل بعض الحالات الفردية مثل حالات الـsingle mother فهن لم يشكلن ظاهرة ولكن تمثلن فى شخصيات مثل هند الحناوى وزينة وغيرهما. ولكن لن يرتقى الأمر لفكرة الظاهرة لعدة أسباب. أهمها أن المجتمع سيرفض تطبيقها مهما كانت نسبة وأسباب العنوسة. فنحن لدينا قوانين وتقاليد نسير عليها والغرب على عكسنا فهناك العديد من الأشياء مسموح بها مثل بنك «الحيوانات المنوية» والعلاقات العابرة بالاتفاق والانجاب دون زواج وهى موضوعات خطيرة مرفوضة ولن تطبق بالشرق وإذا ظهرت حالات مثلها ستهاجم بشدة».
كما قالت الساعاتى: إن الزواج يجب أن يكرس ويدعم العلاقات الإنسانية والتى تعتبر أسمى شيء بالوجود فهى ليس تواصل جسديا فقط ولكنه تواصل اجتماعى وإنسانى ونفسى وقائم على المودة والرحمة.